النقابات والدخول الاجتماعي.. الحريات النقابية والقدرة الشرائية أبرز الملفات
تعد الحريات النقابية، والدفاع عن القدرة الشرائية للأجراء، وإعادة الروح للحوار القطاعي، ومواجهة الاستغلال، من أبرز الملفات التي تراهن عليها الحركة النقابية خلال الدخول الاجتماعي المقبل.
وتستعد المركزيات النقابية للجولة القادمة من الحوار التي ستنطلق بعد أسابيع، حيث ستطرح هذه الملفات بالإضافة إلى قضايا أخرى تُعدّ مستعجلة، ومنها مطالب سبق للحكومة أن التزمت بتنفيذها ضمن اتفاقات سابقة وتنتظر التنفيذ.
الحريات النقابية
قال ميلود مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في تصريح لـ”العمق”، إن الدفاع عن القدرة الشرائية للمغاربة والأجراء يأتي على رأس الأولويات، وذلك من خلال دراسة زيادة عامة في الأجور والرفع من التعويضات العائلية.
كما أكد مخاريق على ضرورة استئناف الحوارات القطاعية، مشيرًا بأسف إلى أنه “رغم قيام الحكومة بحوار مركزي، إلا أن العديد من الحوارات القطاعية لم تُجرَ سواء على صعيد الوزارات، حيث يتحمل الوزراء مسؤولية ذلك، أو في المؤسسات العمومية والقطاعات الإنتاجية”.
وشدد من جهة أخرى على أهمية حماية الحريات النقابية، مسجلاً بأسف تعرض الأجراء لإجراءات تعسفية بمجرد تأسيس مكتب نقابي. وأضاف أن هذا الأمر كان في السابق محصورًا في القطاع الخاص، “لكن أصبح يشمل حتى الإدارات العمومية، كما حدث مؤخرًا بإحدى الوزارات في مدينة الحسيمة، حيث تم نقل إحدى المهندسات إلى مدينة بعيدة لأسباب نقابية”.
القوانين الانتخابية
طالب عثمان باقة، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بتنفيذ بنود المحضر التنفيذي الذي تم توقيعه قبيل فاتح ماي الماضي، مشددًا على ملفات زيادة الأجور والتخفيض الضريبي الذي التزمت الحكومة بمراجعته في مشروع قانون المالية، على أن يدخل الإجراء حيز التنفيذ في عام 2025.
ونبه باقة إلى ضرورة إيلاء الحوار القطاعي الأهمية التي يستحقها، مشيرًا إلى أنه منعدم في عدد من القطاعات، أو في أحسن الحالات لا يسفر عن اتفاقات تنفذ. وأضاف أن مطلب المساواة في “السميك” و”السماك” يعد من الملفات الملحة خلال الدخول المقبل، بالإضافة إلى ملف قانون الإضراب الذي عبرت نقابته عن موقفها منه في عدة بلاغات صادرة عن مكتبها التنفيذي.
وطالب بأن تدرج الحكومة القوانين الانتخابية ضمن الحوار الاجتماعي، قائلًا إنه “لا معنى للحوار الاجتماعي دون ذلك”. وأشار إلى أن القوانين ينبغي أن تعكس المنافسة الشريفة، حيث لا يظل مجال لتدخل الإدارة، مضيفًا “لا يعقل ألا تضم مدونة الانتخابات انتخابات المأجورين، ما يفتح المجال لكل وزير في كل قطاع للقيام بما يشاء”.
استغلال واستعباد
أكد علي لطفي، الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، على أن الحوار الاجتماعي يفتقر إلى العديد من معايير العمل الدولية، مشيرًا إلى وجود “فجوة كبيرة” بين التصريحات الحكومية والاتفاقيات وما يترجم على أرض الواقع. وأوضح أن غياب قانون ملزم للحوار الاجتماعي لكل الأطراف قد أدى إلى مقاومة أكثر من 70% من الشركات والمقاولات لمقتضيات مدونة الشغل والصحة والسلامة المهنية، ورفضها حرية التنظيم النقابي والمفاوضات الجماعية، وحل نزاعات الشغل بالحوار والتفاوض بعيدًا عن لغة التهديد والطرد والتسريح الجماعي.
وقال لطفي إن أكثر من مليون ونصف أجير منخرطين في الضمان الاجتماعي لا يحصلون على الحد الأدنى للأجر الرسمي، كما تم تسريح عشرات الآلاف من العمال دون تعويضات، واستمرار أساليب الاستغلال والاستعباد في القطاع الزراعي وفي شركات المناولة التي تشغل عشرات الآلاف من الشباب دون الحد الأدنى للأجر.
ودعا لطفي إلى إعادة النظر في سياسة الأجور ومعاشات التقاعد ونظام الترقي المهني، واعتماد معايير وإصلاح الحد الأدنى للأجور والمعاشات لضمان أجور عادلة وحماية اجتماعية كافية تتماشى مع ارتفاع الأسعار والتضخم. وأشار إلى التفاوتات الكبيرة وغير المبررة في الأجور ومعاشات التقاعد وامتناع عدة مؤسسات عمومية وشركات بالقطاع الخاص عن الزيادة في الأجور وكأنها تشتغل خارج الوطن ولا تلزمها اتفاقات الحكومة وأرباب العمل والنقابات.
واستطرد قائلًا: “علمًا أن الزيادات الأخيرة في الأجور موزعة على سنتين بخلفيات سياسية تظل غير منصفة للطبقة العاملة بالنظر إلى مستوى ارتفاع الأسعار، علاوة على حرمان المتقاعدين والمتقاعدات وذوي حقوقهم من أية زيادة لعدة سنوات، ونحن على أبواب الدخول المدرسي الذي يتطلب مصاريف إضافية باهظة”.
كما دعا لطفي إلى إعادة النظر في استراتيجية تعميم الحماية الاجتماعية وتنفيذ أجندتها بشكل إيجابي وسليم ومنصف، مشيرًا إلى أن المقاربة الحكومية الحالية أظهرت عجزًا كبيرًا واختلالات في التطبيق، حيث أن ملايين المواطنين لا يزالون خارج نظام التأمين الصحي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بسبب ارتفاع نسبة المساهمات الشهرية لبعض الفئات، إضافة إلى المعايير المحددة في إطار السجل الاجتماعي لتقديم الدعم للأسر الفقيرة.
وقال لطفي “وجب إعادة النظر في المقاربة الحكومية في تعميم وتنفيذ أجندة المشروع المجتمعي للحماية الاجتماعية بشكل عادل ومنصف، وتوحيد صناديق التأمين الإجباري عن المرض والتقاعد في صندوق واحد تحت مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنظام سلة علاجات موحدة ومعاش كريم للجميع”.
وشدد على مطلب سحب مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب من البرلمان وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي، وإشراك جميع النقابات والهيئات المعنية في بلورة مشروع تنظيمي يحترم حقوق الإنسان والحق الدستوري في الإضراب كحق من الحقوق الأساسية والإنسانية والدستورية لجميع المواطنين المغاربة، أفرادًا وجماعات، وحرية التنظيم والإضراب المنصوص عليهما في الاتفاقيتين 87 و98 لمنظمة العمل الدولية.
المصدر: العمق المغربي