كشف عادل بركات، رئيس مجلس جهة بني ملال خنيفرة، في تصريح خص به جريدة “العمق”، عن حيثيات بخصوص الجدل الدائر حول ما بات يعرف بملف “الجمعية الوهمية” بجماعة دمنات، والتي استفادت من منحة مالية قدرها 50 مليون سنتيم، مؤكدا أن المجلس الحالي تعامل مع الملف وفق الضوابط القانونية والإدارية المعمول بها، وأن الكلمة الفصل في هذه القضية تعود للقضاء.
وأوضح المسؤول الجهوي، أن المجلس الحالي للجهة لم يكن هو من صادق على هذه المنحة، بل تم ذلك خلال الولاية الانتدابية للمجلس السابق، مشيرا إلى أن المكتب الحالي قام بواجبه من خلال مراسلة الجمعية للاستفسار حول أوجه صرف الدعم العمومي، وذلك في إطار ممارسة صلاحياته في تتبع المال العام.
;أكد المتحدث ذاته أن الملف يوجد حاليا تحت أنظار القضاء، حيث صدر حكم يقضي بإرجاع المبلغ المذكور لفائدة مجلس الجهة، لافتا إلى أن المسطرة القضائية لا تزال جارية، وأن المجلس سيلتزم بتنفيذ منطوق الحكم النهائي احتراما للمقررات القضائية ولسيادة القانون.
يذكر أن إجراءات تنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالح مجلس جهة بني ملال خنيفرة ضد “جمعية التنمية والرياضة والفن والثقافة” بدمنات تعثرا جديدا بتاريخ 13 نونبر 2025، حيث اصطدمت مساعي استرداد المال العام بعقبة إجرائية تمثلت في رفض زوجة رئيس الجمعية تسلم التبليغ، وفق ما وثقته محاضر المفوض القضائي، ليعيد هذا المستجد النقاش حول صعوبة تنفيذ الأحكام المتعلقة باسترجاع أموال دافعي الضرائب، رغم مرور سنوات على صدور القرارات القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به.
وجاءت هذه الواقعة المسجلة في نونبر 2025 لتعمق مسار التعقيدات التي واجهت هذا الملف منذ فتح ملف التنفيذ بتاريخ 4 دجنبر 2024، حيث كشفت المعطيات الرسمية أن محاولات التبليغ السابقة واجهت المصير ذاته، مما يطرح تساؤلات جدية حول خلفيات هذا الامتناع المتكرر عن الامتثال للمقررات القضائية، ويسلط الضوء على الفجوة الزمنية الكبيرة بين النطق بالحكم وبين تنزيله على أرض الواقع، وهو ما يعطل استرجاع مبلغ 500 ألف درهم لخزينة الدولة.
وقضت المحكمة الابتدائية بأزيلال في حكمها القطعي الصادر بتاريخ 17 فبراير 2022، بإلزام الجمعية المعنية بإرجاع مبلغ الدعم كاملا لمجلس الجهة، مع تعويض مدني قدره 10 آلاف درهم وتحميلها الصائر، وتعود تفاصيل هذا الحكم إلى دعوى رفعها المجلس الجهوي بعد فشل الجمعية في تقديم الوثائق والمبررات القانونية التي توضح أوجه صرف الدعم المالي الذي تلقته بموجب اتفاقية شراكة لتنظيم مهرجان ثقافي وفني، مما اعتبرته المحكمة تبديدا غير مبرر للمال العام يستوجب الاسترداد.
أوضحت مصادر جريدة “العمق” التي أوردت تفاصيل الملف سابقا، أن اللجوء للقضاء جاء بعد استنفاد كافة المساعي الإدارية والودية، حيث وجه مجلس الجهة أربع مراسلات رسمية للجمعية تواليا في غشت 2017، ويناير 2018، وأكتوبر ونونبر 2019، دون تلقي أي رد، كما دعا المجلس ممثلي الجمعية لاجتماع تسوية في دجنبر 2020 قوبل بالغياب، مما اضطره لرفع الدعوى في نونبر 2021 حماية للمال العام.
واعتبر مهتمون بالشأن العام المحلي أن تكرار رفض التبليغ، وآخرها واقعة نونبر 2025، يضع فعالية المساطر القانونية على المحك، مشيرين إلى أن قضية “الجمعية الوهمية” كما باتت توصف إعلاميا، تشكل نموذجا للإشكالات التي تعيق ربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث يؤدي البطء في التنفيذ والتحايل على إجراءات التبليغ إلى إفراغ الأحكام القضائية من محتواها الردعي، مما يستدعي صرامة أكبر في التعامل مع ملفات استرداد الأموال العمومية المنهوبة أو المبددة.
المصدر: العمق المغربي
