أطلقت سويسرا، من خلال المستشار الفيدرالي السويسري لشؤون الاقتصاد والبحث والتعليم، غاي بارميلان، بالتعاون مع وزراء ممثلين لـ13 دولة في العالم، من ضمنها المغرب، مبادرة أطلق عليها اسم “شراكة مستقبل الاستثمار والتجارة”، تهدف إلى الجمع بين الاقتصادات الصغيرة والمتوسطة المهتمة بالتجارة المفتوحة، حسب ما أفادت به الإدارة الاتحادية للشؤون الاقتصادية والتعليم والبحث في هذا البلد الأوروبي، في بيان لها.

وحسب المصدر ذاته فإن “الوضع الحالي في سياسة التجارة الدولية يتميز بالتوترات وحالة عدم اليقين”، مضيفا: “كما يتعرض النظام التجاري الدولي القائم على القواعد لضغوط متزايدة، ويزداد خطر تفكك الاقتصاد العالمي وتراجع النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي فإن هذه التطورات تعد مثيرة للقلق بالنسبة لدول مثل سويسرا، المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسلاسل القيمة العالمية، والمعتمدة على شروط تجارية مفتوحة وموثوقة”.

في هذا السياق، تردف الإدارة ذاتها، “أطلقت 14 دولة ذات اقتصادات صغيرة ومتوسطة مبادرة ‘شراكة مستقبل الاستثمار والتجارة’ (FIT Partnership)، ومن بين الأعضاء المؤسسين لها، بالإضافة إلى سويسرا، كل من بروناي، تشيلي، كوستاريكا، آيسلندا، ليختنشتاين، المغرب، نيوزيلندا، النرويج، بنما، رواندا، سنغافورة، الإمارات العربية المتحدة، وأوروغواي”، مشيرة إلى أن سويسرا تلعب دورًا رئيسيًا في تصميم هذه المبادرة وستواصل لعب دور قيادي في إطارها.

ويؤكد البيان أن “أعضاء المبادرة يهدفون إلى زيادة تأثيرهم في الاقتصاد العالمي، وتعزيز النظام التجاري القائم على القواعد، وإيجاد حلول للتحديات في التجارة العالمية”، مبرزًا أن “الأولويات الموضوعية للمبادرة تشمل تعزيز مرونة سلاسل التوريد، وتقليل الحواجز غير التعريفية، وتسهيل الاستثمارات، واستخدام التقنيات الجديدة في التجارة”.

وحسب الإعلان الوزاري الذي يهم هذه الشراكة، وحمل توقيع وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، إلى جانب وزراء آخرين من الدول المشاركة، أكدت الأخيرة “دعمها لنظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد، بما يوفر بيئة تجارية عالمية متوقعة وشفافة وغير تمييزية ومنفتحة وعادلة”، مشددة في الوقت ذاته على “الدور الحيوي الذي يلعبه الاستثمار الأجنبي المباشر في تطوير البنية التحتية، وتعزيز التجارة الدولية، وخلق فرص التصدير، وتمكين النمو الاقتصادي المستدام”.

وحسب الإعلان المشترك ذاته ستعمل “شراكة مستقبل الاستثمار والتجارة” على “دعم النمو الشامل من خلال تعزيز الوصول إلى الموارد والتقنية، ومعالجة القضايا التجارية المعاصرة والناشئة، إلى جانب تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بهدف تحقيق نمو أكبر وأكثر استدامة”، مؤكدة التزامها بـ”تعزيز الشفافية والتنبؤ في السياسات التجارية والاستثمارية، وكذا الحلول التعاونية في القضايا التجارية الناشئة، مع تسهيل وتمكين الاستثمار عبر الحدود لدفع النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة على الصمود”.

رشيد ساري، محلل اقتصادي، قال إن “اختيار المغرب ليكون جزءًا من هذه المبادرة لم يأتِ اعتباطًا، على اعتبار أنه وسويسرا تربطهما أولًا علاقات اقتصادية وتجارية مهمة منذ أكثر من قرن، ثم إن الاقتصاد المغربي هو اقتصاد صاعد، والدليل على ذلك تحقيقه معدلات نمو أكبر من المتوسط العالمي”.

وأضاف ساري، في تصريح لهسبريس، أن “ما يؤهل المغرب أيضًا للتواجد في مثل هذه المبادرات متعددة الأطراف هو دخوله ضمن منظومة من الصناعات الحديثة، إلى جانب عدم وجود اسمه في اللوائح السوداء والرمادية للملاذات الضريبية أو قائمة البلدان عالية المخاطر التي تعاني أنظمتها الوطنية من قصور في ما يتعلق بإستراتيجية مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”.

وتابع المحلل ذاته بأن “الرباط تحظى بسمعة طيبة على المستوى الدولي، خاصة في ما يتعلق بعلاقاتها مع المؤسسات الدولية المانحة، إذ أوفت بالتزاماتها وتعهداتها في هذا الشأن، إضافة إلى توجيه الاستدانة الخارجية نحو الاستثمار، وأضف إلى ذلك علاقاتها المتوازنة مع جميع القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين”، مشددًا على أن “الأكيد أن اختيار المغرب للمشاركة مبني على مجموعة من المؤشرات التي جعلت منه، إلى جانب رواندا، الدولتين الإفريقيتين الوحيدتين”.

من جهته أوضح عبد الخالق التهامي، محلل اقتصادي، أن “النظام العالمي يمر بمجموعة من المشاكل والتحديات، خاصة ما يتعلق بالتجارة الخارجية منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض على رأس ولاية ثانية، وفرضه تعريفات جمركية عالية على العديد من الدول، بما فيها بعض شركاء واشنطن، ما دفعها إلى البحث عن حلول بديلة، سواء بتوسيع الأسواق الخارجية أو تقوية التكتلات الجهوية، وبالتالي فمن غير المستبعد أن تدخل هذه المبادرة في هذا السياق”.

وأضاف المحلل الاقتصادي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “حضور المغرب ضمن مبادرة شراكة مستقبل الاستثمار والتجارة يُفسر بتوفره على اقتصاد ديناميكي أكثر من غيره من الدول الإفريقية الأخرى، إلى جانب انفتاحه التجاري واتفاقيات التبادل الحر التي وقعها مع عدد من الدول، وبالتالي فإن مشاركته في مثل هذه المبادرات لا يمكن إلا أن تساهم في تعزيز هذا الانفتاح”.

المصدر: هسبريس

شاركها.