اليوم الدولي للتطوع يستحضر “الهَبة التضامنية” واللحمة المغربية خلال زلزال الحوز
شكّل اليوم العالمي للتطوع، الذي تحتفل به الجمعية العامة للأمم المتحدة سنويا في الخامس من دجنبر، فرصة لاستحضار النقاش المغربي في أحد أبرز النماذج المتصلة بـ”زلزال الحوز”؛ بعدما كشفت الفاجعة عن بعد متحقق في “الوعي الجمعي المغربي”، حول أهمية العمل التطوعي كفعل مدني يجسد الانخراط التلقائي في مختلف الميكانزمات التي تتيحها الدولة الحديثة لحل المشاكل الاجتماعية والمجتمعية والاقتصادية والبيئية.
العمل التطوعي لعب دورا أساسيا في تعميق سبل “السلوك المواطناتي” في العديد من مناطق المغرب، في الأرياف والهوامش والقرى والمداشر وأيضا داخل المدن الكبرى والصغرى. وقد تفطنت الجهات الرسمية إلى أهميته، فعززت هذه “الصحوة الطلائعية” بإصدار القانون رقم 06.18 المتعلق بتنظيم العمل التطوعي التعاقدي الذي “سيغذي تلك الروح الحاضرة مسبقا، من خلال التدبير القانوني للتطوع” الذي يعتبره الكثيرون “عنصرا حاضرا بقوة في المعيش اليومي المغربي”.
“إرث متوفر”
عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، قال إن “هذا اليوم يمثل الفرصة الحقيقية لكي نذكر بما هو معهود في المغاربة من قيم التطوع والتضامن والتكافل؛ وهي سمات أصيلة في الوجدان المغربي، لأن التعاون مترسخ في ثقافتنا اليومية من تضامن الأسرة إلى تضامن الجيران وغير ذلك”، مبرزا أن “المسيرة الخضراء بكل حمولتها الوطنية والتاريخية هي فعل تطوعي بامتياز؛ ما يكشف أن هناك تراكما مغربيا بهذا الخصوص، أوضحه في ما بعد زلزال الحسيمة و”جائحة كوفيد19″؛ لكن ما كان مبهرا ولافتا هو زلزال 8 شتنبر”.
وأوضح زيات، في تصريحه لجريدة هسبريس أن “هذا التراكم التاريخي صار يستدعي فعلا مؤسساتيا يجعل التطوع رافعة للتنمية، من خلال الاستثمار في هذا المجال لصالح تنمية البلاد وتشجيع خلق طاقات جديدة بأفق جديد بإمكانها أن تمارس العمل التطوعي بشكل يومي ودائم وبشكل مستمر، حتى لا يظل موسميا”، لافتا إلى أن “النموذج التنموي الجديد وتسريع تفعيل أوراشه الكبرى لا يمكن أن نتحدث عنه دون إدراج شق متعلق بالجانب التطوعي، الذي يكمل عمل الجهات الرسمية”.
ولم يفوت المتحدث أن يؤكد: “الفترة الحالية من تاريخنا حاسمة، لأننا مقبلون على استضافة أحداث عالمية وتظاهرات ضخمة، تحتاج تبيئة مختلف شروط بناء المواطن المسؤول من استلهام هذه التوليفة المغربية المتوفرة”، مسجلا أن “المغرب في حاجة إلى استثمار هذا الإرث، وأن يضع برامج تطبعها الاستمرارية في التطوع في مختلف القطاعات الحيوية، وتكريس الاعتراف بأهمية الفعل وأهدافه النبيلة، وأيضا لتعزيز هذا السلوك المدني كسبيل تشاركي مكمل لعمل الدولة”.
“إضفاء بعد مؤسساتي”
أحمد مزهار، رئيس شبكة القرويين للتنمية والحكامة، قال إن “احتفال الفعاليات المدنية والجمعوية سنويا باليوم العالمي للتطوع، الذي يصادف اليوم الخامس من دجنبر، هو فرصة لتقييم العمل التطوعي في العالم وأيضا المغرب، لاسيما في الشق المتعلق بالمجتمع المدني”، مؤكدا أنه “خلال هذه السنة سجلنا ارتفاعا لافتا للانتباه للفعل التطوعي بعد زلزال الثامن من شتنبر، الذي نجم عن تنقل العديد من المغاربة وتعبئة بعضهم للإقدام بكل تلقائية على تقديم مجموعة من المساعدات للفئات المستهدفة والمتضررة من الفاجعة”.
وسجل المتحدث أن “استحضار ما جرى في “زلزال الحوز” يجب أن يذكرنا بأنه كان عملا عفويا وعاطفيا ووجدانيا، بمعنى أنه كان يفتقد إلى جهة أو هيئة من شأنها أن توجه هذه الاحتياجات لكي تكون مستمرة ومتواصلة ومستدامة، خصوصا أننا في بدايات فصل الشتاء”، لافتا إلى أن “جملة من المناطق تشهد نقصا في الكثير من الاحتياجات الأساسية؛ ما يبرز أن الوتيرة التي سُجلت في فترة الزلزال انخفضت بشكل كبير، ولم تضمن للفعل طابعه المؤسساتي الاستراتيجي الذي يمكن من ضمان الانخراط الجمعوي في بعده التنموي التضامني المستدام”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “أهم ما نحتفي به اليوم في هذا اليوم العالمي للتطوع هو نضج المستوى التشريعي المغربي، لاسيما بعد إصدار القانون الخاص بتنظيم التطوع التعاقدي 06.18 الذي سيشجع بعد تنامي الفعل التطوعي على اعتبار أنه سيضمن تعويضات تكفل نوعا من الدعم المادي للمتطوعين وتؤمن لهم ضمانا اجتماعيا يساعده على القيام بالأعمال بأريحية ورغبة، خاصة في ما يتعلق بالإطعام والتنقل وغيرها من الأمور التي تشجع مجموعة من الشباب على التطوع، ويمكن أن يكون تأهيل التطوع التعاقدي مدخلا لحل مشكلة البطالة”.
المصدر: هسبريس