بوقنطار يكشف « الفجوات القانونية » في قرار المحكمة الأوربية إبطال اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب (+فيديو) اليوم 24
تعليقا على قرار محكمة العدل الأوربية المتعلق بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المملكة المغربية والاتحاد الأوربي لسنة 2019، قال الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية، إن ملف الصحراء انتهى سياسيا، لكن هناك تحديات باتت تواجه المغرب عقب صدور حكم محكمة العدل الأوربية، ومنها الجوانب التي تعترضه من الناحية القانونية.
وفي الوقت الذي أوضح بوقنطار على هامش مداخلة له في لقاء لهيئة المحامين، حول قرار محكمة العدل الأوربية، أمس الخميس بالرباط، بأن ملف الصحراء انتهى سياسيا والمغرب ليس معنيا بقرارها، لكنه شدد في المقابل على عدم نهايته قانونيا، وأن هناك إشكالات تواجهه، منها ضرورة الطعن في التوصيف الذي يقول إن إقليم الصحراء مازال لا يخضع للأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي.
ومن الإشكالات الأخرى التي اعتبرها بوقنطار تحديات تواجه البلاد في تدبير أزمة الصحراء، هي قرارات مجلس الأمن، لأنها تكرس اختيار ما نسميه بـ »الحكم الذاتي »، كأرضية وحيدة للتفاوض.
وهناك معركة ثالثة يرى بوقنطار أن الدبلوماسية المغربية مجندة لها، وهي ضرورة طرد ما يسمى بالجمهورية الوهمية من الاتحاد الإفريقي.
بوقنطار أبدى ملاحظات أولية في شأن محكمة العدل الأوربية، التي تعتبر من الأجهزة الأساسية داخل البناء الأوربي، وليست المرة الأولى التي يتفاعل معها المغرب، حيث سبق لها إصدار عدد من الأحكام، قبل أن يوضح أن علاقة المغرب مع الاتحاد الأوربي باتت علاقة ملتبسة، لأنه عندما نتحدث عن الاتحاد الأوربي، فإننا نتحدث عن تعدد الأجهزة التي تحاول أن تتوازن فيما بينها.
بالنسبة للمتحدث، فإن المحكمة ترى أن الاتفاق ما بين الاتحاد الأوربي والمغرب، لم يكن كافيا فيما يتعلق بإبراز موافقة ما سمي بـ »الشعب الصحراوي » لبنوده.
يبرز بوقنطار أن المحكمة فعلا تؤكد أن المفوضية الأوربية، قامت باستشارات متعددة، لمعرفة رأي الساكنة، وموافقتها على الاتفاق، لكن بالنسبة إليه هنا توجد الهفوة الكبرى وهي غلبة الجانب السياسي، من كون الآراء هي لساكنة لا تنتمي لما تصفه بـ « الشعب الصحراوي »، موضحا أن المحكمة لم تقدم تفسيرا واضحا للأسس التي بنت عليها هذا التمييز، ففي نظره المحكمة جانبت الصواب في هذا السياق، وغلبت المنطق السياسي لصالح تصور أعداء الوحدة الترابية، وبذلك أرجعتنا إلى سنة 1971، يضيف بوقنطار، وإلى التصور الذي كان يعتبر أن الصحراويين هم الذين تم إحصاؤهم من طرف إسبانيا، وكان ساعتها العدد لا يتجاوز 70 ألفا، وهذه كانت النقطة الخلافية الكبرى فيما يتعلق بهذا الملف.
ولذلك عندما ميزت واعتبرت المحكمة، أنه لم تتم استشارة من تصفهم بـ »الشعب الصحراوي »، نحن نتساءل أيضا من جانبنا من هو « الصحراوي »، وهنا نعرف جيدا، يجيب بوقنطار، أنه وقعت تحولات ديمغرافية، منذ استرجاع المغرب لصحرائه، وهناك أجيال تعاقبت في الصحراء، وبالتالي إذا كان من الضروري بخصوص هذه النقطة، أن نفحم المحكمة، فإنه يظهر لي أن تعليل المحكمة الأوربية لحكمها، كان ضعيفا، يجانب المعطيات السوسيولوجية، والحقوقية، والمعطيات المرتبطة بمراقبة المنتظم الدولي لهذا الملف، وخاصة فيما يتعلق بالاستفتاء.
يشدد أستاذ العلاقات الدولية، على أن حكم المحكمة الأوربية موضوع ذو أهمية كبرى بالنسبة للبلاد، في سياق إنهاء مسلسل النزاع المفتعل منذ سنوات من طرف خصوم الوحدة الترابية.
بوقنطار، قال أيضا، إن المغرب ليس معنيا بالقرار، ولم يكن طرفا، وإن كان من بين الأطراف التي ساهمت في تقديم مذكرة الطعن، الفيدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، ضد جبهة البوليساريو، بالإضافة إلى اثنين من الأطراف الطاعنة وهما المفوضية والمجلس.
في تحليله، فالحكم يطرح قضيتين رئيسيتين، أولهما قبول محكمة العدل الأوربية بـ « جبهة الانفصال » كطرف للتقاضي، باعتباره الطرف الذي قدم الدعوى في البداية، على الرغم من التساؤلات المطروحة هل تملك الصفة للتقاضي أمام المحكمة الأوربية؟!! لأنه بالرجوع إلى المادة 263 التي تنظم اللجوء إلى هذه المحكمة، يكشف بوقنطار، نجد أنها تنص على أنه « يمكن لكل شخص ذاتي أو معنوي، أن يتقدم بطعن إلى الأعمال الموجهة له أو التي تهمه مباشرة وبشكل فردي، أو ضد التصرفات التي تعنيه مباشرة، والتي لا تتضمن إجراءات تنفيذية ».
وبناء عليه، يوضح بوقنطار، أن كلا من المفوضية والمجلس الأوربيين، تقدما بطعنهما ضد « البوليساريو »، لأنها لا تتوفر على صفة التقاضي، لأنها شخص ذاتي، وليست شخصا معنويا، ولا ترتبط بنظام قانوني وطني.
وتساءل بوقنطار هل تتوفر « البوليساريو » وفقا لذلك على أهلية التقاضي، وهل لها صفة الوقوف أمام القضاء!!؟ بالنسبة للمحكمة الأوربية وإن لم تعترف للكيان الوهمي بالصفة المعنوية، فإنها تعترف له بالصفة الذاتية باعتباره مشاركا في المفاوضات الأممية الرسمية حول الصحراء، ويعلن عن نفسه حركة تحررية تطالب بالحكم الذاتي.
بالنسبة لبوقنطار، فإن المحكمة تتعامل مع الكيان الوهمي، لأنه يدافع عن إقليم مازال يندرج ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، على اعتبار أن اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، مازالت تتدارس هذا الموضوع، وهنا يشدد بوقنطار على ضرورة خوض المغرب للمزيد من المعارك على هذا المستوى، لأنه لا يعقل أمام الاعترافات بسيادة المغرب على صحرائه، نجد أن الأمم المتحدة يضيف المتحدث، مازالت لم تغير منظورها لهذا الإقليم.
في جميع الأحكام التي صدرت عن المحكمة الأوربية، والتي كانت تتعلق بكيان الانفصال، كانت تعتبر وإن كان لا يتمتع بالشخصية القانونية الدولية، فإنها اعتبرته « طرفا مقبولا للتقاضي في المحكمة ».
وهنا يكشف بوقنطار الفجوات القانونية لهذا الحكم، لأنه يرى أن المحكمة الأوربية لم تأخذ بعين الاعتبار وجود فاعلين آخرين، يمثلون « الشعب الصحراوي »، والذين يساهمون في الاستشارات التي تقع بالمغرب، ويعبرون عن انتمائهم إليه، وهنا المحكمة، يشير بوقنطار، لم تولي مع الأسف الشديد أي أهمية لهذا الجانب.
المصدر: اليوم 24