أكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعليلو، أن الفساد لا يقوض المؤسسات فحسب، بل يهدر الحقوق، ويمس كرامة الأفراد، ويجعل الضعفاء أولى ضحاياه.

وأضاف بنعليلو  أن هذه الحقائق تجعل من الضروري الانخراط الجماعي لمواجهة هذه الآفة في القارة الإفريقية، والعمل على الانتقال في معالجتها من مجرد مقاربة قانونية تقنية إلى معركة شاملة لصيانة القيم الإنسانية التي تعلي من شأن الكرامة وتحمي حقوق الإنسان.

وأوضح بنعليلو أن مكافحة الفساد في إفريقيا يجب أن تُفهم أيضًا كمعركة لحماية الأمل في عدالة منصفة، وتنمية عادلة، وحقوق مضمونة، بما يجسد تحولًا نوعيًا في الالتزام الجماعي بمواجهة هذه الظاهرة. وشدد على أن هذا التحول لا يتحقق إلا بوعي جماعي يعتبر الإنسان هو الغاية النهائية لكل جهود الإصلاح، وأن استمرار التعامل مع الفساد كمسألة إجرائية محدودة يعوق تحقيق نتائج ملموسة.

جاء ذلك في رسالة رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بمناسبة اليوم الإفريقي لمكافحة الفساد، الذي يخلد هذه السنة الذكرى السنوية الثانية والعشرين لاعتماد اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته، والذي اختير له شعار: “تعزيز الكرامة الإنسانية في مكافحة الفساد”.

وشدد على أن صيانة الكرامة الإنسانية يجب أن تكون أكثر من مجرد مبدأ مؤطر للتشريعات، بل بوصلة أخلاقية توجه الأولويات اليومية في محاربة الفساد، موضحا أن الكرامة لا تتحقق إلا في بيئة تحترم فيها الحقوق والحريات وتواجه فيها مظاهر الفساد بلا تمييز.

وأضاف أن الانخراط الجماعي المطلوب يتطلب من الجميع تجاوز التصورات الضيقة لقوانين وإجراءات محاربة الفساد، والانتقال إلى تبني رؤية أوسع تجعل منها معركة وجودية دفاعًا عن الكرامة الإنسانية وصيانة لحق المواطنين في مؤسسات نزيهة وعدالة منصفة وتنمية تعود بالنفع على الجميع دون إقصاء.

وأوضح بنعليلو أن الشعار ليس ظرفيا، بل يعبر عن لحظة وعي جماعي ودعوة لمراجعة جوهر التزام الدول الإفريقية في بعده الإنساني، مؤكدا أن المغرب شدد، من خلال مبادرته الأخيرة داخل مجلس حقوق الإنسان بجنيف، على أن مكافحة الفساد لا يمكن فصلها عن معركة العدالة الاجتماعية ومسار التنمية المستدامة، معتبرا أن الشفافية والمساءلة ودولة القانون هي ما يصون الكرامة ويحمي الحقوق ويعزز الثقة في البناء الديمقراطي.

وأشار إلى أن الهيئة الوطنية للنزاهة اختارت أن تحيي هذه المناسبة بالتأكيد على مركزية الكرامة الإنسانية في جميع السياسات العمومية والمقاربات الوقائية، من خلال تحفيز شراكات بين المؤسسات الوطنية والسلطات العمومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، بهدف ترسيخ الشفافية والعدالة والمساءلة.

وأكد أن المغرب، من خلال مبادرته الأممية الأخيرة داخل مجلس حقوق الإنسان بجنيف، يعتبر أن “مكافحة الفساد لا يمكن أن تنفصل عن معركة العدالة الاجتماعية، ولا عن مسار التنمية المستدامة، فبالشفافية، والمساءلة، وتكريس دولة القانون، نصون الكرامة، ونحمي الحقوق، ونرسخ الثقة في البناء الديمقراطي”.

وقال رئيس هيئة النزاهة” “لقد اخترنا في الهيئة الوطنية أن نجعل من صيانة “الكرامة الإنسانية” في سقف طموحاتنا، أكثر من مجرد مبدأ مؤطر للتشريعات، بل بوصلة أخلاقية قيمية يجب أن توجه الأولويات اليومية في ممارسة مختلف المهام المرتبطة بمحاربة الفساد”، مسجلا أن “الكرامة الإنسانية لا تتحقق إلا في بيئة تسودها الشفافية، وتحترم فيها الحقوق، وتحمى فيها الحريات، وتواجه فيها مظاهر الفساد بلا تردد ولا تمييز”.

وجدد بنعليلو الدعوة لتقوية الالتزام الفردي والجماعي بكون معركة النزاهة ليست معركة قوانين وممارسات فقط، بل هي معركة ضمير، وبناء ثقة، وترسيخ سلوك مؤسسي ومجتمعي مسؤول.

واعتبر المتحدث ذاته،  أن  يوم 11 يوليوز، ليس لحظة احتفال بمقومات دلالية فقط، بل مناسبة لإعلان استمرارية الفعل، وتجديد العهد الصادق مع الوطن، والوفاء لقيم الكرامة، وأيضا لحظة للعمل الجماعي مع شركائنا في الدول الإفريقية، عبر مختلف المؤسسات النظيرة، ومناسبة لتأكيد انخراطنا الطوعي وحرصنا الكامل على جعل آلية الاستعراض محفزا قويا في اتجاه الملاءمة الكاملة مع مضامين اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد، ومع المعايير الكونية لحقوق الإنسان.

وخلص إلى القول بـ”إننا نؤمن بأن كل تقدم يحرز في مواجهة الفساد، هو في جوهره انتصار للكرامة الإنسانية، وخطوة نحو مجتمع أكثر عدالة وإنصافا. ومن ثم، فإن وضع الإنسان في صلب معركة النزاهة، وجعل مكافحة الفساد في مسار يعيد الاعتبار للمواطن ويرسخ الثقة في المؤسسات، ليس مجرد خيار مناسباتي، بل التزاما جماعيا مستداما يجسد وعيا مشتركا بضرورة حماية “كرامة الإنسان”، في إفريقيا كما في سائر أنحاء العالم”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.