بعد سنوات من الصراع.. مشروع “أرض الخيرية” يتبخر ومصادر تكشف لـ”العمق” حيثيات إسقاطه

تبخرت أحلام ساكنة منطقة عين الشق واندثرت طموحات التيار المنتمي لرئيس مجلس المقاطعة، شفيق ابن كيران، بعدما توقّف مسلسل اتفاقية “أرض الخيرية” المثيرة للجدل في مكاتب ولاية الجهة، دون معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت السلطات الولائية إلى شبه إسقاط الاتفاقية. الأمر الذي دفع المسؤول الأول عن هذا المشروع إلى التخلي عنه بعد صراع طويل دام لسنوات.
وعلمت جريدة “العمق” من مصادر مسؤولة أن اتفاقية “أرض الخيرية”، التي أشعلت فتيل الصراع بين شخصيات سياسية محلية بالدار البيضاء، والتي حصلت على موافقة جميع الشركاء، أبرزهم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ووزارة الداخلية، كما تم التوقيع عليها من طرف مجلسي العمالة والجهة، بالإضافة إلى جماعة الرميلي، قد سقطت في إدارة الجهة”.
وأضافت المصادر نفسها أن “أسباب شبه رفض الاتفاقية، التي دخلت ولاية الجهة ولم يعد لها أي أثر إلى حدود الساعة، تعود إلى انسحاب أحد الشركاء الثمانية منها، الأمر الذي أدى إلى وأدها قبل ولادتها”.
وأردفت المصادر أن “مشروع القطب الاقتصادي والثقافي والرياضي بمنطقة عين الشق، الذي كان من المنتظر إقامته على قطعة أرضية تتجاوز مساحتها 3 هكتارات، بميزانية إجمالية تقدر بـ120 مليون درهم (أي 12 مليار سنتيم)، كان موضوع صراع بين منتخبي المنطقة، وهو أحد العوامل التي أسفرت عن إلغائه”.
وتابعت المصادر ذاتها أن “الاتفاقية، رغم توقيعها من قِبل والي جهة الدار البيضاء، إلا أن إدارة الجهة لم تضع يدها على الملف، الذي افتقد الطابع الاجتماعي”، مشيرة إلى أن “هناك جهات داخل مجلس المقاطعة عملت على إقبار هذا المشروع، الذي يغلب عليه الطابع الرياضي والثقافي”.
من جانبه، قال شفيق ابن كيران، رئيس مقاطعة عين الشق: “مع الأسف، الاتفاقية متوقفة في الولاية، ولا ندري أين ولماذا، مما قد يدفعنا إلى التخلي عنها والتفكير في مشروع آخر لأرض الخيرية، وربما يكون أحد الشركاء قد تراجع عن التزامه مع المقاطعة والمدينة”.
وأضاف ابن كيران، في تصريح لجريدة “العمق”، أن “المهم بالنسبة إلينا هو أننا قمنا بواجبنا في تعبئة العقار والتفكير في مشروع كبير للمنطقة”، مؤكداً: “لقد وفرنا جميع الإمكانيات المالية، وكان كل شيء جاهزًا إلى يومنا هذا”.
وأوضح المتحدث ذاته: “قمنا بواجبنا تجاه المواطن بمنطقة عين الشق، فإذا كانت الأحزاب المنافسة لا ترغب في خروج هذا المشروع إلى النور ولديها القوة الكافية لإسقاطه، فهذا فوق طاقتي”.
وكانت تدوينة “فيسبوكية” سابقة، صادرة عن نائب عمدة الدار البيضاء ورئيس لجنة الشؤون الثقافية والرياضية والتنمية البشرية بمجلس المدينة، حول الصراعات السياسية التي تعرفها المقاطعة المذكورة والعراقيل التي أخّرت مساطر إنجاز المركب الاجتماعي والثقافي والرياضي بأرض خيرية عين الشق سابقًا، قد أثارت جدلاً واسعًا في صفوف المهتمين بشؤون المنطقة.
وقال عبد اللطيف الناصري، في تدوينته: “لو علمتم تفاصيل ما يجري في الكواليس خلال المرحلة الماضية من محاولات لعرقلة وتأخير مساطر إنجاز المركب الاجتماعي والثقافي والرياضي بأرض خيرية عين الشق، لاكتشفتم حقيقة من يدّعي الدفاع عن مصالح المقاطعة وساكنتها.”
وأضاف الناصري: “لأسباب انتخابية، لا يُراد لهذا المشروع الكبير أن يرى النور خلال هذه الولاية الحالية، واللبيب بالإشارة يفهم (موسم الجدبة والتحياح راه بدا). مع الأسف، هناك جهات عارضت منذ البداية مشروع الملعب الكبير بقلب حي عين الشق، وترفض إنجاز مرافق رياضية كبرى فيه بحجج واهية.”
وأردف رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية والتنمية البشرية بمجلس جماعة الدار البيضاء قائلاً: “هناك أدوات تعمل اليوم على عرقلة وتأخير إخراج هذا المشروع المهيكل ما أمكن… وسنعود لهذا الموضوع بتفاصيل أكثر إذا اقتضت الضرورة ذلك.”
وأضاف: “نحن نشتغل بحكمة، لكننا لن نسكت عن تعطيل عجلة التنمية المحلية بمقاطعة عين الشق، التي يلاحظ الجميع أن وتيرتها قد ارتفعت خلال الولاية الانتدابية الحالية، برئاسة الأخ محمد شفيق ابن كيران لمقاطعة عين الشق، ورئاسة الأخت نبيلة الرميلي لجماعة الدار البيضاء، وبمعية أعضاء المجلسين وفعاليات المجتمع المدني المحلية الغيورة على المنطقة ومصالحها.”
وحسب مصادر مطلعة تحدثت سابقًا لجريدة “العمق”، فإن “التدوينة الفيسبوكية التي أثارت الجدل في صفوف مكونات مجلس مقاطعة عين الشق قد تكون موجهة إلى العضو الجماعي البارز عبد الحق شفيق، عن حزب الحركة الشعبية، الذي كان في الأمس القريب قياديًا بحزب الأصالة والمعاصرة بالدار البيضاء، قبل أن ينفصل عنه بسبب رفض سعيد الناصري، المنسق الجهوي السابق لحزب ‘البام’، منحه التزكية لرئاسة مقاطعة عين الشق”.
وأضافت المصادر نفسها أن “مشروع الخيرية الكبير أصبح ساحة معركة بين مكونات الأغلبية داخل المجلس، وخاصة بين شفيق ابن كيران، رئيس مقاطعة عين الشق، وعبد الحق شفيق، عضو المجلس”، مشيرة إلى أن “رئيس المقاطعة يرى في هذا المشروع خزّانًا انتخابيًا، فيما يعتبره العضو الجماعي سقطة انتخابية إذا خرج إلى حيز التنفيذ قبل نهاية الولاية الحالية”.
وأوضحت المصادر أن “نائبة عمدة مدينة الدار البيضاء المكلفة بالشؤون الاجتماعية، مريم ولهان، وهي زوجة العضو الجماعي عبد الحق شفيق، من بين الأشخاص الذين يعارضون المشروع، بحجة أنه يفتقر للطابع الاجتماعي المحض”، مؤكدة أن “نائبة العمدة شددت في مرات عدة على ضرورة إعادة النظر في المشروع من الناحية الاجتماعية”.
وأفادت المصادر بأن “أغلبية المجلس ترغب في حفظ ماء وجهها عبر الإفراج عن مشروع ‘الخيرية’، نظرًا لأن المنطقة تفتقر إلى العديد من المرافق العمومية، أبرزها غياب ملاعب القرب، وهو الأمر الذي يثير مخاوف بعض المسؤولين المنتخبين في المنطقة، وعلى رأسهم عبد اللطيف الناصري، نائب العمدة المكلف بالشؤون الرياضية والثقافية بمجلس المدينة”.
وأكدت المصادر أن “مجلس مقاطعة عين الشق يعاني من غياب الانسجام بين مكوناته داخل الأغلبية، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث بدأت معظم الأحزاب السياسية المسيطرة على المجالس المنتخبة عقد اجتماعاتها بهدف ترتيب صفوفها استعدادًا للمحطة المقبلة”.
المصدر: العمق المغربي