المنتدى الصيني الإفريقي… منصة تعاون ممتدة وعلاقات متنامية
منذ نشأته سنة 2000، تطور المنتدى الصيني الإفريقي “فوكاك” ليصبح منصة تعاون ناجحة ونموذجية بين الصين وإفريقيا. سهل الحوار الجماعي وعزز العلاقات الدبلوماسية، الاقتصادية والثقافية بين الصين وإفريقيا.
يعتبر (فوكاك)، أقدم المنتديات الإقليمية في الصين. وبرزت هذه الآلية سنة 2006، عندما أعلنت بكين إنشاء صندوق تنمية صيني إفريقي بقيمة 5 مليار دولار.
من الأمور المركزية في فعاليات المنتدى الذي يضم في عضويته 53 من أصل 54 دولة إفريقية، المؤتمرات الوزارية واجتماعات القمة التي تعقد كل ثلاث سنوات، والتي تستضيفها الصين والدول الافريقية بالتناوب.
جاءت القمة التاسعة للمنتدى التي انعقدت في بكين من 4 الى 6 من سبتمبر، مؤكدة التزام تعميق الشراكة ومواجهة التحديات المستقبلية في ظل التغييرات الجيوسياسية الكبرى والصراعات الدولية والإقليمية بالقارة الإفريقية.
وأعلن المنتدى الإجماع الإفريقي حول الذكاء الاصطناعي، المعتمد في ختام المنتدى الرفيع المستوى حول الذكاء الاصطناعي الذي نظم بالرباط في يونيو الماضي.
مع التأكيد على تسريع الارتقاء الافريقي بهدف تفعيل هندسة مالية عالمية أكثر إنصافا، وأكثر ملاءمة لتنمية افريقيا، وتحقيق أولويات نمو تحترم السيادة والوحدة الترابية للدول الأفريقية وتساهم في رفاهية شعوبها. وهي الأهداف الواردة ضمن إعلان مراكش.
محتوى منتدى التعاون الصيني الافريقي 2024.
وحملت قمة التعاون الصيني الإفريقي 2024 المنعقد في بكين عنوان ” تظافر الجهود لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك“.
بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس الاتحاد الافريقي، ورؤساء دول من الصين ومن 54 دولة افريقية، التزمت الصين على مدى ثلاث سنوات، بتقديم 50 مليار دولار كدعم مالي لدول القارة.
وتم التركيز أكثر على مجالات التطوير الزراعي، التصنيع، الطاقة الخضراء، وتحسين التعاون في تمويل البنية التحتية عبر مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وقد دخلت الصين في شراكات استراتيجية مع جميع الدول الأفريقية ورفعت شراكاتها الاستراتيجية مع إجمالي 30 دولة خلال القمة.
كما تم الارتقاء بالعلاقات العامة بين الصين وأفريقيا إلى مستوى مجتمع صالح لكل الأحوال وذي مستقبل مشترك في العصر الجديد.
وبفضل ما يقرب من 70 عاما من الجهود المتضافرة، أصبحت العلاقات الصينية الأفريقية الآن في أفضل حالاتها في التاريخ.
لتعزيز هذه العلاقات، صاغت الصين وإفريقيا اقتراحا من ست نقاط بشأن الجهود المشتركة بين الصين وأفريقيا لدعم التطوير والتقدم.
خطة عمل بيكين
متحدثا في افتتاح القمة قال الرئيس الصيني “شي جين بينغ“: “إنه يتعين على الصين وأفريقيا تعزيز التقدم العادل والمنصف، والمنفتح والمربح للجانبـين، والذي يضع الشعب في المقام الأول، ويتميز بالتنوع والشمول، والملاءمة للبيئة، ويدعمه السلام والأمن“.
اقتراح الرئيس الصيني حضي بقبول واسع النطاق بين الزعماء الأفارقة، وأصبح محل إجماع سياسي بين الصين وأفريقيا من جهة.
من جهة أخرى تم وضع مخطط للتعاون بين الصين وأفريقيا للمضيّ قدما، حيث قام الجانبان بتبني “خطة عمل بكين” لتعزيز التعاون الصيني الأفريقي في السنوات الثلاث المقبلة.
أعلن الرئيس الصيني، عن عشرة إجراءات لشراكةٍ جديدة مع أفريقيا بهدف دعم التقدم في السنوات الثلاث المقبلة. وأشار أن هذه الإجراءات ستغطي مجالات التعلم المتبادل بين الحضارات، والازدهار التجاري، والتعاون في السلسلة الصناعية.
بالإضافة إلى مجالات الاتصال، التعاون التنموي، الصحة، الزراعة، سبل العيش، المبادلات الشعبية، التنمية الخضراء، والأمن المشترك.
وإلى جانب ذلك، تم خلال القمة، إدخال مشاريع تهدف إلى الحد من عبء الديون في إفريقيا وتعزيز وخلق فرصة عمل محلية مع تقدير خلق مليون فرصة عمل، مع التركيز أكثر على نقل التكنولوجيا والبنية الأساسية الرقمية.
هذه التدابير، تشير إلى تحول الصين نحو تعزيز الاستدامة الاقتصادية طويلة الأمد للقارة الافريقية حسب المركز الافريقي للأبحاث Afro policy.
ومع ذلك، فإن “نجاح هذه المبادرات سيعتمد على مدى قدرة الصين على تحقيق التوازن بين تنمية البنية التحتية وتمكين الاقتصاد المحلي واستدامة الديون.
مبادرة الحزام والطريق
ويرتبط المنتدى الصيني الافريقي ارتباطا وثيقا بمبادرة الحزام والطريق. باعتبارها من الآليات المهمة لتعزيز مكانة الصين في القارة الإفريقية.
وقد بلغ عدد الدول التي أبدت رغبتها في أن تكون جزءا من المبادرة أكثر من 150 دولة من مختلف قارات العالم من بينها 44 دولة افريقية بدرجات متفاوتة.
كما يمتل المنتدى الإطار المؤسساتي العام الذي تتم فيه مناقشة المشاريع الصينية بأفريقيا وخاصة مشاريع البنية التحتية باعتبارها اللبنة الأساسية التي ترتكز عليها مبادرة الحزام والطريق.
منذ أن تم الإعلان عن المبادرة في عام 2013، فرضت الصين تعريفات جمركية صفرية على 98 % من المنتجات الخاضعة للتعريفات الجمركية من27 دولة إفريقية أقل نموا.
كما وقعت اتفاقيات ثنائية لتعزيز وحماية الاستثمار مع 34 دولة افريقية، واتفاقيات لتجنب ازدواج الضريبي مع 21 دولة افريقية.
التأثير الاقتصادي
بلغت واردات الصين من السلع الإفريقية 60.01 بليون دولار في النصف الأول من العام الجاري بزيادة بنسبة14% على أساس سنوي.
وعلى مستوى استدامة الديون، فقد تم تمويل استثمارات البنية الأساسية الضخمة التي تقوم بها الصين في جميع أنحاء إفريقيا من خلال القروض.
وشهدت القارة الإفريقية زيادة سريعة في الاستثمار الصيني المباشر حيت تجاوز رصيده 40 مليار دولار بحلول نهاية عام 2023. وفقا لـ “آلان خان”، المدير الأول لشؤون الشركات في جامعة ديربان للتكنولوجيا، في جنوب أفريقيا.
ووفقا للإعلام الرسمي الصيني، زادت نسبة التجارة الصينية في إجمالي التجارة الخارجية لأفريقيا بشكل مطرد. بلغت 167.8 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام،
لكن، بينما تكثّف البلدان الأفريقية جهودها لتعزيز التجارة البينية الأفريقية، هناك حاجة إلى بناء بنى تحتية عالية الجودة، مثل الطرق والسكك الحديدية، لضمان سلامة نقل البضائع ودعم التجارة في القارة، يؤكد “خان“.
إيمان الزهواني طالبة باحثة في العلاقات الصينية الإفريقية (جامعة كالياري إيطاليا)
المصدر: العمق المغربي