بنموسى يستعرض استراتيجية إدماج الذكاء الاصطناعي في قطاع التربية
“المغرب مدعُوٌّ إلى اغتنام مختلف فرص توسّع موجة الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة الاقتصاد، وكذا تحسين شامل لمؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية والبيئية”، هذا التأكيد جاء على لسان شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، قبل أن يثمّن فكرة تنظيم “المنتدى الأول رفيع المستوى حول الذكاء الاصطناعي”، المستمر برحاب جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالرباط، “لأنه فرصة لمناقشة الدور الحاسم للذكاء الاصطناعي في تطوير التعليم في المغرب وإفريقيا”.
وقال بنموسى، الذي اعتلى منصة المنتدى، متحدثاً خلال جلسة الافتتاح، اليوم الإثنين، إن وزارته “مُلتزمَةٌ، بشدة، بتعزيز البحث والتطوير والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي التعليمي”.
وزير التربية الوطنية لم تخلُ كلمته من إقرار واضح، أمام طلبة باحثين وخبراء في مجال التكنولوجيا وصناع قرار وممثلي منظمات مدنية، بأن “دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم أضحى أمراً ضرورياً لإعداد تلامِذتنا وطَلبتنا لتحديات القرن الحادي والعشرين”، مقترحاً “الاستثمار في تدريب الأساتذة وتشجيع الابتكار واتّباع نهج شامل، ما يمكّننا من إنشاء نظام تعليمي مَرِن ومستجيب للعصر الرقمي”.
وبينما سجل بنموسى “تزايُد تأثير الذكاء الاصطناعي على القارة الإفريقية، مع تداعيات كبيرة في مختلف المجالات، بما فيها التربية والتعليم والتعلّم الذي لن يظل في منأى عن ذلك”، تابع مفصّلا بهذا الخصوص: “إنه استبدالٌ تدريجي للإنسان في تحقيق وإنجاز المهام المتكررة وغير المعقّدة، وكذا في توفير خدمات المساعدة والمساعدة القابلة للتكيّف والشخصَنَة… كما أنه يوفر سهولة الوصول إلى قواعد المعرفة والنماذج التنبؤية التي يمكن أن تزيد الإنتاجية بشكل كبير وتضمَن تحسُّن الأداء الفردي والجماعي”.
والمغرب، بحسب الوزير ذاته، “مدعُوٌّ إلى اغتنام مختلف فرص توسّع موجة الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة الاقتصاد، مع تحسين شامل لمؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية والبيئية”، مضيفاً أنه “يجب إدارة هذا التحول، الذي لا مفر منه ويؤثر على جميع مناحي الحياة، بشكل جيد”، قبل أن يستدلّ بـ”مضامين النموذج التنموي الذي بدأت الحكومة تنفيذه بوصفه إطارًا تمكينيًا لإدارة هذا التحول”، حسب وصفه.وأضاف المسؤول الحكومي في نبرة توكيد: “يجب إدارة هذا التحول الذي لا مفر منه ويؤثر على جميع مناحي الحياة، بشكل جيد…”، منوّهاً بوضع أشغال هذا المنتدى في “منظور المشاركة والانفتاح على إفريقيا”.
وقال المتحدث ذاته: “تثير تحديات الذكاء الاصطناعي الحاجة إلى تعاون عالمي يتكيف مع هذا القطاع للحد من الفجوة الرقمية وتقليل الفوارق التكنولوجية بين بلداننا. إن تعزيز قدرة الجهات الفاعلة من حيث الخبرة في القارة الإفريقية هو مدخل فعال للحد من هذه الفجوات ودعم مجتمعاتنا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
كما لم يخلُ حديث شكيب بنموسى خلال الجلسة الافتتاحية للحدث المذكور من التنويه بـ”الدور بالغ الأهمية الذي تؤديه وتُواصِلُه منظمة ‘اليونسكو’ في التفكير في القواعد الأخلاقية المرتبطة بالطفرات التي تطرحها رقمنة متزايدة ومتسارعة تشهدها الإنسانية”، مسجلا أن “توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي هي أول إطار معياري عالمي للحوكمة الملائمة والاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي؛ ويهدف إلى تحقيق الفوائد التي يجلبها للمجتمع وقياس جميع الآثار والتحديات المعقدة، بما في ذلك الأخلاقيات وحقوق الإنسان والأمن”.
وعدَّ بنموسى أن “اعتراف اليونسكو بمركز حركة الذكاء الاصطناعي كـ’مركز تميز من الفئة الثانية’ هو تقدير للمملكة نظير العمل الذي أنجزته UM6P، وقادة مجموعة الامتياز هذه التي تواصل تعزيز أنشطتها لدعم التحولات التي يمر بها عالم الذكاء الاصطناعي”.
ومع ذلك يستدرك المسؤول الحكومي المغربي بأنه “من الضروري اليوم تسريع وتيرة تقدم بعض المشاريع التي يتّضح أنها ذات أولوية متزايدة”، وفق تعبيره.
محاور الخطة
“العامل البشري هو بالفعل البُعد المركزي لهذا التحول الطارئ بسبب الذكاء الاصطناعي”، يورد بنموسى، راسماً للحضور أبرز الخطوط والمحاور الرئيسة لـ”خطة إستراتيجية طموحة لتكامل وإدماج الذكاء الاصطناعي” أعدّتها وزارته، وتستند في المحمل إلى 5 محاور للتطوير.
وبينما يركّز المحور الأول على “إعادة تصميم التكوين وإصلاح مهنة التدريس باستدماج الذكاء الاصطناعي”، اعتبره الوزير “جزءاً من مشروع شامل بدأته الوزارة بالفعل كجزء من تنفيذ خارطة الطريق الإستراتيجية، وعلى الأخص كجزء من برنامج ‘مدارس الريادة’ الذي يهدف إلى تحسين العرض التعليمي من خلال تزويد المعلم بأدوات بيداغوجية لقياس أداء الطلاب وعلاج ثغراتهم”.
“إن إدخال الذكاء الاصطناعي سيمكّن من تعزيز إضفاء الطابع الشخصي على عمل التدريس وتكييفه مع أساليب التعلم المختلفة للطلاب، وتحسين فعالية العمليات التعليمية من خلال الوصول إلى مجموعة من موارد التدريس وأدوات التقييم التكويني المُحَسَّنة”، يورد الوزير.
كما كشف وزير التعليم عن محور ثان يهم “إعداد الأساتذة ومُديري المدارس في المستقبل لمهنة التعليم الجديدة التي تُدمج الذكاء الاصطناعي”، مفصلا في المحور الثالث بأن “إعداد التلاميذ والطلبة للجيل القادم من الذكاء الاصطناعي وإدماجهم مدعاة للعمل على ثلاثة مستويات (هي: إعادة تصميم المناهج الدراسية، العرض التربوي، الإدماج الاجتماعي).
“زيادة أداء إدارة المدرسة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي ودفع التغيير” هو رابعُ محاور الخطة المذكورة على لسان بنموسى الذي أكد أن “حلول الذكاء الاصطناعي تفتَح آفاقاً واعدة لتحويل إدارة المدرسة وتحسين أدائها؛ وسيتحقق ذلك من خلال الاستدماج التدريجي للذكاء الاصطناعي على مستويات مختلفة”.
وهذه المستويات، بحسب المتحدث، تمسُّ “تجريد المهام الإدارية من الطابع المادي وتبسيطها”، ثم “التشغيل الآلي لإجراءات الاتصال والدّعم للطلاب وأولياء أمورهم”، إلى جانب “بناء القدرات في مجال تجهيز البيانات وتحليلها، ثم بناء القدرات في مجال التخطيط التنبؤي والتوقعات”.
بنموسى استدرك بالقول إنه “من الواضح والبديهي أن خطة التحول (هذه) ستتطلّب خطة تدريب ودعم للتغيير ونهجًا تشاركيًا من القاعدة إلى القمة يضع تجربة المستخدم لمدير المدرسة وموظفيه الإداريين في مركز الأولويات”.
“تطوير المنظومة التعليمية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص” محور خامسٌ يهدف إلى “تعزيز ثقة الجمهور في الذكاء الاصطناعي”، مع اتباع “نهج شامل يشمل النظام البيئي التعليمي بأكمله”.
لهذه الغاية، شدد وزير التربية على أن وزارته “مُلتزمَةٌ بشدة بتعزيز البحث والتطوير والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي التعليمي”، لافتا إلى أنه “من خلال الشراكات مع الدولة والمؤسسات الأكاديمية والتجارية نَدعم المشاريع البحثية وحاضنات التكنولوجيا التي تهدف إلى تطوير حلول مبتكرة تتكيّف مع سياقنا التعليمي”.
المصدر: هسبريس