بعد مرور عام على كارثة “زلزال الحوز”.. ورزازات تنهض من جديد بأمل مشرق
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للزلزال الذي ضرب مناطق عديدة من المغرب يوم الثامن من شتنبر 2023، يشهد إقليم ورزازات تقدما ملحوظا في جهود إعادة الإعمار؛ في خطوة حاسمة نحو تسريع عملية إعادة البناء في المناطق المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية.
وخلّف هذا الزلزال، الذي بلغت قوته 6.8 درجات على مقياس ريشتر، خسائر بشرية ومادية فادحة في أقاليم عديدة بالمغرب. وكان بمثابة تحدّ كبير للسلطات المغربية. واليوم، على بُعد أيام قليلة من إتمام السنة الأولى على هذه الفاجعة، تم رصد تطورات إيجابية ملموسة في عملية إعادة البناء وإحياء المناطق المتضررة، خاصة على مستوى إقليم ورزازات.
وفي تقرير خاص أعدته جريدة هسبريس الإلكترونية، تم تسليط الضوء على التقدم المحرز في عملية إعادة الإعمار، والتحديات التي لا تزال قائمة، وآمال السكان المحليين في استعادة حياتهم الطبيعية.
تقدم ملحوظ في أشغال إعادة الإعمار
ووفقا للتقارير الرسمية والزيارات الميدانية التي قامت بها هسبريس لعدد من هذه المناطق، فإن نسبة تقدم أشغال إعادة الإعمار في إقليم ورزازات قد بلغت في بعض المناطق 70 في المائة؛ بينما وصلت في مناطق أخرى إلى 60 في المائة.
وتعكس هذه الأرقام الجهود الحثيثة التي تبذلها السلطة الإقليمية، بالتعاون مع عدد من القطاعات الرسمية، لإعادة الحياة إلى طبيعتها في المناطق المتضررة.
وفي هذا السياق، صرح مصدر مسؤول ضمن لجنة إعادة الإعمار في إقليم ورزازات لهسبريس قائلا: “لقد عملنا بلا كلل، منذ اليوم الأول للكارثة، على الرغم من التحديات الكبيرة. نحن فخورون بما أنجزناه، حتى الآن. هدفنا ليس فقط إعادة بناء المنازل والمرافق؛ بل أيضا تحسين البنية التحتية لتكون أكثر مقاومة للزلازل في المستقبل”.
وأضاف المتحدث ذاته: “نعمل على قدم وساق لضمان عودة جميع المتضررين إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن. لقد تم تخصيص موارد ضخمة لهذا المشروع، ونحن ملتزمون بإنجازه بأعلى معايير الجودة والسلامة”.
وأكد أن عبد الله جاحظ، عامل إقليم ورزازات، يتابع عن كثب مشاريع إعادة الإعمار، ويشدد دوما على احترام معايير الجودة والإتقان في تنفيذ هذه الأوراش.
صوت المواطنين.. بين الارتياح والأمل
في تطور إيجابي يبعث على الأمل، عبّر سكان المناطق المتضررة من الزلزال الأخير، في تصريحات متطابقة لـهسبريس، عن ارتياحهم الكبير لجودة الأشغال وسرعة الإنجاز في مشاريع إعادة الإعمار الجارية حاليا.
وأكد السكان أن الأشغال تسير بوتيرة سريعة ومنتظمة، مع التزام واضح بمعايير السلامة والجودة في جميع مراحل البناء.
وفي استطلاع للرأي أجرته مع عدد من ساكنة دوار أنميذ، الذي تم تشييد دوار جديد نموذجي به، أشاد الكثيرون بالجهود المبذولة من قبل السلطات الإقليمية والشركة المكلفة بأعمال البناء.
وأكد سكان الدوار سالف الذكر أن الأشغال وصلت مراحل جد متقدمة، وأنه قريبا سيتم تسلم رخص السكن؛ معبرين عن شكرهم وامتنانهم للملك محمد السادس على هذه المبادرة الملكية، التي تشرف السلطة الإقليمية على تنزيلها.
عبد الله بن الصغير، أحد المتضررين من هذا الزلزال، قال إن المتضررين بشكل عام يعبرون عن ارتياحهم لسير الأشغال.
وأضاف بن الصغير: “نرى تقدما ملموسا كل يوم، وهذا يمنحنا الأمل في العودة إلى حياتنا الطبيعية قريبا”.
ورفض المتحدث ذاته الاتهامات التي توجه إلى السلطات حول التأخر في الأشغال، مشيرا إلى أن التأخر عائد إلى مشاكل تقنية وإلى النقص في اليد العاملة.
ودعا المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الدعايات المغرضة التي تطلقها جهات معادية للوطن، حسب تعبيره.
وأضاف بن الصغير: “الكارثة طبيعية قدر من الله، وما قامت به الدولة تجاه المتضررين كبير جدا ويحسب للملك محمد السادس نصره الله وأيده في ميزان الحسنات”.
وأشار إلى أن هناك من يرى إلزاما على الدولة إعادة بناء وإعمار المناطق المتضررة؛ لكن ذلك ربما يكون صحيحا من جهة وخاطئا من جهة أخرى، مؤكدا أن الدولة قامت بالواجب تجاه كل متضرر.
جهود حثيثة ومتابعة مستمرة
حسن كودادي، رئيس قسم التنمية والبيئة بعمالة إقليم ورزازات، أكد، في تصريح لهسبريس، أن عامل الإقليم يواكب عملية إعادة بناء وإعمار المناطق المتضررة بزيارات ميدانية شبه يومية، ويشدد على أهمية التزام جميع الأطراف بمعايير السلامة والجودة في عمليات البناء.
وأضاف كودادي: “عامل الإقليم يؤكد أن سرعة الإنجاز يجب ألا تكون على حساب جودة وسلامة البناء وإعادة الإعمار”.
وكشف رئيس قسم التعمير والبيئة بعمالة إقليم ورزازات أن أكثر من 3 آلاف متضرر استفادوا، بتعليمات من عامل الإقليم، من الدفعة الثانية المتعلقة بدعم إعادة البناء أو الإصلاح.
وأضاف أن نسبة الاستفادة من الدفعة الأولى بلغت 100 في المائة؛ فيما بلغ عدد المستفيدين من الدفعة الثانية 60 في المائة، والدفعة الثالثة استفاد منها 35 في المائة، مشيراً إلى أن الدفعة الرابعة سيتم تسليمها في القريب العاجل.
وأوضح كودادي أن اللجنة الإقليمية ستباشر، خلال الأسابيع المقبلة، تسليم رخص السكن للأسر التي أنهت أشغال إعادة البناء أو الإصلاحات.
وشدد المسؤول ذاته على أن هناك متابعة يومية من قبل اللجان التقنية والإدارية لجميع الأشغال الموزعة في الإقليم، لمراقبة جودة الأشغال.
نظرة مستقبلية وتحديات قائمة
يرى عدد من المهتمين والخبراء أن التقدم المحرز في إعادة إعمار إقليم ورزازات بعد زلزال الحوز يعد شهادة على قدرة المغرب على التعافي من الكوارث.
وعلى الرغم من أن الطريق لا يزال طويلاً، فإن روح التضامن والعزيمة التي أظهرها المواطنون والمسؤولون على حد سواء تبعث على الأمل في مستقبل أكثر إشراقاً للمنطقة.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة تتطلب المزيد من الجهود والتنسيق. فمن جهة، هناك ضرورة لتسريع وتيرة إعادة الإعمار في بعض المناطق التي لا تزال متأخرة نسبيا. ومن جهة أخرى، يجب الاستمرار في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، خاصة الأطفال وكبار السن، الذين قد يعانون من آثار نفسية طويلة المدى نتيجة الصدمة التي تعرضوا لها.
كما أن هناك حاجة ملحة لتعزيز البنية التحتية وتحسين شبكات الطرق والاتصالات في المناطق النائية، لضمان سرعة الاستجابة في حالة وقوع كوارث مستقبلية.
وفي هذا الصدد، أكد عدد من الخبراء في مجال إدارة الكوارث على أهمية الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر وتدريب السكان المحليين على كيفية التصرف في حالات الطوارئ.
دروس مستفادة وخطط مستقبلية
لحسن رابح، فاعل جمعوي، قال إن تجربة إعادة الإعمار بعد زلزال الحوز قدمت دروسا قيمة للمغرب في مجال إدارة الكوارث والاستجابة لها، مؤكدا أن هذه التجربة ستساهم في تطوير استراتيجيات وطنية أكثر فعالية للتعامل مع الكوارث الطبيعية في المستقبل.
وأضاف رابح، في تصريح لهسبريس، أن التقدم المحرز في إعادة إعمار إقليم ورزازات يعد مثالا على قدرة المغرب على مواجهة التحديات والنهوض من الكوارث.
ولفت المتحدث إلى أنه “مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لزلزال الحوز، يبقى الأمل معقودا على استكمال عملية إعادة الإعمار بنجاح، وتحويل هذه المحنة إلى فرصة لبناء مستقبل أفضل وأكثر أمانا لسكان المنطقة”.
وسجل الفاعل الجمعوي أن هذه التجربة تبقى شاهدة على روح التضامن والتكافل التي يتميز بها الشعب المغربي والتي تجلت بوضوح في الاستجابة السريعة والفعالة للكارثة، سواء من قبل السلطات الرسمية أو المواطنين العاديين؛ وهو ما يؤكد أن المغرب، بقيادته الحكيمة وشعبه المتماسك، قادر على تجاوز أصعب المحن والنهوض من جديد أقوى مما كان.
المصدر: هسبريس