بعثة دبلوماسية مغربية تصل إلى أراضي هولندا بـ”نعامة تلتهم الحديد”
تحدث الإعلامي محمد الصديق معنينو عن هدايا سلاطين المغرب إلى الدول الأجنبية في البعثات الدبلوماسية الرسمية، التي كانت تضم أسد أطلسِ ولبؤته، ونمرا ونعامة، فضلا عن هدايا أخرى.
جاء هذا في سادس حلقات البرنامج الرمضاني “تاريخنا مع الصديق معنينو”، الذي تعرضه هسبريس، ويهتمّ بتاريخ المملكة في القرن السابع عشر، وذكر فيه المقدّم أن الأمير عبد الله الدلائي بعد إسقاط المجاهد العياشي حكم مصب أبي رقراق من قصبة الأوداية، لكن “سرعان ما حوصر بسبب قراراته غير المفهومة”.
وأضاف معنينو: “الأمير عبد الله واجه مشاكل القرصنة، والجبايات، وامتلاء المصب بعدد من المرتزقة، وقدوم أساطيل أوروبية مهددة، بسبب النشاط البحري لمدن سلا والأوداية والرباط، ما تطلب مفاوضات، ساعد فيها الأندلسيون، والقناصل، وإرسال سفارة مغربية إلى دولة مثل هولندا”.
وانطلاقا من مذكرات وقصاصات جرائد هولندية خاصة حكى المقدم قصة هذه البعثة الدبلوماسية المغربية، قائلا: “عين الأمير عبد الله ثلاثة سفراء عن سلا والرباط والأوداية؛ وذهبوا إلى أمستردام بسفينة عسكرية هولندية، وبما أنه كان حاكم منطقة ولم يكن سلطانا فقد أرسل معهم سبعة خيول، كما أرسل نعامة، وطلب أبوه عبد الله بأن يشترط على الهولنديين إرسال من يجري له عملية على العين، بسبب سماعه قدر تطور الطب هناك، مع اشتراطه معاينة إجراء عملية مماثلة بهولندا والاتفاق على الأجرة قبل القدوم إلى المغرب”.
وذكر معنينو أن الصحف الهولندية توثق هذه الزيارة الدبلوماسية المغربية، والألبسة البيضاء للبعثة، التي كانت غير معهودة بالنسبة للساكنة، كما تؤرخ للمفاوضات الشاقة بين الطرفين.
ومن الحوادث الطريفة الموثّقة الدهشة التي أثارتها النعامة بوصفها كائنا غير معهود آنذاك بهولندا، وظن الساكنة خطأ أنها قادرة على التهام الحديد؛ ما قاد إلى موتها، إذ يظهر تقرير تشريحها عشرات المسامير في جسم “الحيوان البليد، كبير الجسم صغير الرأس”.
ومن بين ما أثار استغراب الصديق معنينو في هذه الزيارة توثيق إحدى الصور المرسومة بجريدة هولندية وجود امرأة مغربية غير مرتدية للنقاب في القرن السابع عشر، مع بعثة الدبلوماسيين المغاربة، وقدم آراءه حول دورها المفترض.
لكن هذه البعثة الدبلوماسية من مصب أبي رقراق لم تُرسل، وفق الإعلامي ذاته، في مغرب مستقر؛ بل في ظل تضارب واختلاف في الطموحات الجهوية بعد الضعف الكبير للدولة السعدية المؤدي إلى سقوطها، وتحركات كل من المولى امحمدـ مؤسس الدولة العلوية، والسملاليين، والدلائيين، فضلا عن حكم عائلة النقسيس لتطوان وجهادها ضد الإسبان، وقوة الخضر غيلان، الذي حاصر عبد الله الدلائي بـ”الأوداية”، وهزم الدلائيين، انتقاما للمجاهد العياشي.
المصدر: هسبريس