اعتبر وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، أن الحكومة اعتبرت منذ البداية أن من الضروري تقوية المجلس الوطني للصحافة، والسير في المنهجية التي انطلق بها النقاش داخل اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤونه، داعيا إلى تجاوز “الشخصنة”، مؤكدا أن المؤسسة هي التي ستبقى وليس الأشخاص.
وأوضح بنسعيد خلال مناقشة مواد مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بلجنة التعليم والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، اليوم الاثنين، أن هذه اللجنة اشتغلت على فتح حوار واسع وقدمت مقترحات تخص طريقة التمثيلية، مشيرا إلى أن النقابة المغربية للصحفة التي يتواجد رئيسين سابقين لها في اللجنة المؤقتة ساهمت في صياغة المقترحات المرتقبة بالتمثيل المهني.
وأوضح المسؤول الحكومي، أن عددا من المواد ذات الارتباط بالمجال الدستوري، وحقوق الإنسان، والطعن، باعتباره آلية أساسية لتقوية المؤسسات، تمت مناقشة مع من لهم الصلاحيات المباشرة في القطاع، ومع المشرعين داخل البرلمان، مع احترام تام للدستور واستقلالية الهيئات المعنية.
وقال إن “الهدف ليس نقاش الأشخاص، ولا الدخول في جدل من قبيل: لماذا مثل فلان ولم يُمثل آخر؟ بل تقوية المؤسسة وضمان حضور جميع الأطراف، لأن قوة المؤسسة تكمن في شمولية تمثيليتها”.
وردا على من ربط إصلاح المجلس بالدعم الموجه للمقاولات الإعلامية، أكد بنسعيد أن طريقة تدبير الدعم “لا دخل فيه للوزارة أو الحكومة أو أي وزير، موضحا: “الجميع يستفيد من الدعم، لي كيشكرو ولي مكيشكروش، ولي كيسب… نحن نعتبر بأن هذا حق ونحن ندبره باحترام تام للقانون”.
وفي حديثه عن سياق اشتغال المجلس، أوضح أن الحكومة السابقة والوزراء السابقين كان من مسؤوليتهم تنزيل هذا المجلس، قبل أن يتدارك قائلا: “على الأقل البعض منهم بين 2003 و2016 كان من مسؤوليتهم فتح النقاش للاستماع لجميع الآراء”.
وسجل أنه مع دستور 2011 منحت الحكومة العديد من الاختصاصات للمجلس بما فيه الحواء، سواء في القانون الحالي أو مشروع القانون الذي يناقش حاليا بالبرلمان، مؤكداً أن كلا النصين يحدد بشكل واضح أن المجلس هو الذي يناقش ويفتح الحوار ورفع التقارير للوزارة.
واعتبر الوزير أن الدعوات التي تطالب بتدخل مباشر من الوزير في عمل المجلس “عودة إلى الوراء”، مشدداً على أن التجارب الدولية مختلفة ومتنوعة، ولا يوجد نموذج واحد يجب نسخه، مستدلا بتجربة الدنمارك التي تضم مجلساً مكوناً من 28 عضواً من الصحافيين والناشرين يتم اختيارهم من طرف الوزارة، مقابل تجارب أخرى تعتمد الانتخاب أو التوافق بين الصحافيين، مضيفا: “لكل دولة نموذجها، كما هو الحال في النظم الانتخابية والبرلمانية”.
وردّاً على التركيز على أن الحكومة جاءت بالمشروع “للدفاع عن تيار معين ضد آخر”، أكد الوزير أن هذا غير صحيح، وأن من يعتقد أن الضغط سيغير من توجه الحكومة فهو مخطئ. “حتى داخل التيار الذي يُقال إننا ندافع عنه، هناك من يكتب ضد الوزراء والحكومة”، يقول بنسعيد.
وتوقف عند دينامية القطاع، مشيراً إلى أن عدد جمعيات الناشرين ارتفع من اثنتين إلى خمس جمعيات منذ 2022، مع اختلاف المواقف والتموقعات، ووصولا إلى صحافيين يعلنون أنهم غير ممثلين في أي نقابة.
وفي تقييمه للوضع الذي عاشه المجلس خلال الأسابيع الماضية، شدّد الوزير على ضرورة تجاوز الأخطاء السابقة وعدم تكرارها، موضحا أن المشروع يعزز آليات الطعن الداخلي قبل اللجوء إلى القضاء، بهدف حماية جميع الأطراف قانونياً “بغض النظر عن أفكارهم أو مواقفهم”.
وبعد تأكيده أن المجلس مؤسسة “حية” لها إيجابيات وسلبيات، شدد بنسعيد على ضرورة الابتعاد عن الشخصنة، والالتزام بالمقاربة المؤسساتية، مع استحضار التاريخ المهني للصحافة المغربية منذ السبعينيات والثمانينيات، والدور الذي لعبته في الحياة السياسية. وأوضح أن مراجعة القانون جاءت بسبب ثغرات ظهرت منذ 2018 إلى 2025، وأن الحكومة تسعى إلى سدها بتنسيق مع البرلمان، في احترام للدستور ولمبدأ استقلالية المجلس.
وأكد الوزير أن المقترحات الواردة في المشروع ليست قرارا انفراديا للحكومة، بل نتيجة نقاش دام أكثر من سنتين مع مختلف الفاعلين، معتبرا أن الخلافات بين الهيئات المهنية أمر طبيعي في قطاع حيوي، وأن تعدد الآراء دليل على “حيوية الديمقراطية المغربية”، مشيراً إلى أن بعض الهيئات قدّمت مواقف متناقضة في مراحل مختلفة.
كما أكد بنسعيد أن المؤسسات هي التي تبقى وليس الأفراد، وأن الأفكار والفاعلين يتغيرون لكن قوة المؤسسة هي الضامن الحقيقي لاستقرار الدولة، داعيا جميع الأطراف المهنية إلى العمل المشترك لإنجاح المجلس الوطني للصحافة، لأن “نجاح الصحافة من نجاح المجلس، ونجاح المجلس من نجاح الدولة”، مشددا على أن الديمقراطية تقتضي النقاش والاختلاف دون صراع أو تجاذبات سياسية مع احترام جميع الآراء مهما كانت الاتجاهات.
المصدر: العمق المغربي
