النفق البحري بين المغرب وإسبانيا يخلق مخاوف مسؤولين في مدينة سبتة المحتلة
عادت “محاولات التشويش” بمدينة سبتة المغربية المحتلة، بعدما اعتبر مسؤول إسباني بإدارة ميناء المدينة سابقاً أن “إعادة فتح ملف نفق مضيق جبل طارق بين المغرب وإسبانيا هو بمثابة تنازل من مدريد للرباط”، معتبرا أن “هناك أضرارا جمة سيمثلها هذا المشروع لسبتة”، ولهذا قال إنه “من الضروري أن تحضر المدينة المتمتعة بالحكم الذاتي في كل اجتماع من الاجتماعات التي تنعقد حول هذه المسألة”.
المسؤول خوسي ماريا كامبوس، الذي هو حاليا رئيس “Fundación Interservicios”، أفاد أيضا في مقاله المنشور في صحيفة “إل فارو دي سيوتا” بأن “المدينة الخاضعة للسيادة الإسبانية ستغدو مهمّشة بسبب النفق، وسيكون من الضروري إيجاد بدائل لذلك، مثل خط فرعي إلى سبتة”، وزاد: “لكل هذا، لابد من إعادة النظر في التصور الحالي للمشروع، بل ومعرفة ما إذا كان السياسيون يتصرفون وفقاً لذلك”.
“مخاوف وتهويل وأزمة”
عبد الحميد البجوقي، المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، قال إن “هذا القول هو نوع من التهويل لأن جاذبية سبتة وحتى مليلية المحتلتين، كممرين للعبور في الوقت الراهن، بدأت التراجع تزامنا مع افتتاح موانئ جديدة وظهور عروض أكثر اقتصادية وجاذبية على مستوى النقل الجوي، وبالتالي فإن هذا التأثير سيكون في إطار محدود وليس في حجم أعلى إلى حد التأثير في المصالح الإسبانية على وجه الخصوص، كما يقول كاتب هذا المقال”.
وأفاد البجوقي، ضمن تصريح أدلى به لجريدة هسبريس، بأن “هذا التهويل هو عمل قديم كلّما تعلّق الأمر بالمدينتين الخاضعتين للاحتلال الإسباني، فالمسؤولون فيهما يرفضون دائما أن يُنظر إليهم من طرف مدريد على أنهم في مدن إسبانية من الدرجة الثانية؛ إنهم يحاولون لفت انتباه السلطة المركزية فقط”، مؤكدا أن “إسبانيا تراهن أساساً على النّفق الذي سيمكّنها من الوصول إلى إفريقيا اقتصاديّا، وهو ما يعني أن حديث سلطات سبتة ومليلية عن مخاوف في هذا الجانب يعكس نوعا من الأزمة التي تشهدها المدينتان”.
إلى ذلك، يؤكد المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية أنه “في ما يخص المطالبة باسترجاع المدينتين إلى السيادة المغربية فإن الرباط لن تتنازل عن هذا المطلب، لأنها تنهج سياسة رصينة وليست من أولوياتها في الوقت الحالي إثارة هذا الموضوع من جديد”، ذاكرا أن “المملكة حاليا تضع قضية الصحراء المغربية كأولويّة، مع الاستفادة من الموقف الإسباني في هذا الإطار”، ومشيرا إلى أن “النّفق سيحاصر سبتة فعلاً، والمغرب سيعرف كيف يتحرك حين يحين الوقت”.
“فرصة الاسترجاع”
خلافا للبجوقي، اعتبر عبد الرحمن فاتيحي، مدير قسم الدراسات الإسبانية في جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أن “تنبّؤات المسؤول الإسباني الذي كان ضمن إدارة الميناء بسبتة سابقا هي خشية مرضية من إقصاء المدينة، فتشهد الحركية فيها فشلاً كبيراً ويتم عزلها سياسيا وجغرافيا”، مؤكدا أن “هذه الفرضية مع ذلك تبقى منطقية، لأن السلطات بالمدينة ذاتها كانت ترغب في خلق ميناء ينافس ميناء طنجة من النّاحية السّياحية؛ لهذا سيُضعف النّفق وهج سبتة كموضوع سياسي”.
وأوضح فاتيحي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “مسألة المدينة لن تبقى بالحدّة ذاتها، إذ يمكن أن تصبح المناطق المغربية المحتلة عبئا على إسبانيا، حين يتم عزلها ثقافيا واقتصاديا بعد إحداث النفق بين طنجة وطريفة”، مؤكداً أن “هذا السياق يمكن أن يكون محفّزا لاسترجاع المغرب هذه المدينة، وذلك بعدما يصبح الأمر ممكنا سياسيّا وجيوإستراتيجيا، لأن هذا يشكل نوعاً من الاعتراف من إسبانيا بأن سبتة لا يمكن أن تكون هي حلقة أيّ مشروع مع المغرب”.
وأورد الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية أن “موضوع سبتة ومليلية كان دائماً عنصراً حاضراً في العلاقات المغربيّة الإسبانيّة، لذلك اعتبرت مؤخراً السلطات الإسبانية أن على المغرب احترام السيادة الإسبانية على المدينتين، رغم أن السفارة المغربية بمدريد وضعت حينها الخريطة المغربية بالكامل متضمنة المدينتين، لتوضيح أن المملكة مازالت تنظر إلى مدنها المحتلة على أنها مغربية حتى لو كانت خاضعة للسلطة المركزية بإسبانيا”، وزاد: “هناك احتمال قوي أن تفقد سبتة قيمتها الإستراتيجية، وعلى المغرب التقاط الفرصة السياسية”.
المصدر: هسبريس