أطلقت سويسرا، أمس الثلاثاء بالعاصمة الرباط، برنامجها الجديد للتعاون الاقتصادي مع المغرب للفترة الممتدة بين عامي 2025 و2028، وذلك في خطوة تؤشر على مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي وتعميق الروابط الاقتصادية بين البلدين.

ويأتي هذا الإطلاق ليعكس تحولا نوعيا في العلاقات الثنائية، حيث تنتقل من إطار التعاون التقليدي إلى شراكة استراتيجية موسعة قائمة على أسس دعم التنافسية، وخلق فرص الشغل المستدامة، وتعزيز منظومة الابتكار في المملكة.

وتم تقديم هذا البرنامج، الذي تشرف عليه كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية (SECO)، خلال حفل رسمي حضره وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، إلى جانب سفير سويسرا بالمغرب، فالنتين زيلويغر، والمسؤولة عن التعاون والتنمية الاقتصادية بالسفارة السويسرية، فرانسواز سلامةغيكس.

وبموجب هذا البرنامج، أصبح المغرب رسميا بلدا ذا أولوية للتعاون السويسري، حيث تم رصد ميزانية هامة تبلغ 25 مليون فرنك سويسري، أي ما يفوق 28 مليار سنتيم، لتنفيذ أهدافه على مدى السنوات الأربع القادمة.

وتهدف هذه المبادرة بشكل أساسي إلى المساهمة في تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، وخلق فرص عمل لائقة ودائمة للشباب والكفاءات المغربية، فضلا عن تحسين مناخ الاستثمار لجذب المزيد من الرساميل الوطنية والدولية، مع إيلاء اهتمام خاص للمناطق ذات الإمكانات الاقتصادية الواعدة بهدف تقليص الفوارق الجهوية وتعزيز التنمية المتوازنة.

ويندرج هذا التعاون بشكل وثيق في صلب أولويات النموذج التنموي الجديد للمملكة، حيث ينسجم تماما مع الرؤية الملكية وأهداف المغرب الاستراتيجية في تحقيق التحول الصناعي الأخضر والرقمي، وتعزيز تنافسية النسيج المقاولاتي، لا سيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني.

وفي كلمته خلال حفل الإطلاق، أكد الوزير رياض مزور على عمق العلاقات الاقتصادية بين المغرب وسويسرا، مشيرا إلى أنها تقوم على ركائز صلبة من الثقة والتكامل المتبادل، مشددا في الوقت ذاته على الأهمية القصوى لتعزيز التعاون الصناعي بين البلدين.

وأضاف مزور قائلا إن “القطاع الصناعي يشكل ركيزة أساسية في المتانة الاقتصادية لسويسرا، والمغرب بدوره مؤهل ليكون شريكا اقتصاديا استراتيجيا قادرا على بلورة حلول مبتكرة ومستدامة موجهة نحو المستقبل”.

من جانبه، وصف السفير السويسري فالنتين زيلويغر اختيار المغرب كبلد ذي أولوية بأنه “تعبير صادق عن ثقة متبادلة وإرادة مشتركة لبناء شراكة مستقبلية مزدهرة”.

وأشاد سعادته بما يتمتع به المغرب من “استقرار سياسي ودينامية اقتصادية وقدرة على التحول”، وهي العوامل التي تجعل من المملكة “ملتقى للأفكار والابتكار والفرص، ومحفزا إقليميا حقيقيا للنمو المستدام”.

وأوضح زيلويغر أن البرنامج يرتكز على دعامة مزدوجة تجمع بين تعزيز التنافسية وخلق فرص التشغيل، وأن هدفه الأسمى هو مواكبة التحول الاقتصادي للمغرب عبر دعم منظومته المقاولاتية، وتيسير الولوج إلى التمويل، وتعزيز ملاءمة الكفاءات مع المتطلبات المتجددة لسوق الشغل.

وقدمت فرانسواز سلامةغيكس الخطوط العريضة للبرنامج، موضحة أنه يرتكز على أربعة محاور أساسية ومتكاملة، إذ يتمثل المحور الأول في خلق بيئة تجارية مشجعة للابتكار عبر دعم تحسين مناخ الأعمال ومواكبة المراكز الجهوية للاستثمار.

أما المحور الثاني فيركز على تعزيز الكفاءات من خلال تطوير منظومة التكوين المهني لتكون أكثر ملاءمة لاحتياجات السوق، خاصة في قطاعين حيويين هما النسيج والسياحة.

ويهتم المحور الثالث بدمج سلاسل القيمة المستدامة عبر دعم الابتكار والرقمنة والانفتاح على الأسواق الدولية، فيما يسعى المحور الرابع إلى تحسين الولوج إلى التمويل عبر توسيع عرض التمويل المتاح لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة الناشطة في سلاسل القيمة الاستراتيجية.

وكتجسيد فوري لهذا الالتزام، شهد الحفل توقيع مشروع مخصص لتطوير السياحة المستدامة بجهة بني ملالخنيفرة، وهو ما يمثل تطبيقا عمليا لأهداف البرنامج.

وشاركت في التوقيع على هذه الاتفاقية وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، إلى جانب المسؤول السويسري فيليب أورغا، والمدير العام للشركة المغربية للهندسة السياحية، عماد برقاد.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.