انتقادات ترافق إخراج مرسوم بطاقة الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب

انتقادات كثيرة وملاحظات من طرف فاعلين في مجال الإعاقة بالمغرب رافقت المرسوم المتعلق بمنح بطاقة الأشخاص في وضعية إعاقة، الصادر ضمن العدد الأخير من الرسمية 7376، مسجلين “غموض العديد من المقتضيات، فضلا عن كون أخرى تكرس الهشاشة والاتكالية لدى الأشخاص المعاقين، وكذا إشكاليات تنزيل الكثير من مضامين الوثيقة، بما في ذلك مدة التشاور بين القطاعات الحكومية المكلفة بتطبيق المرسوم”.
وألحت الملاحظات على “الطابع الاستعجالي للموضوع”، معتبرة أنه “كان متأخراً لسنوات عدة بعد صدور القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها”، كما أشارت إلى “وجود مقتضيات تكشفُ عن صعوبة ولوجية الأشخاص المعاقين إلى ما تتيحه اليوم الثورة الرقمية”.
تحديات مطروحة
منير خير الله، باحث في مجال الإعاقة طالب باحث في الإعاقة والتنمية الشاملة بجامعة ليدز بالمملكة المتحدة سابقاً، قدّر أن “المرسوم لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد 3 سنوات على أقصر تقدير”، مرجعا هذا التقدير إلى أن “تطبيق المرسوم رهين بـ3 قرارات مشتركة بين مجموعة من القطاعات: الداخلية والصحة والحماية الاجتماعية وكذلك الاقتصاد والمالية”، وقال إن “طبيعة هذا النوع من القرارات خاصةٌ، لكونها تتطلب تشاورا واسعا”.
أمام هذا المعطى، وتفاديا لأي “تعطيل جديد لمقتضيات المرسوم”، شدد خير الله على “ضرورة إخراج هذه القرارات بشكل مستعجل وتحقيق التوافق”، موردا: “إذا كنا نعتقد أن هذه البطاقة تضمن سلة من الخدمات التي يحتاجها الشخص في وضعية إعاقة، فلا بد من عدم المماطلة في إخراج القرارات الوزارية، مع أنه كان حريا أن يحدّد المرسوم حيزا زمنيا لإخراجها وضمان نجاعة التصور ونجاحه في الحد الأدنى”.
ونبه المتحدث إلى أن المرسوم أحال على ما يسمى “الدلائل الإرشادية، وهي تتطلبُ بدورها مسلسلاً قبل إخراجها”، مشيرا كذلك إلى “ضرورة التسجيل بالسجل الوطني للسكان قبل نيل البطاقة”. هذه الخطوة، وفق خير الله، “لديها تحديات، لأن أغلب الأشخاص المعاقين لا يستخدمون الوسائل الرقميّة، مع العلم أن هذا السجل يتمّ تدبيره بالأساس وفق آليات تقنيّة خالصة”.
وذكر الباحث في الإعاقة والتنمية الشاملة أن “المرسوم يكرس في بعض مقتضياته اتكالية الأشخاص المعاقين”، موضحا أن الوثيقة تشير إلى أنه “خلال مرحلة تقييم العوامل الاجتماعية يمكن أن يرافق الشخص المعاق أحد أقاربه، في تجاهل تام لحقيقة أن هذه العلاقة ليست دائماً علاقة مبنية على الثقة بل أحيانا على السلطة”، وقال: “الشخص المعاق لا تتوفر لديه حرية اختيار من يرافقه، ويكون مجبراً بغض النظر عن طريقة تعامل المرافق معه”.
عراقيل موجودة
صباح زماما، رئيسة الاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، قالت إن “بطاقة الإعاقة تشكل تقدما حقيقيا منتظراً منذ سنوات عديدة”، مشددة على أن “إخراج مرسوم بهذا الشكل يجعله لا يشير بوضوح وبدون أي لبس إلى مجموعة من الحاجيات”، وزادت: “لا يبدو النص مكتملا، لكونه لا يوضح كيف سينال الشخص المعاق حقوقه ومن سيتكلف بذلك في كل قطاع معني، بما في ذلك الحماية الاجتماعية والإدماج المهني، إلخ”.
ووضحت زماما، ضمن تصريح لهسبريس، “وجود صعوبات تقنية وعملية، منها أن النص يتحدث عن منصة إلكترونية دون الأخذ بعين الاعتبار مشكلة التأهيل الرقمي للعديد من السكان بالمغرب، بمن فيهم الأشخاص المعاقون أنفسهم”، مضيفة كذلك “المشاكل المطروحة في العالم القروي والأماكن البعيدة. كما أن المرسوم لا يشير إلى بدائل أخرى في بعض المقتضيات، ويجعل المسؤولية على عاتق المعاق”.
وتطرقت رئيسة الاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة إلى “ما اعتبرته نقصا واضحا بشأن تقييم الإعاقة، وكذا تقييم القدرات وتحديد طبيعة القصور أو الانحصار، وتقييم المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط من أجل تحديد مستوى الصعوبات التي تمنع المعاق من المشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع”، متسائلة: “من سيتكلف بهذا التقييم؟ وهل هم بالفعل مؤهلون لذلك؟”، موردة: “كان حريا أن يجيب المرسوم عن هذه التساؤلات حتى لا يواجه عراقيل في التطبيق”.
المصدر: هسبريس