بالتزامن مع “الأسد الإفريقي” .. الجيش الجزائري يناور قرب الحدود المغربية
أشرف الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، ليل أول أمس الأربعاء، على تنفيذ تمرين عسكري ليلي يحاكي الواقع حمل اسم “شهاب 2024″، بالناحية العسكرية الثانية القريبة من الحدود مع المغرب، على مستوى الميدان الثاني للرمي والمناورة لـ”رجم درموش”، نفذته وحدات اللواء 38 الميكانيكي للمشاة، بمشاركة وحدات من قوات الإسناد التقني والجوي المتمركزة في المنطقة، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الوطني تناقلته وسائل إعلام رسمية على نطاق واسع.
وحسب المصادر ذاته، فقد أبرز قائد الجيش أن “تنفيذ التمرين يؤكد القدرة التي تتمتع بها الوحدات المشاركة والتحكم الجيد للأطقم في مختلف الأسلحة والمعدات الحديثة ذات التكنولوجيا العالية”، كما عقد المسؤول العسكري الجزائري ذاته، الذي يصفه كثيرون بـ”الحاكم الفعلي” للجزائر، لقاءا تقييميا مع أفراد الوحدات المشاركة، حيث “هنأهم على الجهود المبذولة طيلة مدة التحضير القتالي”، مشيدا في الوقت ذاته بـ”النتائج المحققة المتوافقة مع الأهداف المسطرة وطبيعة المهام الحيوية الموكلة لهم”، بتعبير المصادر عينها.
نشاط عسكري ينطوي توقيته وسياقه على مجموعة من الرسائل، حسب محمد شقير، باحث في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، الذي أوضح أن “التحرك العسكري الجزائري الأخير على الحدود الغربية ليس عفويا بالنظر إلى عاملي المكان والزمان، وكذلك عامل الإشراف عليه من طرف أعلى القيادات في الجيش، إذ يحمل مجموعة من الدلالات والرسائل”، مضيفا أن “الجزائر تحاول إظهار جاهزيتها القتالية والعملياتية للدفاع عن حدودها في وجه كل التهديدات، خاصة في ظل تزامن هذا التمرين مع إجراء مناورات الأسد الإفريقي التي تحتضنها المغرب”.
وأشار الباحث ذاته، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “هذا التمرين الليلي يحمل رمزية سياسية أكثر منها عسكرية، إذ إن المناورات العسكرية الجزائرية على الحدود مع المغرب غالبا ما تتم بإشراف مباشر من أعلى هرم في المؤسسة العسكرية، وتحاكي فرضيات التعامل مع وضعيات معينة، وهو ما تروم الجزائر من خلاله، بالإضافة إلى استعراض قدرات الردع، توجيه رسالة إلى الشركاء العسكريين للمغرب، مفادها أن أي تغيير في قواعد الاشتباك في الصحراء سيقابله حتما رد جزائري مضاد، وبالتالي الدفع في اتجاه مواجهة مفتوحة مع الرباط”.
وخلص شقير إلى أن “استمرار التوتر في العلاقات بين المغرب والجزائر على خلفية المواقف الراديكالية لهذه الأخيرة من قضية الصحراء المغربية، يدفع بالجيش الجزائري إلى استعراض عضلاته العسكرية بشكل دوري ومنتظم، في محاولة لإظهار أنه يراقب ويتابع دينامية التسلح المغربي وقادر على تطوير مقاربات عسكرية، سواء على مستوى التسلح أو التكتيك، للرد على أي اختلال في موازين القوى الدفاعية في المنطقة لصالح الرباط بدعم من شركائها الأميركيين أو الأوروبيين”.
من جهته، أكد وليد كبير، صحافي جزائري معارض، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تنفيذ هذا التمرين يأتي تزامنا مع إجراء المغرب رفقة شركائه الأمريكيين مناورات الأسد الإفريقي، حيث إن النظام الجزائري عودنا طيلة السنوات الأخيرة على إجراء هذا النوع من التمارين تزامنا مع هذه المناورات الأضخم من نوعها في المنطقة، خاصة في الناحيتين العسكريتين الثانية والثالثة الملاصقتين للحدود مع المملكة المغربية”.
وأضاف كبير أن “توقيت هذا التمرين العسكري الذي أشرف عليه رئيس الأركان شخصيا، يحمل مجموعة من الرسائل السياسية التي عجز الساسة الجزائريون عن تمريرها فعمد النظام إلى تمريرها عبر هكذا تمارين ومناورات، وهي رسائل مزدوجة موجهة للداخل وللخارج”، مضيفا أن “الرسالة الخارجية موجهة أساسا للغرب، ومفادها رفض الإقدام أو التسريع في مسلسل تسوية قضية الصحراء في إطار السيادة المغربية، وأن هذا الأمر سيؤدي إلى إشعال حرب مباشرة بين الرباط والجزائر، خاصة وأن ملف الصحراء بالنسبة لهذه الأخيرة صار مسألة حياة أو موت”.
وعلى المستوى الداخلي، بين المتحدث أن “النظام يحاول إظهار تحكم المؤسسة العسكرية في كل مفاصل الدولة وأن الجيش هو صمام أمان والضامن الحقيقي لأمن واستقرار الجزائر في وجه التهديدات القادمة من الجوار”، مشددا على أن “احتكار الجيش، الذي لا تتم مناقشة ميزانيته داخل أروقة البرلمان، للسيطرة الفعلية على كل مفاصل الدولة الجزائرية، جعل هذه الأخيرة بكل مؤسساتها تخدم الجيش، وليس عكس ما يجب أن يكون، أي الجيش هو الذي يخدم الدولة”.
المصدر: هسبريس