“اليوم العالمي للكلب” يسائل جهود المغرب في مكافحة الكلاب الضالة
تبادر جملة من المؤسسات والمنظمات والجمعيات المتخصصة في حماية حقوق الحيوان بإحياء اليوم العالمي للكلب، الذي يصادف الـ26 من غشت من كل سنة، ويكون فرصة إما للتذكير بأهمية الحيوانات الأليفة من هذا النوع في حياة العنصر البشري، أو كشف بعض “التحديات” التي تعترض حقوق الحيوان و”الإهمال” الذي يمكن أن تقابلها به بعض التدابير السياسية أو العمومية نتيجة تفشي الكلاب الضالة.
وتسجل جمعيات مغربية كثيرة تنامي الإقبال على تربية الكلاب “تكريساً للشرط الديني المتعلق بالرأفة بالحيوان والإحسان إليها، وأيضاً للرفق بها كما هو منصوص عليه في المنظومة الأخلاقية الكونية”، لكنها تحذر في المقابل من تفشي التخلي عنها لاحقاً أو عدم الاهتمام بها وبحاجياتها البيولوجية، على اعتبار أن هذه التربية تنطوي على مسؤولية كبيرة لا يمكن الاستهانة بها”.
في هذا الصدد، قال أحمد التازي، رئيس جمعية الدفاع عن الحيوانات والطبيعة “أدان”، إن “اليوم العالمي للكلاب يجعلنا نسجل هذه المرة وجود تنام في الإقبال على تربية الحيوانات الأليفة، بما فيها الكلاب، على اعتبار أن شرائح مجتمعية أخرى تميل أكثر إلى القطط”، مضيفا أن تنامي هذه الثقافة يكرس الحاجة إلى الحيوانات في العيش الإنساني، خصوصاً وأن الكائنات الودودة غير الناطقة لها أثر مهم في تجميل الفضاء البشري.
وسجل التازي متحدّثا لهسبريس أن “الفرصة مناسبة لنوضح أن هناك نسبا مرتفعة من الفقر والأمية بالمغرب مازالت تصطدم بها هذه العملية”، مبرزا أن شرائح كثيرة تقوم بتربية الكلاب، رغم أن المسؤولية التي ترافق هذا الخيار ليست سهلة ولا يمكن عدّها عادية أو ترفاً، بما أن هذه الحيوانات الأليفة لديها روح وحاجيات بيولوجية لا بد من ضمانها في شكلها العادي والروتيني”.
وأوضح المتحدث أن “هناك قواعد لا بد من احترامها بخصوص نوع الكلب الذي يرغب الإنسان في تربيته: هل هو كلب للأنس أم للحراسة؟ وهل هو أليف أم شرس وخطير؟”، مسجلا أن الكلاب الشرسة “تتطلب وضع كمامة تسمح بالتنفس بطريقة غير مزعجة على أفواهها، وذلك رغم أنها لن تهاجم المارة، لكن من الضروري بثّ الأمان لدى المتجولين في الطرق وفي الفضاءات الخضراء وغيرها”.
وألح التازي على “ضرورة تلقيح هذه الكلاب بشكل مستمر وتعقيمها، سواء المتبناة أو الضالة المتجولة في الشوارع”، مشددا على أهمية التعاطي بجدية مع القضاء على المغالطات الرائجة في التصورات الشعبية بأن الكلب نجس يبطل الوضوء”، مؤكدا: “هذا غير صحيح، وعلينا أن نصحح هذه المفاهيم”، وزاد: “نحتاج إلى الفقهاء لبذل جهود تواصلية كبيرة لتصحيح العديد من الصور النمطية الشائعة غير الصحيحة، والتذكير بأن الرفق بالحيوان جزء أصيل في ديننا”.
وبخصوص موضوع الكلاب الضالة، الذي مازال يشكل جدلا كبيرا بحكم الحديث عن “فشل” جميع المخططات المرتبطة بالقتل بطرق شتى، قال التازي إن “الدولة تقوم بجهود في هذا المجال، ولكن على الجماعات الالتزام بما جاء في الاتفاقية الوطنية لمعالجة ظاهرة كلاب وقطط الشوارع من تعقيم وتلقيح، وعلاجها من الطفيليات، وإعادتها إلى أماكنها”، معتبرا أن “انتشارها هو مسؤوليتنا جميعاً فردا فردا، وإعطاء صورة مشرفة عن بلدنا هو مسؤولية جماعية كذلك”.
وشدد الفاعل في مجال حماية حقوق الحيوانات على “ضرورة وضع مقاربة شمولية لتعقيم هذه الكلاب وتلقيحها ضد داء السعار، ومن ثم يمكن أن يوضع لها ترقيم وتعاد إلى مناطقها وأماكن مسكها بطرق مهنية وإنسانية، تكون إثرها الكلاب آمنة وبصحة جيدة لضمان عدم تيهها، وهو ما من شأنه أن يقلص من خطر بعضها على المواطنين ويجعلنا نتحكم في أعدادها”، وزاد: “علينا أن نحافظ على الفضاء العام كمكان صحي، يتعايش فيه الإنسان والحيوان، كعادة المغاربة في ثقافتهم الأصيلة المبنية على الرفق والتعاون والرحمة”.
وأوصى رئيس جمعية الدفاع عن الحيوانات والطبيعة جميع مربي الكلاب في الفضاءات السكنية المشتركة أو في الأحياء المتراصّة منازلها، بـ”تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية في مسألة تربية كلب، حتى نضمن الأريحية للجميع، ومنها ألا يكون النباح مزعجاً كثيرا وألا يضع الكلب فضلاته في أي مكان داخل البنايات العمودية، إلخ”، داعيا إلى “تغليب راحة الجار على أي سلوك آخر، مع أن القانون واضح ويمكن للمواطن تربية حيوان من هذا النوع إذا كان ضامناً للراحة التامة”.
من جانبها، تشدد وزارة الداخلية على كونها عززت، عبر المديرية العامة للجماعات الترابية، استجابة لطموحات وانتظارات المواطنين، تحركها في المجال، من خلال الرفع من الدعم القانوني والمالي والتقني للجماعات الترابية.
وفي هذا الصدد، أفاد محمد الروداني، رئيس قسم حفظ الصحة والمساحات الخضراء بمديرية المرافق العمومية المحلية بوزارة الداخلية، بأن الوزارة دعمت الجماعات سنويا لاقتناء مركبات مجهزة بالأقفاص ومعدات جمع الحيوانات، بميزانية تقارب 70 مليون درهم على مدى الأعوام الخمسة الماضية.
وأوضح الروداني، في تصريح للصحافة، أنه بموجب اتفاقية شراكة موقعة سنة 2019 بين كل من المديرية العامة للجماعات الترابية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والهيئة الوطنية للبياطرة، يتم جمع الكلاب الضالة في مستوصفات متخصصة وتعقيمها للحد من تكاثرها، وتطعيمها ضد السعار، بالإضافة إلى علاجها من الطفيليات، ثم تتم إعادتها إلى وسطها حيث ترعرعت بعد التعرف عليه، في احترام تام للرفق بالحيوان.
المصدر: هسبريس