اخبار المغرب

بنعلي تدعم تصريحات بركة حول الغلاء وتنتقد تأخر إصلاح قطاع الغاز لمدة 20 سنة

أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وعضوة المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، ليلى بنعلي، أهمية ضبط سلسلة القيم في القطاعات الاستراتيجية، مثل الطاقة والتجارة، معلنة دعمها لما جاء على لسان وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، الذي وجه مؤخرًا انتقادات لاذعة لاستمرار موجة الغلاء في الأسواق المغربية، وهي التصريحات التي جرت اتهامات ضد بركة بممارسة المعارضة من داخل الحكومة التي يشارك فيها حزب “الميزان”.

ودعا نزار بركة إلى ضرورة ضبط الأسعار في جميع القطاعات الحيوية، لاسيما اللحوم والدواجن، اللذين أصبح ارتفاع أسعارهما يشكل عبئًا إضافيًا على المواطن المغربي. وقال المسؤول الحكومي في لقاء حزبي نهاية الأسبوع الماضي: “اتقوا الله في المغاربة، قلصوا هوامش ربحكم”، مشددًا على ضرورة أن يساهم الجميع في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

وفي معرض ردها على أسئلة الصحافيين ضمن اللقاء الذي نظمته مؤسسة الفقيه التطواني مساء اليوم الأربعاء، أوضحت الوزيرة بنعلي أن عدم هيكلة الوسطاء يعد تحديًا حقيقيًا أمام تحقيق التوازن بين العرض والطلب، مشددة على أن هذا النهج لا يتعارض مع التوجهات الحكومية، بل يحظى بإجماع سواء من طرف الأغلبية أو المعارضة.

وفي معرض حديثها عن الخطاب السياسي، أبرزت الوزيرة الحاجة إلى تعزيز خطاب قائم على الواقعية، بعيدًا عن الخطابات الموجهة التي تروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الأولوية تتمثل في إعادة هيكلة القطاعات الحيوية التي تتطلب إصلاحات عميقة، بدل الانشغال بتأويلات سياسية لا تخدم التنمية المستدامة.

من جانب آخر، تطرقت وزيرة الانتقال الطاقي إلى إشكالية تأخر الإصلاحات في بعض القطاعات، مستشهدة بقطاع الغاز الطبيعي، الذي لم يشهد تطورات كبرى منذ سنة 2004، رغم الحاجة الملحة إليه، معتبرة أن هذا التأخر والأحداث مثل انقطاع الغاز الجزائري واندلاع الحرب كشف عن تأخر الإصلاحات في هذا المجال، مما أثر على العديد من المستثمرين، وهدد آلاف فرص العمل.

وأشارت إلى أن الحكومة لا يمكنها انتظار استكمال جميع الإصلاحات قبل تقديم الدعم، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار الناتج عن عوامل داخلية وخارجية. كما أكدت الوزيرة أن الحكومة جاءت لإعادة المغرب إلى مساره التنموي الصحيح، وأن النموذج التنموي الجديد يعد الخيار الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة، وفي هذا الصدد، اعتبرت أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، المنبثقة عن هذا النموذج، تمثل خارطة طريق أساسية يجب العمل على تنفيذها بفعالية.

وفيما يتعلق بالسياسات البيئية، أبرزت الوزيرة أن قطاع النفايات يشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه التنمية المستدامة، موضحة أن 70% من النفايات في المغرب عضوية، وأن غياب عمليات الفرز والتدوير يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة تتحملها الجماعات الترابية، وضربت مثلًا بمدينة وجدة، حيث تصل ميزانية الإنارة العمومية إلى 50 مليون درهم، بينما تتجاوز ميزانية تدبير مراكز الطمر ومعالجة النفايات 140 مليون درهم.

وأشارت الوزيرة إلى أن الحكومة وضعت الفرز الانتقائي كشرط أساسي في إطار برنامج وطني يهدف إلى تقليص النفقات وتحقيق الاستدامة من خلال عمليات التثمين، كما تطرقت إلى الاتفاقية التي وُقعت خلال المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة في طنجة، والتي خصصت 27 مليار درهم لبناء مراكز الطمر وإغلاق المطارح العشوائية، مع التأكيد على ضرورة التلقائية في السياسات العمومية لتحقيق الأهداف المرجوة.

وفي سياق متصل، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانته في مجال الطاقات المتجددة، مشيرة إلى أن الاستثمار في هذا القطاع هو الحل الأمثل لضمان طاقة نظيفة ومستدامة، ومشددة على ضرورة مواكبة التحولات العالمية في هذا المجال.

مغاربة المهجر

وتطرقت الوزيرة إلى تجربتها الشخصية، إذ عاشت لأكثر من عشرين سنة بين أوروبا وأمريكا والمملكة العربية السعودية، مما منحها رؤية واسعة حول قضايا مغاربة العالم وانشغالاتهم، مؤكدة أن حزب الأصالة والمعاصرة كان سباقًا إلى جعل هذه الفئة في الواجهة السياسية، واستقطاب الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، التي يمكن أن تساهم بشكل فعال في التنمية.

واعتبرت الوزيرة أن مغاربة العالم يتمتعون بحقوقهم الدستورية، لكن المطلوب هو تجاوز القراءة السطحية للسياسة، والعمل على إعادة الثقة في العمل السياسي، كما شددت على أن التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي على الخطاب السياسي يتطلب مواكبته بزيادة الإنتاج الفكري والسياسي، لمنع هيمنة الخطاب الموجه على حرية التعبير.

وأوضحت المتحدثة أن المغرب كان يواجه تحديات كبيرة في مجال الطاقة، خاصة في أكتوبر 2021، حيث كانت 20% من الكهرباء معرضة للانقطاع نتيجة توقف إمدادات الغاز وارتفاع الطلب بعد الجائحة، مشيرة إلى أن الإصلاحات في القطاع الطاقي كانت متوقفة منذ 2012، ما استدعى اتخاذ قرارات جريئة لضمان الأمن الطاقي للمملكة.

وأضافت أن قطاع التعدين يحمل إمكانيات هائلة، لكنه يعاني من ضعف الهيكلة، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تحسين استغلال المؤهلات المعدنية لدعم الاقتصاد الوطني.

وكشفت الوزيرة أن سنة 2023 شهدت نقلة نوعية في الاستثمارات الطاقية، حيث تم تضاعف عدد التراخيص لمشاريع الطاقات المتجددة 15 مرة سنويًا، وارتفع حجم الاستثمارات في هذا المجال من 1.5 مليار درهم إلى 6 مليارات درهم سنويًا، كما تضاعف معدل خلق فرص الشغل في قطاع الطاقات المتجددة 11 مرة، مع استثمارات ضخمة في تطوير الشبكة الكهربائية وتوسيع شبكة توزيع المحروقات.

أكدت الوزيرة أن المغاربة يطالبون بطاقة دائمة ونظيفة وذات تكلفة تنافسية، مشددة على أن الحل العقلاني يكمن في الاستثمار المكثف في الطاقات المتجددة بحلول سنة 2025، باعتبارها البديل الأمثل لضمان استقلالية المغرب الطاقية وتعزيز تنافسيته الاقتصادية.

المناصفة السياسية

وأكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة على أهمية تحقيق المناصفة في العمل السياسي، مشددة على أن ذلك ينبغي أن يتم بشكل تشاركي، في إطار رؤية واضحة تستجيب لتطلعات المغاربة، موضحة أن النقاشات التي جرت خلال بلورة النموذج التنموي الجديد شكلت فرصة لرصد أولويات المواطنين وضمان تمثيلية عادلة في مختلف المجالات.

وفي سياق حديثها عن التحديات السياسية الراهنة، شددت الوزيرة على أن إعادة الثقة في العمل السياسي تعد أولوية قصوى، مشيرة إلى أن المجتمع المغربي يشهد تحوُّلًا عميقًا بفعل التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، وهو ما يفرض على الفاعلين السياسيين التأقلم مع هذا الواقع الجديد.

ولفتت إلى أن هناك اعتقادًا سائدا لدى بعض المواطنين بأن السياسيين لا يصغون إلى انشغالاتهم، إلا أن الحقيقة، بحسب تعبيرها، هي أن الخطاب السياسي يطمس أحيانًا وسط زخم الإعلانات الرقمية والمحتوى الموجه، مما يؤدي إلى تشويه الرسائل الحقيقية التي يراد إيصالها.

وفي هذا السياق، دعت إلى ضرورة حماية المكتسبات الديمقراطية وتعزيز مفهوم الأسرة داخل المجتمع المغربي، معتبرة أن السياسيين يتحملون مسؤولية إعادة بناء جسور الثقة مع المواطنين، معتبرة أن حزب الأصالة والمعاصرة قام بعدد من الخطوات في هذا الاتجاه، من خلال تبني ميثاق أخلاقيات واضح، واتخاذ تدابير تهدف إلى تعزيز ثقة المواطنين في ممثليهم المنتخبين.

من جهة أخرى، أكدت الوزيرة على الدور الأساسي الذي تلعبه الصحافة في هذا المسار، معتبرة أن الإعلاميين يتحملون مسؤولية كبرى في إعادة الثقة بين المجتمع والعمل السياسي. وتساءلت: “كيف يمكن للإعلام أن يساهم في استعادة ثقة المواطنين في العمل السياسي والمسار التنموي للمغرب؟”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *