رصد كل من أستاذ العلوم السياسية بجامعة شعيب الدكالي عبد الغني السرار، والباحث في العلوم السياسية محمد شقير، في تحليلهما لمضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأخيرة للولاية الحالية، أن الخطاب ينطوي على رضى ضمني بشأن أداء الحكومة، وأنه حسم مصيرها، في ظل المطالب التي رفعت لإقالتها.

وقال شقير، في تصريح لـ”العمق”، إن من أهم ما تضمنه الخطاب الملكي هو دعوة الملك لكل مكونات المشهد السياسي، من برلمان وحكومة، إلى تسريع جهودهم من أجل تنزيل الأوراش المفتوحة، خصوصا في السنة التشريعية الأخيرة. وشدد شقير على أن هذه الدعوة تمثل جوابا واضحا وحاسما على المطالب التي طالبت بإقالة الحكومة، حيث أكد الملك على ضرورة مواصلة الحكومة عملها وتسريع وتيرته.

وأضاف شقير أن الخطاب ركز على ضرورة قيام كل الفعاليات السياسية، وعلى رأسها الأحزاب ووسائل الإعلام، بواجبها في تأطير المواطنين، خاصة الشباب. وأشار إلى أن نزول الشباب في تظاهرات احتجاجية يعكس ضعف القدرات التأطيرية لهذه الفعاليات، التي يجب عليها تحمل مسؤولية هذا التقصير وتحسين آليات استقطاب الشباب وإدماجهم.

وذكر شقير أن العاهل المغربي أحال في خطابه على خطاب العرش الأخير الذي دعا فيه الحكومة لتنزيل جيل جديد من الأوراش التنموية، التي تشمل خلق فرص شغل للشباب وتنفيذ مشاريع محلية في المناطق النائية والجبال، التي تشكل نحو 30% من سكان المغرب، معتبرا أن إدماج هذه الفئات ضمن النسيج الاقتصادي الوطني هو أساس لتحقيق عدالة مجالية تعزز التنمية المحلية، التي هي العنصر الحيوي لأي دولة صاعدة.

أما عبد الغني السرار، فقد أوضح أن الخطاب الملكي يأتي في سياق اجتماعي متسم بحركات احتجاجية قادها شباب “جيل زيد”، الذين يطالبون بحقوقهم في الصحة والتعليم ومحاربة الفساد، وهو ما جعل الخطاب مثار اهتمام وترقب.

وأكد السرار أن الخطاب تناول بعمق أعطاب الممارسة الحزبية والنيابية، حيث وجه الملك نداء مباشرا إلى نواب البرلمان للعمل بروح المسؤولية لاستكمال المخططات التشريعية وتنفيذ البرامج المفتوحة، والدفاع عن قضايا الوطن والمواطنين بعيدا عن المزايدات السياسية التي أضرت بإنجاز المشاريع الوطنية.

وذكر السرار أن الخطاب حمل نوعا من الرضى الضمني عن أداء الحكومة، موضحا أن الحكومة لا يمكنها القيام بمهامها إلا بتعاون فعال مع البرلمان، الذي يجب أن يلتزم بوظائفه التمثيلية على أحسن وجه.

ولفت إلى أن الخطاب أكد أيضا على الدور الأساسي للأحزاب السياسية التي نص عليها الفصل السابع من الدستور في تأطير المواطنين سياسيا، واعتبر أن تراجع الدور التأطيري للأحزاب يترك فراغا تستغله بعض الجهات من أجل استغلال الشباب و”الزج به في قضايا لا يقدر ما قد ينتج عنها من تداعيات سلبية على مستقبله ومستقبل وطنه”.

وأضاف كذلك أن الملك استحضر في خطابه خطاب العرش الأخير، مؤكدا على تسريع مسيرة التنمية الترابية والمجالية عبر جيل جديد من البرامج التي تستند إلى تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية واسعة، وضمان الاستفادة المتكافئة لجميع المواطنين.

وأوضح أن الخطاب شدد على مسؤولية المنتخبين في مجالس الجماعات الترابية، وحث على تغيير ملموس في العقليات وأساليب العمل، وترسيخ ثقافة النتائج، مع ضرورة التنسيق بين الجماعات الترابية والمصالح الخارجية للدولة في إطار مبدأ الفرعية (Le Principe de Subsidiarité)، الذي يضمن تكامل الإدارة المركزية مع الإدارة الترابية.

وأكد السرار على أن شرعية المجالس الترابية تقاس بمدى نجاحها في تحقيق نتائج إيجابية في المجالات الاجتماعية ذات الأولوية، مثل التشغيل والصحة والتعليم، خصوصا في المناطق الأكثر هشاشة كالمناطق الجبلية والواحات، وأن تحقيق مثل هذه النتائج يعزز ثقة المواطنين في التنظيمات السياسية التي تدير شؤونهم، رغم الأزمة التي تعيشها التمثيلية السياسية.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.