بالأرقام .. سبيك: التدين يقلل الجرائم ويعزز التسامح والاعتدال خاصة في رمضان

كشف بوبكر سبيك، المراقب العام للشرطة والناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عن تسجيل انخفاض كبير في معدلات الجريمة خلال أشهر رمضان، مرجعًا ذلك إلى انصراف الناس إلى العبادات وزيادة مجالس الوعظ، مما ينعكس بشكل إيجابي على سلوكيات الأفراد من حيث التهذيب والتقويم.
وأكد سبيك، في لقاء تواصلي بين المجلس العلمي الأعلى وخبراء في التنمية، بناءً على دراسة مقارنة، “أن المظهر العام للجريمة كان أقل بكثير في رمضان المبارك، حيث انخفضت المعدلات بنسبة تصل إلى 32%”، مشيرًا إلى أن “القراءة المتأنية لهذه المقارنة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن شهر رمضان يشهد انخفاضًا واضحًا في مؤشرات الجريمة”.
وعزا المتحدث هذا الانخفاض إلى عاملين: الأول يرتبط بالبروتوكولات الأمنية التي تفرضها مصالح الشرطة لتأمين هذا الشهر الفضيل، والثاني روحاني، ويعود إلى التوجه نحو العبادة والتدين، حيث ينعكس انصراف الناس إلى العبادات وزيادة مجالس الوعظ بشكل إيجابي على سلوك الأفراد، مما يؤدي إلى ممارسات أقل عنفًا وأكثر تسامحًا.
وبلغة الأرقام، أوضح سبيك أن المقارنة بين شهر رمضان وشهر فبراير من سنة 2024 أظهرت تراجعًا بنسبة تزيد عن 28% في عدد القضايا، بما في ذلك جميع الجرائم مثل القتل العمد (انخفاض بنسبة 50%)، والاغتصاب (انخفاض بنسبة 31%)، والسرقات بالخطف والنشل (انخفاض بنسبة 37%)، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ فقط في قضايا استهلاك الشيشة بنسبة 37%، والتسول الاعتيادي بنسبة 5%، واستهلاك وترويج المخدرات بنسبة تصل إلى 17%.
وأكد سبيك أنه تم إجراء مقارنة ثانية مع شهر مايو 2024، وأكدت بدورها أن المظهر العام للجريمة كان أقل بكثير في رمضان المبارك، حيث انخفضت الجرائم المرتبطة بالعنف بنسبة 42% في السرقات بالعنف، وبنسبة 44% في جرائم القتل العمد، وبنسبة 38% في جرائم الاغتصاب.
وتابع سبيك قائلاً: “رغم أن المخيال الشعبي للمغاربة يتعامل مع قضايا الجريمة في رمضان تحت مسمى ‘الترمضينة’، إلا أن ذلك يرجع إلى طبيعة هذه القضايا الشاذة وغير المقبولة في هذا الشهر الكريم، وليس إلى تفاقم الجريمة كما يعتقد البعض”.
وشدد سبيك على أن العلماء يلعبون دورًا كبيرًا في مكافحة التطرف، من خلال تحصين الشباب ضد محاولات الاستقطاب والتجنيد التي تنتهجها الجماعات الإرهابية، مؤكدًا أن الفكر الضال لا يواجه إلا بالفكر القويم، وأن تصحيح مظاهر الغلو والتعصب لا يتم إلا من خلال بسط تعاليم الدين الصحيحة التي تحض على التسامح والاعتدال.
وأشار إلى أن ورش إعادة هيكلة الحقل الديني، خاصة ما يتعلق منها بتقنين أماكن العبادات، ومأسسة الفتوى، قد أسهمت بشكل كبير في تجفيف منابع الاستقطاب المباشر، مما دفع التنظيمات الإرهابية إلى البحث عن بدائل جديدة مثل التطرف السريع عبر الشبكات التواصلية.
ولفت سبيك إلى أن البعض قد يفسر تراجع الجريمة خلال الشهر الفضيل بوقف بيع المشروبات الكحولية، لكنه استدرك قائلاً: “هذا الدافع لا يمكن تعميمه على جميع الجرائم، لأن المشروبات الكحولية وإن كانت تلعب دورًا في الحوادث المرورية وفي بعض الاعتداءات الجسدية، إلا أنها لا تعد مسؤولة عن تغذية دوافع باقي الجرائم الأخرى”.
وفي سياق متصل، أشار سبيك إلى أن مصالح الأمن الوطني عالجت 160 قضية خلال سنة 2024 تتعلق بالجرائم المرتكبة داخل أماكن العبادات وفي محيطها، حيث تم تسجيل ثلاث قضايا في مؤسسات التعليم العتيق، وعشر قضايا في الأضرحة والزوايا، و144 قضية في محيط المساجد، وثلاث قضايا في أماكن عبادة النصارى (الكنائس)، مع عدم تسجيل أي قضية في أماكن عبادة اليهود.
وأكد سبيك أن أغلب القضايا المسجلة تتعلق بالتسول أو العنف اللفظي والجسدي، مع غياب الجرائم الخطيرة التي تهدد الأمن، باستثناء بعض الحالات التي ارتكبها مختلون عقليًا ضد المصلين.
كما نوه سبيك بمساهمة العلماء في برنامج المصالحة داخل السجون، حيث شارك حوالي 310 معتقلين في قضايا الإرهاب، مشيرًا إلى أن هذا البرنامج حقق العديد من النجاحات الإصلاحية، حيث استفاد العديد من المعتقلين من العفو الملكي السامي، وتم تخفيض عقوبات البعض الآخر، في حين أبدى باقي المشاركين استعدادهم لتصحيح معتقداتهم المتطرفة.
وشدد سبيك على أن نجاح خطة تسديد التبليغ يعتمد على انفتاحها على جميع فئات المجتمع، بما في ذلك التلاميذ والمعتقلين السابقين في قضايا الإرهاب، مقترحًا إعداد حقيبة بيداغوجية لخطة تسديد التبليغ موجهة حصريًا للناشئة التعليمية، وإثراء هذه الحقيبة من طرف العلماء بالمواضيع التي تتلاءم مع خصوصية الشريحة المستهدفة.
وفي ختام كلمته، عبر سبيك عن اعتزازه بحضور أعمال اللقاء من داخل مؤسسة العلماء، معتبرًا أن هذه المؤسسة “مساهم أصيل في إرساء الأمن بمفهومه الواسع”، مؤكدًا أن مصالح الأمن تنظر إلى مثل هذه اللقاءات من زوايا متعددة، وأن هذا “الجمع المبارك يهدف إلى تحقيق تفاعل مؤسساتي مع موضوع في غاية الأهمية في حياة الناس، وهو علاقة خطة التبليغ بالتنمية والأمن، بما يعكس مفهوم الإنتاج المشترك للأمن”.
المصدر: العمق المغربي