كشفت نتائج دراسة “بارومتر جاذبية جهة سوسماسة، نسخة 2025”، الصادر عن مكتب الدراسات “فورفيس مازار”، عن صورة مركبة لاقتصاد الجهة، تجمع بين قوة بنيوية واضحة ومؤهلات استراتيجية كبرى، وبين نقاط ضعف حرجة ما تزال تعرقل قدرتها على التحول إلى قطب اقتصادي قادر على المنافسة.

وأبرزت الدراسة التي اطلعت عليها جريدة “”، أن جهة سوس ماسة، تواجه مجموعة من الهشاشات البنيوية التي تحد من تنافسيتها وتعيق قدرتها على تنويع نسيجها الاقتصادي، إذ أنها الجهة الاقتصادية الوحيدة في المغرب التي تفتقر إلى شبكة للسكك الحديدية، ما يرفع كلفة الإنتاج ويبطئ حركة السلع ويقلص فرص تطوير صناعة تحويلية قوية، كما أوضحت أن ضعف البنية الطرقية، حيث إن ثلث الطرق الجهوية غير معبدة، يعرقل ولوج الأقاليم الداخلية ويعمق الهوة بينها وبين الشريط الساحلي.

وأكدت ذات الدراسة، أن التمركز الكبير للسكان والبنيات التحتية في محور أكادير، إنزكان، أيت ملول واشتوكة، يشكل تحديا رئيسيا، إذ تركز 85% من الأنشطة الاقتصادية في هذا المجال الضيق، مقابل هشاشة اقتصادية ومجالية بالمناطق الداخلية، موضحة أن الجهة تعاني من بنية تصدير غير متنوعة تعتمد بنسبة 99% على المنتجات الفلاحية والغذائية، مما يجعلها شديدة التأثر بالتقلبات المناخية والظروف الدولية.

وبين نفس المصدر، أن مساهمة الصناعة التحويلية لا تتجاوز 10% من القيمة المضافة الجهوية، فيما ظل أداء المناطق الصناعية الجديدة ضعيف من حيث الاستغلال وملاءمة التجهيزات مع حاجيات المستثمرين.

كما أن التكوين، وفق نتائج هذه الدراسة، لا يواكب الاحتياجات التقنية، إذ يعاني الشباب من معدل بطالة مرتفع يناهز 39%، بينما يشكل حاملو الشهادات 84% من مجموع العاطلين، ما يبين وجود فجوة واضحة بين مخرجات التكوين ومتطلبات سوق الشغل.

وأشار هذا الاستقصاء الميداني، إلى أن الهشاشة تتفاقم في المجال القروي التابع لنفوذ جهة سوس ماسة، حيث يوجد 64 ألف شخص في وضعية بطالة أو بطالة مقنعة، ما يحد من تطور سلاسل الإنتاج والخدمات المرتبطة بالصناعة الفلاحية واللوجستيك، كما كشف عن ضعف القدرة على الابتكار التطبيقي، رغم توفر الجهة على مراكز جامعية وتكنولوجية، ما يجعلها بعيدة عن تحويل الجهة إلى قطب للابتكار.

وأوضح “بارومتر جاذبية جهة سوسماسة” أن تطلعات المستثمرين تتركز على أربعة محاور رئيسية، أولها تطوير سلاسل القيمة المحلية، خاصة في قطاع الصناعات الغذائية، مع مشاريع كبرى مثل الميناء الجاف وتوسعة الطريق بين أكادير وتزنيت وخط أكاديرداكار، ثانيها توفير عرض اقتصادي متكامل للقطاعات الناشئة وبناء تموقع اقتصادي واضح للجهة.

في حين أكد المحور الثالث على ضرورة تسريع تطوير البنية التحتية الاستراتيجية في القطاعات الحساسة مثل اللوجستيك، التكنولوجيا، الصيدلة، التعليم، والبناء، كما يتطلعون إلى دعم الابتكار، من خلال مشاريع الأتمتة، الصناعة الذكية، إدارة الطاقة، والتحول نحو تقنيات عالية تلبي الاحتياجات الفعلية للمنطقة.

وأشارت نتائج دراسة “بارومتر جاذبية جهة سوس ماسة نسخة 2025”، إلى أن الجهة تحتل المرتبة الثالثة وطنياً من حيث الجاذبية بعد الدار البيضاء وطنجة، بفضل ميناء أكادير، مطار يربط الجهة بـ58 وجهة دولية، مناطق صناعية متكاملة نسبيا، موقع استراتيجي، قوة فلاحية وبحرية، وهوية ثقافية وسياحية قوية، أن هذه المؤهلات لم تتحول بعد إلى نموذج اقتصادي متنوع وقادر على المنافسة الدولية بسبب تراكم الإكراهات في اللوجستيك، الابتكار، الكفاءات، وضعف التوازن بين الأقاليم.

ذات النتائج الميدانية، خلصت إلى أن جهة سوسماسة تمتلك مؤهلات قوية تجعلها من أكثر الجهات الواعدة في المغرب، لكنها تواجه هشاشة عميقة في البنية التحتية، الابتكار، الموارد البشرية، وتركيز الثروة على الساحل، وأن مستقبلها رهين بقدرتها على تحقيق التوازن الترابي، تطوير رأس المال البشري، تبسيط الاستثمار، وتوسيع قاعدة اقتصادها بعيدا عن الاعتماد المفرط على الفلاحة والصيد البحري.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.