النشر في المغرب يصطدم بلغة الأرقام
الأربعاء 18 أكتوبر 2023 09:39
قال الناشر طارق سليكي إن المشتغل في النشر بالمغرب “يجد صعوبات في أن يلعب دوره الثقافي داخل المجتمع، لأنه تنقصنا مقومات عدة”، وهو ما يجعل دوره مقتصرا على “الجانب التقني، أي الإخراج والطبع والتسويق”، في حين “ينبغي أن يلعب دورا أكبر من ذلك بكثير، أي أن يوجه القارئ ويصنع قراء جددا، بل وأن يساهم في صناعة تقاليد داخل المشهد الثقافي المغربي”.
وفي مداخلة بمعهد مونبونسيي الفرنسي، ذكر سليكي أن “الهرم الذي يتشكل من الثلاثي: الكاتب والناشر والقارئ، غير واضح، متفكِّك، علاقاته مرتبكة وقلقة”، مما “يفوِّت فرصة” أن يكون لـ”المكتوب فعاليته وفاعليته داخل النقاش العام الوطني، إذ يخرج العمل من الصمت إلى الصمت، وإذا ما كان هناك (كلام) فلن يكون إلا ثرثرة تنتهي ولا تترك أثرا!”
وذكر سليكي أن هذا المجال الذي عاش به ثلثي حياته، كلما خطا خطوة فيه، منذ البداية، واجهته “لغة الأرقام”؛ فتضطرّه إلى أن “يصمت عن المادي أمام الكُتّاب أو القرّاء”؛ فـ”القارئ يرغب في نسخة مجانية، والكاتب يريد أن تستمر وصايته على مستقبل الكتاب، لا عن حقوقه القانونية وإنما الغلاف ولونه وشكله وصورته ومواقع توزيع أو عرض العمل”.
وهكذا، يقول سليكي، “كانت السنوات العشر الأولى عقدا مريرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليس بالمعنى الاقتصادي التجاري، وإنما بالمعنى الثقافي”، وحصر معنى هذا الثقافيّ في “الثقافة المهيمنة في العلاقة الثلاثية بين الناشر والكاتب والقارئ”.
وزاد مفصلا: “ينظر إليك الكاتب على أنك تاجر مُحتال، تُخفي أكثر مما تظهر. لستَ صادقا أبدا في ما تصرح به. فتواجه أحيانا بأرقام افتراضية يعزّ عليك أن تدرك من أين أتت! فكأنه ممنوع عليك أن تحقق الربح ومصدر رزقك هو هذا العمل؟ أو ممنوع عليك أن تخسر، لأن استمرارك في المجال دليل على رواج المنتوج!”
ويرى سليكي أن “ثقافتنا الاقتصادية ضعيفة” في المغرب، مشيرا إلى أنه لا يُستوعب أن هذا عملٌ، مع استحضاره مثالا أمريكيا يدعّم فيه السكان التجارة المحلية بالتبضّع من محلات حيهم والشراء من مهنيّي بلدتهم “لا بحثا عن الأثمنة المنخفضة، التي يُفترض أن تكون معقولة، وإنما دعما لهذه المقاولات الصغيرة أو المحلات التجارية”.
ومع دعوة طارق سليكي إلى “الكلام” بدل “الصمت” الذي “نشأنا” في “ثقافته”، ختم مداخلته بالقول: “ينبغي أن نصل في المغرب إلى مرحلة أن نقول جميعا: إنني أجني أرباحا كبيرة من كتاباتي بالنسبة للكاتب، ومن منشوراتي بالنسبة للناشر، بينما سيظل القارئ يبحث دائما عن جديد(نا)، أي الكاتب والناشر معا”.
المصدر: هسبريس