اخبار المغرب

اليوم الوطني لمكافحة السرطان يسائل جدوى العرائض ومصير تقليل التكاليف

كان المغرب أمس الأربعاء على موعد مع “اليوم الوطني لمكافحة السرطان”، الذي يصادف 22 نونبر من كل سنة، منذ أن أعلنه المغرب سنة 2007، لتجديد التّأكيد على الالتزام المتواصل بمكافحة “المرض الخبيث” كما يصطلح عليه المغاربة، لكن هذا الموعد جدد مرة أخرى النقاش حول الجهود الرّسمية للتقليل من معاناة المرضى، بعدما “رفض” رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، إحداث صندوق لمكافحة مرض السرطان.

هذا الرفض الذي كان سنة 2020، جاء جواباً على “عريضة الحياة” التي احترمت الشكليات القانونية، بعدما تم جمع توقيعات من مختلف مناطق المغرب من أجل مطالبة الحكومة بإحداث صندوق لمكافحة السرطان. ورغم “الرفض”، فقد اقترحت الحكومة حينها إعداد 34 التزاما حكوميا من أجل مرضى السرطان، منها تخصيص 780 مليار سنتيم لمرضى السرطان طيلة 10 سنوات المقبلة.

غادر العثماني الحكومة، لكن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية واصلت وضع بروتوكولاتها الخاصة بهذا الموضوع، بحيث أكد الوزير خالد آيت الطّالب، قبل أسابيع، في جلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس النواب، أن “التكلفة العالية لعلاج مرضى السرطان تتعلق بالوصفات الطبية”، وقال: “اليوم نشتغل على 25 بروتوكولا، خرج منها 14 بروتوكولا ستتم المصادقة عليها، منها 9 بروتوكولات علاجية للسرطان الأكثر انتشارا في المغرب”.

وأوضح المسؤول الحكومي وقتها أن هذه البروتوكولات العلاجية فيها جميع “الوصفات الطبية حتى يتم التكفل بالمرضى في إطار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، مبرزا أنه “في حالة وصفات خارج تلك المحددة، سيتم تحديد لجنة لتشتغل على هذا الدواء وإمكانية التعويض عنه”. ولكن يبدو أن هذه الجهود تبقى في حاجة إلى أصوات من خارج “الدوائر الرسمية” للوقوف على مدى تسهيل الدولة فعلاً لشروط العلاج من داء السرطان.

“جهود كبيرة”

الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، أكد أن “المغرب قطع بالفعل أشواطاً مهمة في مجال محاربة داء السرطان بفضل تضافر الجهود الرّسمية ومساهمة مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السّرطان”، مضيفاً أن “الجهود كانت مهمة ومثمرة، سواء بالنسبة للتشخيص أو العلاج، كما تم بذل مجهود تحسيسي كبير في ما يخص الوقاية، وهذا ما يفسر ارتفاع أعداد المصابين بهذا المرض، فالأمر راجع إلى تنامي الإقبال على التشخيص”.

وأورد حمضي، في تصريح لجريدة هسبريس بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة السرطان، أن “الدولة استوعبت منذ البداية أن السرطان مرض مكلّف جدا بالنسبة للمريض وأسرته وبالنسبة للدولة والمجتمع والاقتصاد، لأن مصاريف العلاج قد تؤدي إلى فقر عائلات وإفلاس شركات ومؤسسات”، موضحا أن “المريض بالتالي لن يستطيع المساهمة في تنمية البلاد، لكونه لا يستطيع الذّهاب إلى العمل، ولن يستطيع ممارسة الأنشطة الضرورية”.

وسجل المتحدث ذاته أن “المغرب صار يبذل مجهودات كبيرة من حيث الوقاية، ومحاربة مسببات السرطان من خلال التوعية بضرورة احترام سلامة النظام الغذائي، إلخ”، مبرزا أن “المغرب صار يراهن أيضا على الكشف المبكّر، لأنه كلما كشفنا السرطان في مراحل مبكرة، كانت فرص النجاة أكبر والعلاج أسهل وأنجع، فالتأثير حينها يكون متحكما فيه”.

وبالمناسبة عينها، دعا الباحث في النظم الصحية إلى “تقريب مراكز الكشف عن السرطان، لأن مصاريف التنقل منهكة وصعبة، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى العلاج من خلال توفير المواعيد المستعجلة بالنسبة للراغبين في الكشف”، منبها إلى “ضرورة النهوض بالبحث العلمي في أمراض السرطان، فليست لدينا معطيات مفصلة دقيقة ولا سجل وطني متكامل للمرضى”، وقال: “نحتاج أبحاثا علمية حول المناطق والسن والجنس والأسباب لمعرفة الكيفية المثلى لوضع استراتيجية تحسيسية”.

وأشار حمضي إلى أن “كلفة الأدوية والجراحة والاستشفاء عالية جدا، وتحمل الدولة لهذه المصاريف مسألة صعبة من النّاحية العملية، فذلك سيُرهق ميزانية البلاد”، مؤكدا “ضرورة الاستثمار أكثر في الوقاية ومجانية التشخيص، والتعاون مع القطاع الخاص والمنظّمات الصّحية غير الرّبحية لأجل محاصرة السرطان”، ولفت الانتباه إلى أن “السّرطان يجب محاربة مسبّباته الحقيقيّة قبل أن نواجهه، لكونه مرضا خطيرا ومرهقا من كل النواحي”.

“فرصة للتقييم”

علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحةالحق في الحياة، قال إن “الاحتفاء باليوم الوطني للسرطان يعدّ فرصة لتقييم جهود المغرب لرعاية مرضى السرطان وتحسين الاستراتيجية الوطنية في الوقاية والعلاج من خلال الاستثمار في تقنيات وأساليب الرعاية المخصصة للسرطان، والاستفادة من الطب الحديث والرعاية الصحية الرقمية، والذكاء الاصطناعي في تشخيص وعلاج السرطان في الوقت المناسب”.

وأضاف لطفي، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه “بخصوص مطلب صندوق علاج المرضى المصابين بالسرطان، فبعد تعميم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض على كافة المواطنين المغاربة واعتبار أن مرض السرطان مرض مزمن يجب تغطية نفقاته من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة 100 في المائة، ومختلف مؤسسات التأمين الصحي، فلم تعد ثمة حاجة عملية لهذا الصندوق، الذي سبق ورفضته حكومة العثماني”.

وشدد المتحدث عينه على “ضرورة وضع قوانين زجرية للحد من رواج المواد المسرطنة بالمغرب”، مذكرا بأن البلاد قامت بإنجازات مهمة من خلال تمكين المرضى ذوي الدخل المحدود من الحصول على علاجات مضادة للسرطان في إطار برنامج الولوج إلى الأدوية”، وأبرز أن “هذا المرض الفتاك يمثل أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، والمرتبة الثانية في المغرب بعد أمراض القلب والشرايين، ويشكل 13.4 في المائة من أسباب الوفيات”.

وأكد رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحةالحق في الحياة أن “هناك ارتفاعا مهولا وغير مقبول لأسعار أدوية السرطان بالمغرب، وبالتالي من الضروري وضع استراتيجية مندمجة للوقاية وتحقيق النتائج المرجوة بتقليل الوفيات وزيادة معدلات الشفاء على أمل تحقيق الهدف الثالث من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول سنة 2030″، وشدد على حتمية “الانخراط في الطب الدقيق وإحداث ثورة في علاج السرطان، وتمكين المرضى من المشاركة بفعالية في مسارات علاجهم، وتوفير الرعاية لهم وتحسين جودة حياتهم وسلامتهم وبث الأمل في نفوسهم”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *