المغرب يعول على الاكتشافات الغازية لجلب المستثمرين وتأمين السيادة الطاقية
كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، عن إعداد تصور شامل لتطوير قطاع الغاز الطبيعي، من خلال تحيين الاستراتيجية المتعلقة بهذا القطاع، وإعداد خارطة طريق تتضمن المراحل الكبرى لإنشاء البنى التحتية.
وتعمل المملكة على تسريع وتيرة الاستثمارات في مجال الطاقة مع تعزيز الشبكة الكهربائية والاستثمار في مصادر تخزين الغاز الطبيعي. وأعلنت الحكومة المغربية أنه “من أجل تحقيق نظام طاقي مرن وأكثر صمودًا، والاستعداد لاقتصاد الهيدروجين الجديد، نعتزم استثمار، بالشراكة مع القطاع الخاص، ما بين مليار وملياري دولار سنويًا، بشكل متواصل ودون انقطاع.”
وأوضحت وزيرة الانتقال الطاقي أن المغرب يواصل تعزيز سيادته الطاقية عبر تطوير بنية تحتية شاملة لإنتاج واستغلال الغاز الطبيعي المسال، موضحةً في ردها على سؤال كتابي لإدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن المغرب انخرط في اعتماد استراتيجيات مبتكرة لتأمين احتياجاته الطاقية في ظل التحولات العالمية في سوق الطاقة.
وأبرزت الوزيرة بنعلي أن الجهود تشمل ثلاث محاور رئيسية: تكثيف عمليات الاستكشاف والبحث عن الغاز الطبيعي، تطوير الحقول المكتشفة بما يتماشى مع الضوابط القانونية والمعايير البيئية، علاوةً على تطوير البنية الأساسية اللازمة لاستيراد ونقل وتخزين وتوزيع الغاز الطبيعي.
وأوضحت المسؤولة الحكومية أن الاكتشافات الغازية المشجعة في تندرارة وسواحل العرائش قد جلبت اهتمام المستثمرين، حيث تم التوقيع في مارس 2024 على مذكرة تفاهم بين وزارات مختلفة، شملت أساسًا وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ووزارة المالية، ووزارة الداخلية، ووزارة التجهيز والماء بشأن تنسيق أعمالها.
وتهدف هذه الخطوة، وفق وزيرة الانتقال الطاقي، إلى تنسيق الجهود لتطوير البنية التحتية لهذا القطاع الحيوي، حيث أشارت الوزيرة إلى عقد أول اجتماع للجنة القيادة في يوليو 2024، وتنظيم ورشة عمل بمشاركة القطاع الخاص لتقديم خارطة الطريق المحدثة، بما في ذلك تسريع غاز تندرارة والعرائش، وعرض مختلف المشاريع المبرمجة في إطار خارطة الطريق المحينة.
وأوضحت المسؤولة الحكومية أن القطاع الخاص المغربي والأجنبي بدأ يتفاعل مع هذه التطورات، إذ استثمرت شركات مغربية ودولية في مشاريع الغاز في العرائش وتندرارة، مما يعزز مكانة المغرب كممر للطاقة الخضراء نحو أوروبا والمحيط الأطلسي.
وشددت بنعلي على أن الوزارة في المراحل الأخيرة من إصدار دعوة لإبداء الاهتمام بهذا الموضوع، خاصة وأن بوادر هذه الجهود بدأت تظهر في نصف الولاية الحكومية باستثمارات مغربية لتشجيع مشاريع تندرارة والعرائش، حيث قامت شركة خلال سنة 2024 ببيع ما يناهز مليار دولار من أصولها في مصر وإيطاليا وكرواتيا للتركيز على استثماراتها في العرائش، مؤكدةً أن شركة خاصة مغربية قامت بالإعلان عن تمويل أكثر من 35 مليون دولار لتسريع مشروع تندرارة.
وسجلت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أن المغرب تحول إلى الممر الوحيد لعبور الطاقة الخضراء إلى أوروبا والمحيط الأطلسي في الاتجاهين، وأصبح الاستثمار الخاص المغربي يستثمر أيضًا في الغاز الطبيعي.
وكشفت الحكومة عن حصيلة الأبحاث التي تجريها بعض الشركات الأجنبية عن حقول الغاز والبترول بمختلف مناطق البلاد، مشيرة إلى أن الجهود المبذولة في مجال التنقيب مكنت من اكتشاف الغاز في كل من الغرب والصويرة وتندرارة وبسواحل العرائش.
وفي حوض الغرب، أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، عن اكتشاف مكامن غازية منتجة، موضحةً أنها تعد مفيدة رغم صغر حجمها، نظرًا لوجود شبكة أنابيب غازية مهمة تربط هذه المكامن بالمصانع المتواجدة بإقليم القنيطرة، والتي يتم تزويدها بهذا الغاز.
أما في حوض الصويرة، تضيف بنعلي، فقد بدأ إنتاج الغاز منذ ثمانينات القرن الماضي، ولا يزال الإنتاج مستمرًا برخصة الامتياز “مسقالة”، حيث يتم نقل الغاز إلى المركز المنجمي للمجمع الشريف للفوسفاط.
وأبانت نتائج عملية الحفر في منطقة العرائش البحرية عن وجود الغاز، تقول الوزيرة: “وفي إطار الشراكة المبرمة حديثًا بين الشركتين المسؤولتين، تتم مواصلة الدراسات لأجل تطوير هذا الحقل الغازي”. كما تم حفر 10 آبار استكشافية في تندرارة، و”اعتمادًا على أشغال مسح ومعالجة واستقراء بيانات الاهتزازات الثلاثية الأبعاد، اثنتان منها أكدت وجود الغاز الطبيعي”، تضيف المتحدثة.
وأشارت إلى أن هذه النتائج المشجعة دفعت إلى منح امتياز الاستغلال “تندرارة” (في سنة 2018) لتطوير مكمن الغاز، مضيفةً أن المشروع يهدف إلى تزويد محطات توليد الطاقة الكهربائية التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) بالغاز الطبيعي مباشرة بعد انتهاء أشغال الربط بين موقع الإنتاج بتندرارة وأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي.
وتابعت أن المكتب (المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب) وشركاؤه يواصلون مجهودات التنقيب في كل من المناطق البرية كجرسيف، وأنوال وسيدي مختار، وكذا المناطق البحرية موكادور والكزيرة وطرفاية وبوجدور والداخلة، حيث يتم إنجاز دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية معمقة من أجل تقييم وتثمين المؤهلات النفطية للأحواض الرسوبية المغربية.
وتعد أشغال المسح والمعالجة والاستقراء الاهتزازي، تقول بنعلي، من بين أهم الأنشطة التي يقوم بها الشركاء حاليًا في جميع رخص التنقيب قبل الانتقال إلى مرحلة الحفر، وقد أبانت هذه الدراسات عن نتائج إيجابية.
وأشارت إلى أن نتائج الحفر في إطار اتفاقيات نفطية سابقة أسفرت عن مؤشرات الغاز والنفط ببعض الآبار، أهمها وجود تراكمات غازية غير تجارية ببئر CB1 ببحر بوجدور، وكذا تراكمات الزيوت الثقيلة ببحر طرفاية.
واستدركت الوزيرة بأنه يجب القيام بمزيد من الدراسات التكميلية وحفر المزيد من الآبار الاستكشافية للتحقق من فعالية الأنظمة النفطية لهذه المؤشرات، وهذا ما يسعى له المكتب عبر اتفاقيات الشراكة.
المصدر: العمق المغربي