الوزير ميداوي .. باحث في الكيمياء يواجه أكبر أزمة في كليات الطب بالمغرب
ما إن يلج مكتبه في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار سيكون مطالبا بفتح أكثر الملفات صعوبة وتعقيدا؛ سيحمل جمرة طلبة الطب بين يديه، ولا يدري أحد ما إن كان قادرا على إطفاء وهجها وإخماد لهيبها بشكل سريع.
إرث ثقيل يواجه الرجل في أولى خطواته صوب الوزارة، والأعين كلها متجهة نحوه، وآمال آلاف الطلبة، بمن فيهم ابنته التي تتابع دراستها في تخصص طب الأسنان، معلقة عليه؛ يترقبون ما سيأتي به أستاذ الكيمياء من تجربة لحل الأزمة.
عز الدين ميداوي يلج من بوابة حكومة عزيز أخنوش وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وكل الرهان عليه لتجاوز مطبات القطاع وعلاج الجروح التي خلفها عبد اللطيف الميراوي قبل رحيله.
*مسار أكاديمي
ابن مدينة الرباط سليل عائلة وزير الداخلية السابق أحمد ميداوي ازداد في فبراير من سنة 1959 في العاصمة؛ تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدينة نفسها قبل أن يشد ابن رجل التعليم علي الميداوي، المقاوم السابق المحكوم بالإعدام من قبل المستعمر الفرنسي، الرحال صوب فرنسا.
هناك في مونبولييه سيحصل ميداوي على شهادة الدكتوراة في الكيمياء، ليقرر العودة إلى بلده الأم. لم يتوقف الرجل عند هذا الحد، بل واصل مساره الأكاديمي بالحصول مجددا على دكتوراة دولة في التخصص نفسه، وبدأ مساره في التعليم العالي من خلال اشتغاله كأستاذ جامعي في جامعة محمد الخامس بالرباط، لينتقل بعدها إلى مدينة القنيطرة بجامعة ابن طفيل، حيث تم تعيينه لأول مرة رئيسا لشعبة الكيمياء بكلية العلوم، ومن هناك ستفتح في وجهه المناصب والمسؤوليات لتقلدها بفضل حنكته وتجربته.
لاحقا عين عز الدين ميداوي عميدا لكلية العلوم بالقنيطرة، لكن عطاءاته عبدت له الطريق ليكون رئيسا لجامعة ابن طفيل، وبعدها سيتم تعيينه مديرا للبحث العلمي بالجامعة الدولية محمد السادس ابن جرير تخصص الماء، وعضوا في المجلس التنفيذي للمنظمة العالمية للماء.
ويقضي عز الدين ميداوي معظم وقته في رحاب جامعة محمد السادس بابن جرير، حيث يقيم، ليعود مساء الخميس صوب منزله وأسرته الصغيرة وملاقاة أقاربه وأصدقائه في جامعة ابن طفيل.
ويحرص الرجل، وفق مصادر مقربة منه، على زيارة جماعة عين معطوف بإقليم تاونات كل شهر، هناك حيث يقوم بالترحم على والديه المدفونين بهذه المنطقة.
*جمرة كليات الطب
داخل أسرة ميداوي سيجد الوزير المعين حديثا معارضة لقرارات سلفه عبد اللطيف الميراوي المتعلقة بملف طلبة كليات الطب؛ ابنته الكبرى التي افتتحت مؤخرا مصحة بالقنيطرة، وابنته الصغرى التي تتابع دراستها بكلية الطب تخصص أسنان، تأملان أن يكون سببا في انفراج هذه الأزمة؛ والمقربون منه الذين اشتغلوا معه داخل جامعة ابن طفيل يأملون بدورهم أن تسهم تجربته الواسعة في التسيير الجامعي في تجاوز المطبات وفتح آفاق جديدة بالتعليم العالي.
ينظر مقربون من أستاذ الكيمياء بعين الرضا عن تعيينه من طرف الملك محمد السادس في هذا المنصب أمس الأربعاء، ويرون فيه “غودو” المنتظر لإصلاح قطاع التعليم العالي، خصوصا أن نجاحاته في جامعة ابن طفيل كانت بادية للعيان.
يقول أحد المقربين من ميداوي في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية: “الرجل يتمتع بأخلاق عالية، وإنجازاته دليل على خبرته وجديته”، قبل أن يضيف: “هذه عوامل من شأنها أن تجعل نجاحه في هذا القطاع مضمونا”.
ويرى أستاذ للتعليم العالي اشتغل لفترة طويلة بمعية ميداوي أن الأخير “تنتظره ملفات ثقيلة”، مستدركا: “لكن نعتقد أن له من الكفاءة والخبرة الكافية ما يمكنه من حل هذه المشاكل”، مستدلا على ذلك بما راكمه وحققه من إنجازات على مستوى جامعة ابن طفيل.
ابن شقيق وزير الداخلية السابق أحمد ميداوي، وفق متحدثنا، “حقق نقلة نوعية على مستوى جامعة ابن طفيل، إذ صارت تصنف الأولى وطنيا، ناهيك عن تحويل بناياتها من 5 مؤسسات إلى 11 مؤسسة”.
ميداوي، الذي أجمع كثيرون من الذين تحدثت إليهم هسبريس عن أخلاقه وسمعته واحترامه الموظفين كبارا وصغارا، شخصية هادئة، ينصت أكثر مما يتكلم، ويعقد عليه الرهان لطي أزمة كليات الطب وبعث آمال جديدة في صفوف الآلاف من الطلبة والأسر.
المصدر: هسبريس