دخل قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 حيز التنفيذ فعليا، وذلك عقب صدور أول حكم عن المحكمة الابتدائية بأكادير يوم الجمعة 22 غشت الجاري، في إطار أحد الملفات التلبسية، وهو الحدث الذي أعاد إلى واجهة النقاش القانوني والحقوقي عددا من التساؤلات حول مدى قدرة هذا القانون الجديد على تحقيق العدالة الجنائية، وخاصة ما يتعلق بضمان حقوق الضحايا في سياق تطبيق بدائل العقوبات الحبسية.

وفي هذا الصدد، قدم الحسين بكار السباعي، المحامي بهيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون، والمقبول لدى محكمة النقض، وجهة نظر قانونية تفاعلا مع هذا المستجد، مركزا على الإشكال المرتبط بحقوق الضحية وحدود السلطة التقديرية لقاضي الحكم في تفعيل العقوبات البديلة.

وأوضح السباعي أن إقرار نظام العقوبات البديلة في التشريع الجنائي المغربي، جاء إستجابة لإعتبارات إجتماعية وحقوقية توازن بين ضرورة حماية الأمن العام وضمان إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع، غير أن هذا التطور التشريعي لا يمكن أن يتحقق على حساب حقوق الضحايا التي تظل حجر الزاوية في معادلة العدالة الجنائية.

وأبرز أن الضحية في الخصومة الجنائية يعتبر طرفا أصليا يستوجب المشرع صون كرامته وجبر ضرره وإعادة الإعتبار إليه، وهو ما يجعل من تنفيذ العقوبات البديلة مشروطا، صراحة أو ضمنا، بتسوية مركز الضحية وضمان حصوله على التعويض والإنصاف قبل الإنتقال إلى تفعيل تدابير الخدمة المجتمعية أو المراقبة الإلكترونية أو أي تدبير بديل آخر مقابل الغرامة اليومية.

وأشار المصدر نفسه إلى أن قاضي الحكم في القانون 2243 يظل ملزما بممارسة سلطته التقديرية في اختيار العقوبة البديلة وفق معايير مضبوطة تستند إلى نص القانون ومقاصده، فلا مجال لسلطة تمس بمشروعية الأحكام أو تؤدي إلى إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون.

ولفت إلى أن هذه السلطة رهينة بحدود ثلاثية الأبعاد، أولها حدود النص التشريعي الذي يحصر مجال العقوبات البديلة في جنح معينة وبعقوبات لا تتجاوز سقفا محددا، وثانيها حدود شخصية المحكوم عليه وما يثبت من مؤهلاته القيمية والإجتماعية التي تسمح بإندماجه دون إخلال بالأمن العام، وثالثها حدود حماية الضحية والمجتمع، إذ لا يمكن للقاضي أن يمارس سلطته التقديرية إذا كان في ذلك مساس بحقوق الضحايا أو إهدار لشعور العدالة العامة.

وأكد المتحدث ذاته أن أحكام القضاء الجنائي تبقى خاضعة لرقابة محكمة النقض، مشددا على أن أي إستعمال غير مبرر أو تعسفي لهذه السلطة قد يعرض الحكم للنقض بسبب قصور التعليل أو الإنحراف في تطبيق النص.

وخلص السباعي إلى أن التوفيق بين حقوق الضحايا وضرورات الإصلاح الإجتماعي يقتضي أن يظل نظام العقوبات البديلة أداة لتحقيق عدالة لا تفرط في هيبة القانون ولا تهدر مطالب الإنصاف، بحيث يظل القاضي ضامنا لتوازن دقيق بين حق المجتمع في الأمن، وحق الضحية في الجبر، وحق الجاني في فرصة ثانية تتيح له الإندماج في محيطه.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.