أصدر الكاتب المغربي محمد الشيخ رواية جديدة بعنوان “الهارب من الواحة”، جاءت في 191 صفحة، وهي عمل سردي يغوص في واقع الشباب بالواحات المغربية وما يعيشونه من انسداد في الأفق، وتزايد الرغبة في الهجرة باعتبارها آخر المخارج الممكنة.

وتتطرق الرواية إلى حكاية الشاب أحمد (أو إبراهيم)، الذي يعيش في واحة معزولة تثقل كاهله البطالة والروتين اليومي القاتل، داخل فضاء يبدو الزمن فيه ممتدا بلا تغيير. وبين الفقر والوحدة وغياب فرص العيش الكريم، يجد نفسه محاصرا داخل واقع يفتقر لأبسط شروط الأمل.

وفي سرد مشحون بالتوترات النفسية والاجتماعية، يتتبّع محمد الشيخ رحلة بطله نحو التمرد: تمرد على القرية وقيودها، وعلى الأسرة المثقلة بوجعها، وعلى ذاته التي استسلمت لليأس لسنوات طويلة. ومع توالي الضغوط، تتبلور فكرة الهجرة تدريجيا، مدفوعة بحكايات قديمة تحكى حول النار، ونقاشات حماسية في المقاهي، وأحيانا تحت تأثير الحشيش و“الماحيا”.

وتقدّم الرواية صورة دقيقة لمسار الهجرة السرية بما يحمله من مخاطر وغموض: من التعامل مع مهربين بلا ضمير، إلى ليالٍ باردة وجفاف وجوع، وصولا إلى الشك القاتل في إمكانية بلوغ الضفة الأخرى. وفي الوقت نفسه، تكشف الرواية أن الهجرة لم تعد خيارا فرديا، بل تحولت إلى ظاهرة متجذرة بين شباب الواحات، الذين يعيشون حالة من التشاؤم العميق تغذي رغبتهم في الفرار من واقع لم يعد يحتمل.

ويمثل هذا العمل الصادر باللغة الفرنسية، إضافة نوعية للأدب المغربي المعاصر، من خلال تناوله بجرأة وواقعية لظاهرة الهجرة في الجنوب الشرقي، وتقديمه صرخات شباب يختنقون تحت ثقل البطالة والتهميش، ويبحثون عن فرصة للحياة، مهما كلفهم الثمن.

يشار إلى أن الكاتب محمد الشيخ ولد سنة 1970 بحي إفانور بتنغير، حيث تلقّى تعليمه الابتدائي، قبل أن ينتقل إلى ثانوية زايد أوحماد بالمركز لمتابعة دراسته الثانوية. وفي ما بعد، التحق بجامعة ابن زهر بأكادير، حيث حصل على الإجازة في اللغة والآداب الفرنسية تخصّص لسانيات.

ويشتغل الشيخ حاليا أستاذا للغة الفرنسية بمدينة ورزازات، ويعتبر الكتابة فضاءه المفضل للتعبير والإبداع، إذ يزاوج بين الشعر والرواية ويعمل على مشاريع أدبية متواصلة لتجسيد تجاربه ورؤاه في نصوص تنبض بالحياة والمعنى.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.