اخبار المغرب

النظام الجزائري ينزعج من السمعة العالمية للمؤسسات الأمنية في المغرب

أضحت المؤسسات الأمنية والاستخباراتية المغربية نموذجا إقليميا ودوليا في محاربة كل أشكال الجريمة العابرة للحدود؛ بما في ذلك الجرائم الإرهابية وجرائم الاتجار بالبشر والمخدرات. وقد راكمت هذه المؤسسات تجربة مهمة، ونجحت في تجنب وتجنيب المغرب وحلفائه سيناريوهات دموية على امتداد السنوات الماضية؛ وهو ما جعل منها مؤسسات مرجعية باتت العديد من الدول، بما فيها الدول الغربية، تسعى إلى تعزيز تعاونها وتنسيقها معها في هذا الصدد.

وقد وقّع المملكة المغربية اتفاقيات تعاون أمني واستخباراتي لتبادل المعلومات ومكافحة الإرهاب مع مجموعة من الدول؛ على رأسها الولايات المتحدة وإسبانيا وبلجيكا والإمارات العربية المتحدة والسعودية وغيرها من الدول. مكنت تلك الاتفاقيات هذه الدول من الإطاحة بعدد من المجرمين والإرهابيين، في إطار المقاربة الاستباقية التي تعد في صلب استراتيجيات المؤسسات الأمنية المغربية.

وفي وقت تسعى كل الدول إلى الاستفادة من اليقظة الاستخباراتية المغربية والنموذج الأمني المغربي الذي حظي بإشادات دولية في عديد من المناسبات، تحاول الجزائر كعادتها ضرب الثقة التي تحظى بها المؤسسات المغربية والمس بصورة المملكة؛ فقد روّجت هذه الدولة، عبر إعلامها الرسمي، لأخبار زائفة ادعت من خلالها أن “مسؤولين أمنيين مغاربة من مستوى عالٍ شكلوا موضوع مذكرة توقيف دولية”، فيما قال عنه متتبعون أنه ينم عن “انزعاج الجزائر من التطورات المؤسساتية التي يشهدها القطاع الأمني، كما ينم عن قصور العقل الاستراتيجي الجزائري في فهم طبيعة التحديات والمتغيرات التي يشهدها العالم.

مقاربة انهزامية

هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، قال إن “التعاون الاستخباراتي بين المغرب ومجموعة من الدول مبني على موروث كبير من التنسيق الأمني والعسكري”، مشددا على أن “هذا التطور الكبير في تدبير قطاع الاستخبارات بين الرباط وبين هذه الدول يبرهن على تقاطع الثقافة الاستخباراتية لمؤسسات هذه البلدان، وعلى انخراط مسؤوليها على تأمين فضائهم الجيوستراتيجي المشترك”.

وأوضح الباحث في الشؤون الاستراتيجية أن “المقاربة الأمنية في العقل الدبلوماسي المغربي تستمد قوتها ومصداقيتها من التجربة الكبيرة التي راكمتها المؤسسات المغربية والأحداث التي عايشتها المخابرات المغربية؛ نظرا للموقع الجغرافي للمغرب وطبيعة تطور مسار تاريخه السياسي، والتي جعلت من المؤسسات الاستراتيجية المغربية نموذجا للمؤسسات التي نجحت في تحييد مجموعة من الأخطار وحظيت على إثرها بثقة وسمعة عالمية جيدة، إذ باتت معظم الدول تسعى إلى الاستفادة من تجربتها وإقامة علاقات تعاون وتنسيق معها”.

ولفت المصرح لهسبريس إلى أن “التعاون الاستخباراتي، الذي يربط الرباط بالعديد من الدول، بات مستهدفا من لدن بعض الأطراف الإقليمية والدولية؛ نظرا للمصداقية التي تتحلى بها المؤسسات الأمنية المغربية وارتفاع مؤشرها في بورصة الأسواق الأمنية، وخاصة لنجاعتها في التموقع دوليا كمحور أساسي ومركزي في مواجهة الحركية المركبة للجماعات الإرهابية والإجرامية”.

في الصدد ذاته، علق معتضد على الأخبار الزائفة التي روّجتها وكالة الأنباء الجزائرية، والتي تستهدف المؤسسات الأمنية المغربية، بالقول إن “بعض الشائعات، التي يتم الترويج لها بخصوص الساهرين على تدبير هذا القطاع الحيوي، تترجم المقاربة الانهزامية التي يعتمدها خصوم المغرب وتبرهن عن انزعاجهم من التطورات المؤسساتية التي يشهدها هذا القطاع الأمني في المغرب”، خالصا إلى أن “عدم قدرتهم على تحقيق التنافسية النزيهة والمهنية يدفعهم إلى تبني أساليب التظليل الإعلامي والتمويه السياسي”.

وأبرز المتحدث ذاته أن “الصرامة الاستخباراتية التي يتميز بها الفكر الأمني المغربي أصبحت تزعج العديد من الفاعلين الدوليين أو الدول التي لها أطماع تخريبية أو أجندات إجرامية تصطدم بالواقعية الأمنية للمغرب والتدبير البراغماتي الاستخباراتي للرباط لهذا القطاع، الذي يسهر على حماية المصالح الحيوية للمغرب ويعمل على تثبيت الأمن السلام في المنطقة والعالم”.

ثقة عالمية

حسن سعود، باحث في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، قال إن “المملكة المغربية تربطها اتفاقيات تعاون أمني واستخباراتي مع معظم الدول التي تتقاسم معها الهموم والتحديات نفسها، خاصة ذات الطبيعة الإرهابية”، مبرزا أن “المغرب لم يوقف تعاونه على هذا المستوى مع عدد من الدول، بالرغم من فترات الجمود الدبلوماسي التي عرفتها علاقاته مع هذه الدول”، مشددا على أن “الرباط تحاول تحييد الخلافات السياسية والدبلوماسية، كلما تعلق الأمر بالسلم والأمن الإقليميين والدوليين”.

وأضاف سعود، في حديثه مع هسبريس، أن “النموذج الأمني المغرب معترف به عالميا وراكم رصيدا استراتيجيا مهما على مستوى محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والتي تلقى على إثره إشادات دولية وأممية؛ آخرها التقرير الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية الذي نوه وأشاد بالتجربة المغربية على هذا المستوى”، مشيرا إلى أن “العقل الاستخباراتي المغربي راكم مجموعة من التجارب ونجح في تدبير عديد من المحطات وتحييد مجموعة من المخاطر التي كانت تتهدد المغرب”.

ولفت الباحث في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية إلى أن “الثقة العالمية التي تحظى بها المؤسسات الأمنية المغربية ونجاحها في تلافي وقوع مجموعة من الحوادث، سواء داخل أو أرض الوطن أو خارجه في إطار التعاون والتنسيق البيني مع مؤسسات دول أخرى، تقلق الجزائر التي فقدت البوصلة السياسة والدبلوماسية ولجأت إلى ترويج الشائعات عبر إعلامها الرسمي لضرب هذه الثقة”.

وأضاف: “المملكة المغربية ماضية قدما في اتجاه تحقيق تراكمات على كافة المستويات مسنودة بمؤسساتها المختلفة، بما فيها المؤسسات الأمنية؛ فيما تستمر الجزائر في هدم نفسها ومراكمة الانتكاسات وشراء العدوات المجانية مع دول الجوار، من المغرب وليبيا مرورا عبر النيجر ومالي وغيرها من الدول”، مبرزا أن “هجوم الآلة الإعلامية الجزائرية على المؤسسات المغربية لا يعدو أن يكون تجليا من تجليات تراجع أدوار الجزائر على الساحتين الإقليمية والدولية”.

وخلص المتحدث عينه إلى أن “الأدوار الطلائعية التي أصبحت المؤسسات الأمنية المغربية تلعبها في ضبط التوازنات الأمنية العالمية وإرساء الأمن والاستقرار في جوار المغرب القريب والبعيد من الطبيعي أن تقلق الجزائر وغيرها من الدول الأخرى التي لم يصل بعد قادتها إلى مرحلة الرشد السياسي الذي يمكنهم من قراءة المستقبل الجيوسياسي على ضوء المتغيرات الحالية والتي يتطلب تدبيرها وإدارتها وجود عقل استراتيجي قادر على صياغة فعل سياسي فعال، وليس إعادة إنتاج عقليات ونخب تسهم في هدم دولها أكثر من إسهامها في بنائها”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *