في المساء، حين تشتعل المصابيح في دواوير ومداشر زاكورة، يغرق دوار بوعراب الواقع تحت نفوذ جماعة تانسيفت في صمت طويل لا يقطعه سوى ضوء خافت يتسلل من شمعة هنا أو مصباح غاز هناك، وهو المشهد الذي يتكرر منذ سنوات، رغم أن مشروع الكهرباء قد صودق عليه منذ مدة، لكنه بقي حبيس الرفوف.
ومع كل ليلة، تخنق العتمة أنفاس هذا المدشر المعزول قسرا، فتجدد معاناة الأسر، ويزداد الإحساس بأن الزمن يمضي، بينما تلملم التنمية جراحها دون حراك، ما دفع بالسكان إلى رفع صوتهم عاليا، وطرق جميع الأبواب أملا في تدخل يعيد لهم حقهم في الحصول على الكهرباء.
سعيد، واحد من أبناء الدوار، قال إن “المشروع حظي بموافقة رسمية قبل سنوات، وكان من المنتظر أن يشكّل محطة لتحسين جودة الحياة داخل الدوار، وتمكين الساكنة من الولوج إلى خدمات أساسية تتيح لهم تطوير أنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية”.
وأوضح سعيد في تصريح لجريدة “”، أن “سلسلة من الاعتراضات حالت دون تقدّم الأشغال، لتبقى الساكنة في دائرة الانتظار، رغم مراسلاتهم المتكررة للسلطات المركزية والإقليمية وبعض الإدارات الحكومية المحلية، بحثا عن حل يضع حدا لهذا التعثر غير المفهوم”.
وأشار المتحدث إلى أن“غياب الكهرباء لم يعد مجرد نقص في الخدمات، بل أصبح عائقا مباشرا أمام التعليم، والحرف البسيطة، وحتى الاستقرار الاجتماعي”، معتبرا في الوقت ذاته أن “استمرار هذا الوضع يكرّس الهشاشة ويقوّض فرص التنمية التي تحتاجها المنطقة بإلحاح”.
وأكد أنه “في ظل هذا الجمود، يرفع سكان دوار بوعراب نداء جديدا إلى الجهات المعنية للتدخل العاجل وتفعيل المشروع وفق ما تقتضيه مبادئ الإنصاف والتنمية المجالية، مع تجديد مطالبتهم بأن يتم التعامل مع هذا الملف بروح المسؤولية، بما يضمن تجاوز الخلافات المحلية وفتح الباب أمام تنفيذ هذا المشروع المنتظر”.
وخلص المصدر عينه إلى أن “قضية دوار بوعراب باتت تختزل صراعا بين تطلعات الساكنة نحو التنمية وبين حسابات تعيق انطلاقة المشروع”، لافتا إلى أنه “بين هذا وذاك، تبقى أعين السكان موجهة نحو الجهات الوصية بحثا عن بارقة أمل تنهي هذا التعثر وتعيد للساكنة حقها في خدمة أساسية طال انتظارها”.
في سياق متصل، وجهت جمعية بوعراب للتنمية والثقافة الرياضية بجماعة وقيادة تنسيفت، إقليم زاكورة، في ماي الماضي، مراسلة إلى وزير الداخلية، تطالب فيها بتفعيل مشروع ربط دوار بوعراب بالشبكة الوطنية للكهرباء، وهو المشروع الذي صودق عليه منذ سنة 2021 دون أن يتم تنزيله ميدانيا.
وأوضحت الجمعية في المراسلة التي إطلعت جريدة “” على نسخة منها، أن “ترافع سكان دوار بوعراب المنتمي للمجال القروي للإقليم، تمخض عنه الاستجابة لربط الدوار بالكهرباء”، مضيفة أن “الجهات المعنية قامت بالمصادقة على المشروع منذ سنة 2021، إلا أنه ولحد الساعة لم يلمسوا أي خطوة إيجابية لتفعيل وتنزيل المشروع”.
وأوضحت المراسلة، أن “سكان دوار بوعراب يعيشون التهميش والحرمان من خدمة الكهرباء، وذلك بالرغم من أهميتها ودورها التنموي وما تساهم به في الاستقرار، وكذا تمدرس الأبناء واستعمال الأجهزة المنزلية بما فيها الإنارة وأجهزة التكييف والتبريد، خصوصا في ظل ما يعيشونه في المنطقة من إرتفاع لدرجات الحرارة”.
وشددت الهيئة ذاتها على أن هذا “الوضع يناقض السياسة الملكية الداعمة لتنمية العالم القروي”، معتبرة أن “الملك محمد السادس سطر سياية تنموية تهم فك العزلة عن المجال القروي، المجالات الحضرية، وكذا تنميته، وتمتيع المواطن القروي بكل حقوقه في التنمية مثله كغيره من المواطنين”.
ودعا التنظيم ذاته وزير الداخلية، إلى التفاعل مع طلبهم، وذلك في إطار المنشور الوزاري رقم 97/23، والعمل على تنزيل هذا المشروع التنموي، وإخراجه إلى حيز الوجود، من أجل تمتيع ساكنة الدوار سالف الذكر من حقهم في الاستفادة من هذه المادة الأساسية.
المصدر: العمق المغربي
