كشف تسجيل حصري، حصلت عليه “العمق”، عن تفاصيل اجتماع مثير للجدل عقده رئيس الجهة، عادل بركات، أمس الخميس، في أحد فنادق مدينة أزيلال مع بعض رؤساء الجماعات الترابية بالإقليم وقاطعه حزب الأحرار، تعهد خلاله بتقديم “عناية خاصة” و”معاملة تفضيلية” لملفاتهم داخل أروقة مجلس الجهة، في خطوة اعتبرها متتبعون بمثابة بداية إعلان “طلاق” سياسي بين حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار على المستوى الجهوي.
وقد حاول بركات في كلمته نفي أي طابع سياسي للقاء، وتأكيده في أكثر من مناسبة أن الاجتماع يأتي في إطار حقه كرئيس للجهة وموجه لجميع الرؤساء بغض النظر عن انتمائهم السياسي، إلا أن متتبعين استغربوا من اختيار فندق لعقد اللقاء بدلا من المقر الرسمي لمؤسسة الجهة، الذي يعتبر المكان الطبيعي لمثل هذه الاجتماعات الرسمية.
وتساءل هؤلاء عن سر تخصيص إقليم أزيلال دون غيره بهذه الوعود التفضيلية، رابطين ذلك بكون بركات ينحدر من الإقليم نفسه ويعول على أصواته لدعم حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات المقبلة. ومما زاد من هذه الشكوك، حسب مصادرنا، هو أن جماعة دمنات، ثاني أكبر جماعة بالإقليم والتي تعتبر معقلا تاريخيا لـ”البام”، عانت من حرمان ملحوظ من المشاريع طوال الولاية الحالية لبركات، فضلا عن التهم التي تلاحق بعض رموز الحزب في المدينة والإقليم، وهو ما يطرح فرضية أن تكون هذه الوعود محاولة لـ”تلميع صورة” هذه الوجوه في الأمتار الأخيرة قبل الاستحقاقات الانتخابية.
ووعد بركات الرؤساء الحاضرين بتخصيص “قسط كبير” من اتفاقية بقيمة 800 مليون درهم سنويا لإقليم أزيلال، بهدف “سد الخصاص” الذي يعاني منه، متعهدا بمتابعة شخصية لملفاتهم. كما دعا إداريي الجهة إلى التعامل بشكل تفضيلي بحضوره او بغيابه وتتبع مشاريع الإقليم عن قرب وعن كتب.
وما يؤكد عمق الانقسام السياسي داخل أغلبية الجهة، حسب مصادر “العمق”، هو المقاطعة شبه الكاملة لرؤساء جماعات حزب التجمع الوطني للأحرار لهذا اللقاء. فمن أصل 14 رئيسا ينتمون لحزب “الأحرار” في إقليم أزيلال، لم يحضر سوى ثلاثة رؤساء، في رسالة واضحة تعكس رفضهم لما يعتبرونه استغلالا سياسيا لمؤسسة الجهة ومحاولة لاستمالة الرؤساء عبر وعود موجهة.
هذا “الطلاق” السياسي بين الحليفين الرئيسيين في الحكومة على المستوى الجهوي، يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول مستقبل تدبير شؤون الجهة، وحول ما إذا كانت التنمية ستخضع لمنطق الولاءات السياسية والحسابات الانتخابية الضيقة، أم أن رئيس الجهة سيعمم هذه “العناية الخاصة” على باقي أقاليم الجهة (خنيفرة، خريبكة، الفقيه بن صالح، وبني ملال) لتحقيق الإنصاف والعدالة المجالية التي تأسست عليها الجهوية المتقدمة.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر جريدة “العمق” إن لقاء بركات مع رؤساء الجماعة والحديث عن المشاريع يأتي ردا على السؤال الذي وجهه برلماني الاحرار بالإقليم رشيد المنصوري إلى وزير الداخلية، يستفسره فيه عن الأسباب الكامنة وراء تجميد أو سحب عدد من المشاريع التنموية الهامة التي كانت مبرمجة لفائدة جماعات بإقليم أزيلال.
وأشار النائب، في سؤاله إلى أنه في إطار تتبعه للشأن المحلي ومسار تنفيذ المشاريع التنموية بإقليم أزيلال، لاحظ “بأسف كبير” سحب أو تجميد عدد كبير من المشاريع التي برمجتها وكالة التنمية الجهوية لجهة بني ملالخنيفرة، بالشراكة مع المجلس الإقليمي لأزيلال ومجموعة الجماعات بالجهة. وأوضح أن هذه المشاريع كانت قد تم الإعلان عنها وتفعيلها إداريا عبر سحب دفاتر التحملات الخاصة بها.
لكن المثير للاستغراب، حسب السؤال، هو أنه تم التراجع عن هذه المشاريع “بشكل مفاجئ وغير مبرر”، دون أن ترى النور على أرض الواقع، وهو ما يشهد عليه رؤساء جميع الجماعات القروية والحضرية بالإقليم. وأبرز النائب أن هذه المشاريع، التي شملت عددا كبيرا من جماعات الإقليم، كانت ممتدة على الفترة من سنة 2021 إلى سنة 2025.
وذكر البرلماني بأن هذه المشاريع كان يُنتظر منها أن تساهم بشكل كبير في تحسين البنية التحتية للجماعات، وفك العزلة عن عدد من المناطق، ودعم التنمية القروية. كما لفت الانتباه إلى أن عددا منها كان في إطار اتفاقيات شراكة موقعة بين الجماعات والمجلس الإقليمي ومجموعة الجماعات. ورغم استكمال تفعيلها إداريا، فإن عدم تفعيلها على أرض الواقع “خلف موجة من الاستياء لدى الساكنة وأثار تساؤلات مشروعة حول مصير هذه المبادرات التنموية”.
وختم النائب البرلماني سؤاله بدعوة وزير الداخلية بـ”الكشف عن الأسباب الحقيقية وراء تجميد أو سحب هذه المشاريع بعد الإعلان عنها”، ومعرفة الجهات التي اتخذت هذا القرار، داعيا إلى فتح تحقيق معمق للوقوف على خلفياته. كما استفسر النائب الوزير عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها “لإعادة برمجة هذه المشاريع أو تعويضها، ضمانا للعدالة المجالية والإنصاف للجماعات المتضررة بإقليم أزيلال”.
المصدر: العمق المغربي