شهد قطاع تصدير البصل المغربي خلال الموسم الممتد من يونيو 2024 إلى ماي 2025، طفرة تاريخية، حيث سجل أداء قياسيا من حيث الحجم والقيمة، وذلك في تحول ملحوظ أعقب رفع القيود التي كانت مفروضة على تصديره.
ووفقا لبيانات نشرتها منصة التحليلات الزراعية “EastFruit”، بلغت قيمة الصادرات الإجمالية أكثر من 238 مليون دولار، فيما وصلت الكميات المصدرة إلى حوالي 64,900 طن، وهو أعلى مستوى تاريخي يسجله القطاع.
ويأتي هذا الأداء الملحوظ بعد موسم 20232024 الذي شهد انكماشا حادا، حيث لم تتجاوز الصادرات 13,500 طن، وكان هذا التراجع نتيجة مباشرة لقرار مؤسسة “Morocco Foodex” في فبراير 2023 بفرض حظر على تصدير البصل نحو أسواق غرب إفريقيا، وهو إجراء كان يهدف إلى ضمان استقرار الإمدادات والأسعار في السوق المحلية خلال فترة اتسمت بضغوط على الإنتاج.
ومع رفع هذه القيود في صيف عام 2024، استجاب القطاع بسرعة ليعود بقوة إلى الأسواق الدولية، إذ لم تقتصر العودة على استعادة المستويات السابقة، بل تجاوزتها بشكل كبير، حيث مثلت الكمية المصدرة هذا الموسم زيادة بنحو 4.8 مرات مقارنة بالموسم الماضي، كما أنها تتفوق بنسبة 3% على الرقم القياسي السابق الذي تم تسجيله في موسم 20222023، والذي بلغ حوالي 60 ألف طن.
مسار نمو طويل الأمد
يضع هذا الرقم القياسي الجديد قطاع تصدير البصل المغربي في سياق مسار نمو متصاعد على مدى العقد الماضي. فبعد أن كانت الصادرات تحوم حول مستوى 10 آلاف طن سنويا قبل عام 2013، شهدت قفزات متتالية، متجاوزة 20 ألف طن في موسم 20132014، ثم 40 ألف طن في 20182019، وصولا إلى ذروة ما قبل الحظر في 20222023، وهو ما يعكس تطور قدرة المنتجين والمصدرين المغاربة على تلبية الطلب الدولي المتزايد وتعزيز مكانة المنتج المغربي.
وتؤكد البيانات الموسمية أهمية الفترة الصيفية للقطاع، حيث يبدأ موسم التصدير عادة في يونيو ويبلغ ذروته بين يوليو وشتنبر، حيث شهد شهر شتنبر 2024 وحده تصدير 14,200 طن، وهو حجم يفوق بمفرده إجمالي الكمية المصدرة طوال موسم 20232024 بأكمله، مما يشير إلى قوة الطلب وتوفر المنتج.
جغرافيا، حافظت أسواق غرب إفريقيا على مكانتها كوجهة رئيسية للبصل المغربي، مع تسجيل تباين في أداء الأسواق الفردية، حيث شهدت كلا من موريتانيا وكوت ديفوار نموا ملحوظا في وارداتهما، فيما ضاعفت موريتانيا كمياتها المستوردة مقارنة بموسم 20222023، أما مالي والسنغال فقد سجلتا تراجعا في حجم الواردات، مما قد يعكس عوامل متعلقة بالمنافسة أو تغيرات في الطلب المحلي.
غير أن التطور الأبرز هذا الموسم تمثل في النجاح الملحوظ في تنويع الوجهات التصديرية، خاصة نحو منطقة الشرق الأوسط، حيث برزت الإمارات العربية المتحدة كسوق جديدة واعدة، إذ استوردت لوحدها 5,500 طن، أي ما يعادل 8.5% من إجمالي الصادرات المغربية من البصل. ويعد هذا الاختراق مؤشرا على نجاح جهود استكشاف أسواق ذات قيمة مضافة والتقليل من الاعتماد على عدد محدود من الشركاء التجاريين.
ويحتل البصل موقعا استراتيجيا ضمن صادرات المغرب من الخضروات، حيث حل في المرتبة الرابعة خلال عام 2024 بعد منتجات رئيسية مثل الطماطم والفلفل والجزر، وتبرز الأرقام الأخيرة مرونة القطاع وقدرته على التعافي السريع، كما تسلط الضوء على تأثير القرارات التنظيمية (مثل فرض الحظر أو رفعه) على أداء الفاعلين الاقتصاديين.
وتعكس بيانات موسم 20242025 أن رفع القيود لم يسمح فقط باستعادة الحصة السوقية المفقودة، بل مكن القطاع من تحقيق نمو تاريخي، معززا مكانة المغرب كمصدر إقليمي رئيسي للخضروات الطازجة، ومدعوما باستراتيجية واعدة لتنويع الأسواق.
المصدر: العمق المغربي