حسم المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الجدل المثار حول بث القناة الثانية “2M” لحفل مغني الراب المغربي “الغراند طوطو”، ضمن فعاليات الدورة العشرين لمهرجان “موازين إيقاعات العالم”، حيث قرر حفظ أزيد من 190 شكاية تقدم بها مواطنون بين 2 و7 يوليوز الجاري، معتبرين أن الحفل “تضمن مشاهد وتعابير منافية للأخلاق والآداب العامة”.

وأشار المجلس الأعلى ضمن قراره الصادر عقب اجتماعه المنعقد بتاريخ 17 يوليوز 2025، أن الهيئة لا تضطلع بمهمة الرقابة على الإبداع أو التدخل في التوجهات التحريرية للمتعهدين الإعلاميين، مشددا على أن حرية التعبير والتنوع الثقافي من الثوابت التي يقوم عليها النموذج المغربي في تقنين الإعلام.

وأكد المجلس ضمن قراره الذي اطلعت عليه “العمق”، أن تقييم جودة أو مضمون الأعمال الفنية، بما فيها الموسيقى والراب، لا يدخل ضمن اختصاصات الهيئة، التي ينحصر دورها في ضمان احترام القانون، والتوازن بين حرية التعبير وواجب حماية الجمهور، خصوصًا الفئات الناشئة.

وأوضح القرار أن الحفل موضوع الجدل تم بثه في وقت متأخر (23:05 ليلا)، ما يتماشى مع الضوابط المهنية المتعلقة بسياقات البث، لكنه أشار في المقابل إلى أن الهيئة ستُذكّر القناة بضرورة اليقظة المهنية في التعامل مع هذا النوع من المضامين، خصوصا من خلال استعمال الشارات التنبيهية المناسبة، واستحضار طبيعة الجمهور المستهدف.

وذكّرت الهيئة بأن الوصاية على ذوق الجمهور أو وصم جمهور فني معين لا ينسجم مع روح الديمقراطية الإعلامية، مؤكدة أن المطلوب هو حث المتعهدين على احترام دفاتر التحملات، بما يضمن التوازن بين الانفتاح على الممارسات الثقافية الجديدة، وحماية القيم المشتركة للمجتمع.

يأتي هذا القرار وسط نقاش واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسم فيه المغاربة بين مؤيدين يرون في “طوطو” تجسيدا لحرية التعبير الفني والاحتجاج الثقافي لجيل جديد، ومعارضين اعتبروا أن “منحه منصة في مهرجان مموّل من المال العام هو مكافأة للانحلال الأخلاقي”.

وتعزز الجدل بظهور مقاطع من الحفل تم تداولها على نطاق واسع، اعتبرها منتقدون “مسيئة لقيم الأسرة المغربية”، في حين دافع آخرون عن “طوطو” بصفته “صوت الغضب الحضري وتمرد الشباب”، معتبرين أن الصراع القائم “أعمق من مجرد كلمات أغنية، بل هو صراع رؤى حول الفن والمجتمع”.

مشاركة “طوطو” في مهرجان موازين، جاءت بعد غياب دام ثلاث سنوات على خلفية تصريحاته عام 2022 حول تعاطيه للمخدرات، التي أثارت حينها موجة انتقادات وصلت إلى قبة البرلمان، قبل أن يقدم اعتذارا علنيا لتفادي التصعيد. عودته الرسمية اعتُبرت من قبل البعض “إعادة شرعنة لفنان مثير للجدل”، بينما رآها آخرون مؤشرا على تحوّل في السياسات الثقافية نحو مزيد من الانفتاح والتسامح مع التعبير غير المألوف.

وشهد الحفل حضور عشرات الآلاف من الشباب، ما أدى إلى اختناقات مرورية وسط العاصمة، في مشهد عكس شعبية مغني الراب، لكنه فجّر في الوقت نفسه أسئلة عميقة حول هوية الفن العمومي، وحدود التعبير، ومكانة الأخلاق في المجال الإعلامي والثقافي.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.