المغرب يمر لمرحلة التغيير في ملف الصحراء.. هل حان وقت التطبيق العملي للحكم الذاتي؟
أعاد المقترح المنسوب للمبعوث الأممي ستافان دي ميستورا حول تقسيم الصحراء المغربية، إلى الواجهة من جديد، مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب على مجلس الأمن سنة 2007 لحل النزاع المفتعل في الأقاليم الصحراوية، والذي حظي بتأييد متعاظم للمجتمع الدولي.
وفي إحاطة لمجلس الأمن خلف الأبواب المغلقة، يوم الأربعاء الماضي، قال دي ميستورا، إن التقسيم “يمكن أن يسمح بإنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي من الإقليم، ومن جهة أخرى دمج بقية الإقليم كجزء من المغرب، مع الاعتراف بسيادته عليه دولياً”، وهو المقترح الذي رفضته المملكة المغربية.
ويرى متتبعون أن المقترح المغربي أصبح أكثر قوة من أي وقت مضى، خصوصا بعض انضمام فرنسا والولايات المتحدة الامريكية، وهما دولتين دائمتا العضوية بمجلس الأمن، إلى الدول المعترفة بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما جسده الملك في خطابه الاخير بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الجديدة الذي سلط فيه الضوء على الانتقال من مرحلة “التدبير” إلى “دينامية التغيير” في ملف الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، صبري لحو، إن 17 عاما مدة كافية لإعداد مذكرة حول المقترح المغربي وإعداد كفاءات وطنية لعرضها، وإظهار أن المملكة تملك مشروعا كاملا يستجيب مع القانون الدولي وللشرعية التاريخية، موضحا أن هذه المدة كافية ليكون للمغرب محامين ومئات الديبلوماسيين الذين يعرضون ويشرحون بأدق التفاصيل مبادرة الحكم الذاتي.
وأضاف أن هذه المدة يفترض أن يكون المغرب قد وضع مذكرة بكل جزئيات مقترحه وتفاصيل ومراحل تنفيذ مشروع الحكم الذاتي، فضلا عن تصوره حول الهياكل وآليات اشتغاله والعلاقة بينه وبين السلطة المركزية وعلاقته بباقي الجهات، على اعتبار أن المملكة تتحدث عن الجهوية المتقدمة وتسير في اتجاه الدولة الترابية.
وأوضح الخبير في القانون الدولي وقضايا الهجرة ونزاع الصحراء، أن التأخر في عرض هذه المبادرة يفهم منه تهرب المملكة وأنها ليست جادة في طرحها، وأن مقترح الحكم الذاتي هو مجرد نوايا، مشددا على ضرورة عرض المقترح والمرور من مرحلة التدبير إلى مرحلة الحسم.
وقال إن مقترح المغرب بالحكم الذاتي، قد حصل على التأييد الكافي، بعد اعتراف الولايات المتحدة الامريكية، اسبانيا، فرنسا، ومجموعة من الدول الأخرى منها دول فتحت قنصلياتها بمدينتي الداخلة والعيون، ولا يمكن للمغرب أن ينتظر دعم جميع دول العالم للمرور إلى مرحلة الحسم أو ما سماه الملك في خطابة الاخير من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير.
وأضاف أن الاستمرار في حشد التأييد قد يستنفد معه المغرب تلك القدرات وتلك الإمكانيات واليناميكية التي ستمكنه من إجراء تلك النقلة النوعية، مشددا على ضرورة الاعتماد على القوة والعقل والذكاء المغربي، اما الاعتماد على خبرة إدارية وخبرة أمنية فلا يمكن أن تحصل به المملكة على التغيير المنشود، وفق تعبيره.
من جانبه، كشف رئيس مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبدالفتاح الفاتيحي، رأيه بخصوص ما إذا الوقت قد حان للكشف عن تفاصيل الحكم الذاتي والشروع في تنزيله على أرض الواقع.
وقال الفاتيحي إنه بحسب التوازنات الجيوسياسية وتقييم قوة الموقف التفاوضي للمغرب على اعتبار التطورات الحاصلة في ملف الوحدة الترابية وتقييم الواقع الميداني أمنيا وقوة النفوذ المغربي إقليميا، قد لا يكون التغيير هو مزيد من التوضيحات لمقاربة الحكم الذاتي.
وأضاف بالقول: “وإلا فإن الدول التي أيدتها كحل واقعي ذو ومصداقية قد أيدوا شيئا مبهما وغامضا، ولذلك فإن ما عبر عنه ديمتسورا في إحاطته أمام مجلس الأمن هروب إلى الأمام حيال توصيات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي حول الصحراء”.
وأضاف الفاتيحي في تصريح خص به جريدة “العمق”، أن التغيير بحسب مضمون الخطاب الملكي هو تسريع عمليات إنجاز مشاريع البنى التحتية الكبرى بجهة الصحراء طبقا لما أكده الملك في خطاب سابق أن المغرب لن ينتظر أحدا. وأن المغرب ماض في تنفيذ استراتيجياته تجاه مجاله الحيوي وتنفيذا لالتزاماته تجاه البلدان الافريقية نحو بناء فضاء آمن ومزدهر وينعم بالاستقرار والسلام.
وخلص الخبير في الشان الصحراوي إلى أن ممارسات المغرب في الصحراء ستتحدد وفق عقيدة المغاربة الراسخة في هذا الباب تجسيدا لقولة الملك محمد السادس “المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها”، مشيرا إلى أن المغرب لا يمكنه أن يقدم شيئا آخر غير مبادرة الحكم الذاتي.
المصدر: العمق المغربي