بوعيدة يكشف وصفة إصلاح التعليم العالي ويرفض اعتبار الجامعة مرتعا للفضائح الأخلاقية

قال الأكاديمي والسياسي عبد الرحيم بوعيدة، إن الجامعة المغربية تعامل بمنطق “المستعجلات”، وهو ما عبر عنه أمام رئيس الحكومة ووزير التعليم العالي الأسبق عبد اللطيف الميرواي، مشيرا إلى أن هذه المقاربة لا تعكس عمق المشكلة ولا تساهم في إيجاد حلول فعالة. واعتبر بوعيدة أن التدخلات الاستعجالية يجب أن تكون موجهة إلى العمليات الجراحية فقط، وليس إلى التعليم الذي يحتاج إلى تخطيط طويل الأمد ورؤية استراتيجية.
وتطرق البرلماني خلال استضافته في برنامج “نبض العمق” الذي يبث مساء كل جمعة على منصات جريدة “العمق” إلى التناقضات الموجودة في النظام الجامعي، حيث يوجد في نفس الجامعة أكثر من نظام، مثل “الباشلور” والنظام القديم والنظام الجديد، إضافة إلى إجازة التميز والإجازة العادية. هذه التعددية، بحسب بوعيدة، تخلق نوعًا من الارتباك وتشوش على الطلبة الذين لا يعرفون أي مسار يجب أن يتبعوه. وأكد أن هذه الأنظمة المتداخلة تساهم في إرباك الطلبة ولا تساعد في توفير تجربة أكاديمية واضحة.
كما انتقد الجامعي ذاته كثرة مخططات الإصلاح التي لا تترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، مشيرا إلى أن المسؤولين قد أفرغوا الهياكل الجامعية من دورها الحقيقي. وفي هذا السياق، حمل الأساتذة الجامعيين أيضا جزءًا من المسؤولية بسبب عدم قيامهم بالدور المنوط بهم داخل هذه الهياكل الجامعية.
وفيما يتعلق بإمكانية إصلاح التعليم العالي في ظل الوزير الحالي، أشار بوعيدة إلى أن سنة ونصف لا تكفي لإصلاح الجامعة رغم أن الوزير الحالي، الذي ينتمي إلى الجامعة المغربية ويفهم الأعطاب التي تعاني منها، يبدي حسن نية. لكن، أكد بوعيدة أن الحلول الفعالة تتطلب وقتا أطول وأكثر من مجرد تغييرات سطحية.
وأكد برلماني حزب الاستقلال أن إصلاح التعليم العالي لا يمكن أن يتحقق إلا بالعودة إلى النظام القديم، الذي كان يقتصر على أربع سنوات للحصول على الإجازة. وأوضح أن النظام الحالي، الذي يتطلب أربعة أشهر من الامتحانات بينما لا يتلقى الطالب سوى شهر واحد من الدراسة، غير منطقي ولا يعكس متطلبات التعليم الجاد. كما أشار إلى أن الامتحانات التي تعتمد على نظام الـQCM لا تعطي الطلبة الفرصة لتطوير مهارات التحليل أو المنهجية، ولا تساعدهم على تحسين لغتهم.
ورغم الانتقادات الموجهة للجامعة المغربية، نفى المتحدث أن تكون الجامعة مرتعا للفضائح الأخلاقية، مؤكدًا أن الحالات المتهمة هي حالات معزولة ولا تتجاوز خمس حالات فقط. وأضاف أن هذا لا يمثل شيئا بالمقارنة مع العدد الإجمالي للأساتذة الجامعيين الذين يتجاوز عددهم 13 ألف أستاذ، والذين يواصلون تقديم جهودهم في خدمة الجامعة المغربية.
وفي سياق أوسع، قال بوعيدة إن مشكل الجامعة المغربية يعود إلى طريقة تدخل المسؤولين في إصلاح القطاع، مؤكدًا أن الجامعة ليست في أفضل حالاتها بسبب الإصلاحات التي تراكمت على مر السنين، مما جعلها تتراجع إلى مستوى “مدرسة صغيرة”. وأشار إلى أن غياب النقاش العمومي داخل الجامعات وغياب الحرم الجامعي يعكس التراجع العام الذي تعيشه الجامعات المغربية.
وفيما يتعلق بمكانة أساتذة الجامعة في المجتمع، تحدث الأكاديمي ذاته عن ظاهرة “أساتذة تيك توك”، مؤكدا أن عددهم محدود، لكنه أشار إلى أن هيبة الجامعة المغربية قد تراجعت بسبب مجموعة من الأسباب، أهمها التغيرات في النسق العام للمجتمع. وفي الماضي، كانت الجامعة قوية عندما كان المجتمع قويا، وكانت تؤثر في المجتمع وتوجهه. وقد خرجت الجامعة في العديد من المظاهرات التي كانت تطالب بالقضايا المحلية والدولية.
المصدر: العمق المغربي