بأوامر من واشنطن.. ستيفاني خوري رئيس البعثة الأممية في ليبيا
يواجه الوضع في ليبيا مزيداً من التعقيد، فبعد فشل إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في دجنبر 2021، وتأجيلها إلى أجل غير مسمى، بالإضافة إلى فشل حكومة عبد الحميد الدبيبة في الإيفاء بوعودها، سواء المتعلقة بإخلاء العاصمة من الجماعات المسلحة أو بإعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي المشترك مع تونس والمغلق منذ 19 مارس الماضي.
ليأتي خبر الاستقالة المفاجئة للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبد الله باثيلي، ليعمق جراح الملف الليبي، وذلك بعد قبول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غرتيريش استقالة باثيلي من منصبه، ويرى مراقبون أن استقالة باثيلي جاءت لتؤكد فشل المجتمع الدولي في حلحلة الأزمة الليبية رغم أنه كان وراء تعميقها من خلال التدخل العسكري المباشر في العام 2011، وإسقاطها لحكم الرئيس الراحل معمر القذافي.
في السياق نفس أكد بعض المختصين في الشأن الليبية أن استقالة عبد الله باثيلي، جاءت بضغظ من واشنطن وحلفائها، وذلك بعدما تعارضت تحركاته في ليبيا مع مصالح الدول الغربية وأطماعهم في المنطقة، وقد حذر باثيلي من أن “ليبيا في طريقها إلى فقدان سيادتها” وأكد أن الأمم المتحدة تحاول منع ذلك، لكن “لاعبين خارجيين يحاولون إفشال جهود الأمم المتحدة”.
وتزايد الإهتمام الأمريكي بليبيا في الآونة الأخيرة، عبر خطوات عدة قامت بها الإدارة الأمريكية إنطلاقا من حرصها المتزايد على زيادة نفوذها في البلاد الغنية بإحتياطيات النفط والغاز، وفي نفس الوقت، مواجهة النفوذ الروسي والتركي في كِلا شقي ليبيا الشرقي والغربي، ويرى مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي “أن الولايات المتحدة عرفت أن باثيلي سيستقيل، فسارعت بتعيين ستيفاني جديدة ليبقى مفتاح الحل في ليبيا بيدها، ولن تستخدمه إلا إذا ضمنت مصالحها”.
وهذا ما كان بعد قرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غرتيريش تعين ستيفاني خوري بدلاً عبد الله باثيلي، وعملت ستيفاني صاحبة الأصول اللبنانية والجنسية الأمريكية، لأكثر من 15 عاماً مع الأمم المتحدة في العراق ولبنان وليبيا وسوريا واليمن، إضافة إلى أنها شغلت مؤخراً منصب مديرة الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الإنتقالية في السودان، الا أن جميع هذه الدول مازالت تعاني من الحروب والتشرد والقتل، مما يدل على أن ستيفاني ليست الخيار الأمثل لليبيا التي تشهد حرباً أهلية لأكثر من عقد من الزمن.
الخبراء والمحللين والمراقبين للمشهد السياسي الليبي يرون أن الإدارة الأمريكية أختارت ستيفاني خوري للعمل على ملف سحب القوات الروسية والتركية وإستبدالهم بقوات أمريكية حيث أن واشنطن تُرسل قوات شركاتها الأمنية الخاصة للسيطرة على مؤانى وقواعد عسكرية في البلاد، ما يبين على ازدواجية المعايير الأمريكية مما سيزيد من تحكم الإستخبارات الأمريكية بصناع القرار في ليبيا.
وزيادة التدخل الأمريكي في البلاد سيزيد من إنتشار الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، مما سيدفع الليبيين إلى الهجرة من بلادهم، خوفاً من ممارسات الميليشيات المختلفة في عدد من المناطق، وفقدانهم فرص ضمان مستقبل أفضل.
وإضافة التقارير إلى أن ستيفاني خوري ستعمل على تشكيل حكومة جديدة بطلب من واشنطن، وإضافة التقارير إلى أن أي معارض لهذا القرار سيتم ابتزازه مالياً، حيث أن واشنطن تعمل على تنسيق محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وهذا ما كان واضحاً من زيارات المبعوث الأمريكي الخاص لليبيا السفير ريتشارد نورلاند المستمرة لليبيا، وتأكيده على علاقات التعاون بين مصرف ليبيا المركزي والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ماسيؤدي إلى توسع وزدياة معاناة الشعب الليبي الإمنية والاقتصادية.
من جانبه يرى المحلل السياسي صلاح عاشور أن “ستيفاني خوري لا تمتلك عصا سحرية لإدارة الأزمة”، مؤكداً إلى أن “تغيير الشخص المسؤول عن البعثة لن يغير آلية تعاملها مع الأزمة، ما لم تكن هناك أدوات ومبادرات ضغط فاعلة على الأطراف الليبية تدفعها نحو عملية سياسية شاملة”، وأكد إلى أهمية إيقاف التدخل الأمريكي في الشأن الليبي وفي الانتخابات الليبية.
وأضاف عاشور أن إستقالة باثيلي وتأجيله لمؤتمر المصالحة الوطنية الليبية قبيل تقديم الإستقالة جاء بتوجيهات من واشنطن على أن تعمل خوري على التجهيز لمؤتمر جديد مشابه لملتقى الحوار السياسي الليبي الذي جاء بحكومة الوحدة الوطنية وعبد الحميد الدبيبة.
المصدر: العمق المغربي