اخبار المغرب

باحث تراثي يوصي باستحضار فنون مسرح الشارع في المناهج التعليمية

أكدت ورقة بحثية، منشورة ضمن عدد هذا الشهر من مجلة “الباحث للدراسات والأبحاث”، أن “الحلقة” المغربية تعد شكلا من أشكال التعبير الشعبي التي تدخل ضمن الأشكال التمثيلية، كما أنها شكل فرجوي شعبي يتوفر على عناصر مسرحية مختلفة؛ منها الغناء والرقص والحركة والحكاية والمؤثرات الصوتية الأخرى، معتبرة أنها من “أقدم الفنون الفرجوية التي لا تزال راسخة في وجدان جمهور المغرب بفضائها اللعبوي الذي يؤثثه الحلايقي وفق أسلوب عمله”.

وأوضحت الورقة المعنونة بـ”مسرح الشارع في الثقافة المغربية.. المفهوم والمكونات والوظائف”، لكاتبها محمد بنهدي، الباحث في التراث، أن “الحلقة تأخذ اسمها من شكلها الدائري وفضائها الهندسي المميز الذي يتحلق حوله المتفرجون بحيث يتوسط صاحب الحلقة مركزها، وهو يواجه من موقعه ذاك جمهور الوراد؛ ما يجعله يتحكم في المشهد بكامله”.

وبيّنت أن “تلك الدائرة قد تضيق إلى حدها الأقصى في حالة حلقة رواة السيرة الشعبية مثلا وحلقة العرافة وجوالب السعد… لحاجة المستمعين إلى التقاط جزئيات خطاب المتحدث وطلبا لتحقيق ما يكفي من الحميمية، مثلما يمكنها أن تتسع إلى حلبة فسيحة كما في حلقة المسيح وعبيدات الرما وأولاد سيدي موسى وغيرها من الحلقات القائمة على الحركة”.

وتابعت الوثيقة ذاتها أن “المكان الأثير لقيام الحلقة هو الفضاء المفتوح على الهواء الطلق في الساحات العمومية خارج الأسوار أو على هامش المراكز السكنية والتجارية، كالأسواق الأسبوعية ومواسم الأولياء؛ لانفتاحها على جميع الشرائح الاجتماعية بمستوياتها الثقافية. ومن أشهر هذه الساحات ساحة جامع الفنا بمراكش، التي تعد أحسن نموذج لمسرح الشارع”.

وفي معرض حديثها عن علاقة مسرح الشارع بالدولة، أشارت الورقة ذاتها إلى أن “مسرح الشارع كنوع درامي له قواعد وضوابط، فللمكان العام أيضا قواعد قانونية تنظمه، إذ إنه مشمول بمراعاة النظام العام الذي يضبط العلاقة بين الدولة والأفراد حفاظا على الأمن والسلامة. فالأسواق مثلا والحدائق العمومية والشوارع والساحات لا يمكن استغلالها خارج ما أحدثت لأجله إلا بترخيص”، مضيفة أن “الدولة باعتبارها الوصي على أمن وسلامة المواطنين سنت قوانين لتحديد المسؤوليات والحفاظ على النظام ومنع الفوضى، ولهذا فرضت على كل أنواع الأنشطة التي تقام في الفضاء العام تراخيص بما في ذلك المسرح باعتباره تظاهرة أو تجمع أشخاص في مكان عام”.

وتابعت: “وهكذا لا يمكن لأي عرض مسرحي أن يتم في المغرب بدون ترخيص مسبق من وزارة الداخلية أو ممثليها المحليين. وعلى هذا المستوى، يتم التعامل مع العرض المسرحي على قدم المساواة مع النشاط العمومي لحزب سياسي. إضافة إلى ذلك نجد الفصل 26 من قانون الحريات العامة ينص على دعم السلطات العمومية تنمية الإبداع الثقافي والفني بالوسائل الملائمة، وينص الفصل 29 من القانون نفسه على ضمان حريات الاجتماع والتجمهر، ويحدد شروط ممارسة هذه الحريات”.

وأكدت الورقة أن “الحرية إذن ليست مطلقة؛ ولكنها مقيدة باحترام الآخر، إذ لا يمكن الإخلال بالحياء العلني في الفرجة المسرحية بتعابير لفظية نابية أو حركية، أو تقديم آراء وأفكار تحريضية. وأي تجاوز في هذه الحالات يعد خرقا للقانون وقد يتسبب في فوضى بين الجمهور”، مضيفة أنه “ليس للفرقة المسرحية الحق في تطبيق الفهم المطلق لحرية التعبير والتجول المنصوص عليها في الدستور المغربي إلا بترخيص حتى تكون السلطات على بينة من أمرها وتحدد المسؤول عن العرض المسرحي وتؤمن مكان الفرجة من كل خرق للقانون”.

على صعيد آخر، وعلاقة بالتكوين والدعم المسرحيين في المغرب، أشار المصدر ذاته إلى “إحداث المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بموجب مرسوم 18 يناير 1985، والذي عهد إليه تكوين الأطر المسرحية في مختلف التقنيات المرتبطة بالمسرح. كما قام المغرب ببناء مجموعة من قاعات العروض المسرحية في مختلف المدن المغربية، مشيرا إلى سن وزارة الثقافة آلية للدعم المسرحي منذ سنة 1988 والتي عرفت العديد من التعديلات سنة 2014، التي مكنت من توسيع برنامج دعم الإبداع والترويج المسرحيين”.

وخلص إلى أن “أهمية مسرح الشارع المغربي تتمثل في أنه وسيلة تعليمية وتثقيفية وتربوية تؤثر في آراء الجماهير وتساعدهم على اكتشاف أنفسهم، كما تعمل على جذب ميولهم إلى الفنون المسرحية والترويج لها”، موصيا بتطوير مسرح الشارع في المملكة بتسهيل إجراءات التراخيص وحماية حقوق الفنانين، وإدخال فنون مسرح الشارع في المناهج التعليمية، إضافة إلى دعم الدراسات حول تأثير مسرح الشارع وإنشاء مراكز ومعاهد متخصصة في هذا الصدد.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *