المونديال والجفاف والبطالة.. ملفات اقتصادية “حارقة” تنتظر مغرب 2025
يدخل المغرب العام المقبل وهو يواجه مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب جهودًا مكثفة لمعالجتها. تأتي هذه التحديات في ظل الظروف الصعبة التي شهدها البلد خلال العام الجاري، والتي كان أبرزها الجفاف الحاد، وارتفاع معدلات البطالة، وضعف القدرة الاستهلاكية للمواطنين.
يعد الجفاف أحد التحديات الكبرى التي تؤثر على الاقتصاد الوطني، حيث يتسبب في تراجع إنتاج القطاع الزراعي الذي يمثل أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المغربي. من جهة أخرى، يعاني سوق العمل في المغرب من ضغوط متزايدة، حيث سجلت معدلات البطالة مستويات غير مسبوقة قاربت 14%، خاصة بين الشباب وحاملي الشهادات العليا، ما جعل الخبراء الاقتصاديين يؤكدون على ضرورة تبني سياسات استثمارية فعالة تركز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمار في القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديدة.
في هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن المغرب يواجه خلال العام المقبل تحديات اقتصادية كبيرة، تأتي في مقدمتها معالجة الجفاف الهيكلي الذي يعاني منه البلد. وأوضح ساري أن التعامل مع أزمة الجفاف يتطلب إنجاز مشاريع استراتيجية ضمن إطار المخطط المائي الوطني، لتوفير حلول مستدامة لهذه الأزمة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن نسبة البطالة في المغرب تسجل اليوم أرقامًا غير مسبوقة، مما يستدعي التحرك العاجل لخلق فرص شغل جديدة وتشجيع الاستثمارات الفعالة ذات العائد المرتفع، مسجلًا أن الاستثمار في قطاعات حيوية سيكون مفتاحًا لتخفيف الضغط عن سوق العمل وتقديم حلول عملية للحد من البطالة.
وفي سياق آخر، أوضح ساري أن المملكة المغربية ستواجه تحديًا كبيرًا يتعلق بتنفيذ الأوراش الكبرى، خصوصًا مشاريع البنية التحتية المرتبطة باستضافة كأس العالم 2030، معتبراً أن هذا الحدث العالمي يتطلب تمويل مشاريع ضخمة تشمل تطوير قطاع النقل فائق السرعة، وتشييد بنى تحتية استراتيجية مثل الطرق وشبكات المواصلات، مما يطرح تساؤلات حول مصادر التمويل لهذه المشاريع.
وأضاف المحلل الاقتصادي أن تمويل هذه المشاريع قد يدفع المغرب إلى الاستدانة من المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، معربًا عن مخاوفه من أن تتسبب هذه الاستدانة في فرض شروط إضافية، مثل تسريع وتيرة تعويم الدرهم، وهو ما قد يضع الاقتصاد الوطني أمام تحديات كبيرة.
وحذر ساري من أن تسريع تعويم الدرهم، الذي كان من المفترض أن يتم تدريجيًا منذ عام 2018، قد يفرض على المغرب عواقب اقتصادية وخيمة، من بينها ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات يصعب التحكم فيها، مؤكداً أن هذا الوضع يتطلب رؤية واضحة واستراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات المرتبطة بالتضخم والاستقرار المالي.
واختتم المحلل الاقتصادي رشيد ساري تصريحه بالتأكيد على أن المرحلة القادمة تستدعي الحذر واليقظة، مع ضرورة التسريع بتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى التي ستساهم في معالجة هذه التحديات، مشددًا على أهمية التخطيط السليم لتجنب المخاطر الاقتصادية وضمان مستقبل أفضل للاقتصاد الوطني.
جدير بالذكر أن عبد اللطيف الجواهري أكد في تصريح له استعداد المغرب للانتقال إلى المرحلة الثانية من تحرير سعر صرف الدرهم، مما يفتح المجال لنقاش واسع حول مدى استعداد النظام المصرفي والبنية الاقتصادية لاستيعاب تداعيات التحول إلى تحديد قيمة العملة بناءً على العرض والطلب.
وكان والي بنك المغرب قد شدد على وجوب تحقيق عدة متطلبات للانتقال إلى هذه المرحلة، ولعل أبرز هذه المتطلبات الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى، مشيرًا إلى التزام الحكومة بالسياسة الاقتصادية العامة التي تشمل ضمان الاستدامة المالية.
وللإشارة، فإن معدل البطالة في المغرب ارتفع إلى 13.6% في الربع الثالث من العام الحالي، مقارنةً بـ 13.5% في نفس الفترة من العام الماضي. وأوضحت المندوبية السامية للتخطيط، يوم الاثنين، أن هذا الارتفاع يرجع إلى استمرار القطاع الزراعي في فقدان الوظائف بسبب الجفاف.
المصدر: العمق المغربي