أكد شاوي بلعسال، رئيس الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، أن التوجيهات الملكية الأخيرة منحت المشروع المالي برسم 2026 طابعا إصلاحيا واجتماعيا، من خلال تخصيص موارد إضافية للبرامج الاجتماعية وتسريع تنزيل الاستراتيجيات القطاعية.

وقال إن مشروع قانون المالية الجديد يكرس مبدأ العدالة الاجتماعية والمجالية، ويعزز إدماج الشباب في الحياة السياسية عبر تمكينهم قانونيا وماليا، تمهيدا لاستحقاقات انتخابية مقبلة يتوقع أن تضخ دماء جديدة في المشهد السياسي.

واستهل بلعسال كلمته بتقديم تهنئة إلى الملك محمد السادس بمناسبة تتويج المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بطلا لكأس العالم في الشيلي، مشيدا بالدعم الملكي الموصول للرياضة والشباب، واعتبر أن ما يتحقق من إنجازات رياضية هو ثمرة للرؤية الملكية الاستراتيجية في المجال الرياضي.

أوضح رئيس الفريق أن إعداد مشروع القانون المالي جاء في ظل ظرفية وطنية ودولية تتسم باضطرابات جيوسياسية وتوترات اقتصادية ومناخية، مشيرا إلى أن المغرب عاش خلال السنوات السبع الأخيرة أزمة مائية خانقة بسبب ضعف التساقطات، وهو ما أثر سلباً على الفلاحة والتشغيل في الوسط القروي.

وأضاف أن المجتمع المغربي يشهد دينامية شبابية واجتماعية متصاعدة، تجلت في تعبير فئات واسعة من الشباب عن مطالبها في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل ومحاربة الفساد، مشيراً إلى أن الخطابات الملكية الأخيرة شكلت مرجعاً أساسياً في بلورة المشروع المالي الذي يحمل بصمة اجتماعية واضحة.

واعتبر بلعسال أن حجم الاستثمارات العمومية المبرمجة، والذي بلغ 380 مليار درهم، يمثل مجهوداً كبيراً بالنظر إلى الظرفية الاقتصادية الراهنة، غير أنه انتقد ضعف نصيب الجماعات الترابية من هذا الغلاف، والذي لم يتجاوز 22 مليار درهم، رغم قربها من المواطنين وتعدد مسؤولياتها التنموية.
وأكد أن هذا الاختلال في توزيع الاستثمارات يعمق التفاوتات المجالية ويحد من قدرة الجماعات على الاستجابة لحاجيات السكان من بنية تحتية وتجهيزات وخدمات عمومية.

وثمّن بلعسال الزيادة المسجلة في ميزانية الدفاع الوطني، التي بلغت 157 مليار درهم، معتبرا أنها خطوة تعزز الصناعة الدفاعية الوطنية وتدعم الأمن القومي في بيئة إقليمية غير مستقرة.
كما حيّا القوات المسلحة الملكية على مهنيتها العالية وصمودها في الدفاع عن وحدة الوطن وسيادته الترابية، مؤكدا أن فريقه البرلماني يساند هذا التوجه الاستراتيجي الرامي إلى تطوير القدرات الذاتية في مجال التصنيع العسكري.

أشاد رئيس الفريق بالمشاريع المائية المهيكلة الهادفة إلى ضمان الأمن المائي والغذائي، داعياً إلى تسريع تنزيل الاستراتيجية الوطنية للماء وتثمين الموارد المائية غير المستغلة.

وفي الشق الاجتماعي، نوه بالرفع من ميزانيتي الصحة والتعليم إلى 140 مليار درهم وتخصيص 27 ألفاً و344 منصباً مالياً، لكنه دعا في المقابل إلى معالجة الخصاص الكبير في الأطر الصحية والطبية وضمان العدالة في توزيع الموارد البشرية عبر الجهات.

كما نبه إلى التحديات المرتبطة بإحالة أكثر من 68 ألف موظف على التقاعد خلال السنوات الخمس المقبلة، وما لذلك من انعكاسات على المرافق العمومية وصناديق التقاعد.

وشدد بلعسال على أهمية البحث العلمي والابتكار كرافعة أساسية للتنمية، داعيا إلى تعزيز تمويل هذا المجال ودعم تحويل مخرجات البحث إلى تطبيقات صناعية وتجارية. كما طالب بتعميم مراكز البحث وحاضنات الابتكار على المستوى الجهوي لتكريس شعار “صنع في المغرب” وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.

استعرض المتحدث أبرز التدابير الجبائية المقترحة، من بينها توسيع الوعاء الضريبي، والحد من التملص، وتمديد المساهمة التضامنية إلى غاية 2028، إلى جانب تخفيضات وتحفيزات تستهدف قطاعات الصناعة والفلاحة والأنسجة والرياضة.

وأشار إلى إجراءات جديدة تشمل تقليص الرسوم الجمركية على الأخشاب والمبيدات ومدخلات الأجهزة المنزلية، ورفع الرسوم على الأقمشة المستوردة لحماية الصناعة الوطنية.

وسجل بلعسال أن مشروع القانون المالي لسنة 2026 يقوم على فرضيات رئيسية، منها تحقيق نمو بنسبة 4.6%، وإنتاج 70 مليون قنطار من الحبوب، واستقرار معدل التضخم في حدود 2%، معتبرا أن تحقيق هذه الأهداف يبقى رهيناً بتحسن المناخ الدولي واستقرار الأسواق العالمية.

كما حذر من مخاطر التغير المناخي، والتوترات الجيوسياسية، والتهديدات الرقمية، والتفاوتات الاجتماعية، داعياً إلى اعتماد سياسات استباقية للتعامل مع الأزمات المحتملة، مستشهداً بتجربة المغرب الناجحة في تدبير أزمة زلزال الحوز وجائحة كورونا.

واختتم رئيس الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي مداخلته بالتأكيد على أن السياسة الناجحة هي التي تبنى على التوقع والحذر، لا على ردود الأفعال، داعياً إلى ترسيخ ثقافة التدبير الوقائي للأزمات وبناء سياسات عمومية قادرة على التكيف السريع مع التحولات الدولية.

كما ثمن بلعسال التوجهات الملكية الرامية إلى إشراك الشباب في الحياة السياسية، معتبراً أن التعديلات الانتخابية الجديدة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة في المؤسسات وترسيخ مسار المغرب الصاعد.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.