المغرب يطمح لتعزيز تموقعه في مجال ريادة الأعمال.. وثلاث معيقات تواجه الشركات الناشئة
ديناميكية متسارعة هي التي يشهدها مجال ريادة الأعمال، داخل المملكة المغربية خاصة داخل مجال التكنولوجيات الحديثة، حيث برزت في السنوات القليلة الماضية منظومة دعم قوية للشركات الناشئة، تمثلت في ظهور عدد متزايد من الصناديق الاستثمارية التي تركز على تمويل مشاريع رواد الأعمال الواعدة.
وقد ساهم هذا الدعم بشكل كبير في تعزيز مكانة المغرب على خريطة ريادة الأعمال العالمية، حيث احتلت المرتبة الخامسة على مستوى القارة الأفريقية من حيث قيمة الصفقات الموقعة خلال العام الماضي.
وتطمح المملكة إلى تحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال، من خلال استهداف المرتبة الثالثة خلال السنوات القليلة القادمة، معطى أكده عمر حياني، مدير الاستثمارات بـ “صندوق المغرب الرقمي” في مقابلة مع “الشرق بونس”، الذي أوضح أن المملكة “بإمكانها إتاحة تعزيز وتيرة التمويلات المُخصصة لرواد الأعمال، ممّا يُؤهلهم لبلوغ المرتبة الثالثة أفريقيًا في غضون خمس سنوات”.
واعتبر عمر الحياني أن قطاع الشركات الناشئة تواجهه مجموعة من المعوقات، وتتمثل أساسا في مشاكل قانونية لا تسهل إنشاء شركات ناشئة
ويعزو عمر الحياني ركود قطاع التكنولوجيا المالية والتأمين والصحة إلى 3 معوقات: “قوانين معقدة، عدم استفادة الشركات من عقود حكومية، وسوق محلية ضيقة”.
هذا، وترى صناديق الاستثمار في أفريقيا وجهة مثالية للاستثمار، نظرًا لتوافر فرص هائلة، بينما تُشير إلى محدودية السوق المغربية، مما يدفعها لدعم رواد الأعمال في التوسع نحو أسواق أخرى مثل أفريقيا، أوروبا، والخليج.
تعليقا حول هذا الموضوع، أكد عبد العزيز خليل، أستاذ عرضي للمالية العمومية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن المغرب منذ العهد الجديد مع الملك محمد السادس توجه للاستثمار في إفريقيا، وعزز هذا التوجه بأن جعله مقتضى دستوري مدرج في ديباجة الدستور ومجموعة من المضامين، كون أنه توجه سياسي للدولة وبالتالي فإن الاستثمار في إفريقيا ليس مجرد معطى شفهي داخل المغرب وإنما معطى دستوري.
أشار المتحدث إلى أن القطاعات التي تحاول الشركات الناشئة الاستثمار فيها، هي القطاعات الآمنة، وعلى رأسها القطاع البنكي والمالي بصفة عامة، حيث يحتل المغرب مكانة متقدمة في هذا المجال على مستوى القارة الإفريقية، فهو من بين أوائل المستثمرين في القطاع البنكي داخل القارة السمراء.
واعتبر خليل أن القطاعات الأكثر الجاذبية هي القطاعات الآمنة، ويتعلق الأمر بالتكنولوجيا والمجال الرقمي وتعزيز البنيات التحتية،حيث يسعى المغرب إلى نقل هذه التجربة إلى باقي الدول الإفريقية مع العمل على الاستثمار في مجال القطاعات المالية.
وأكد المختص في المجال المالي إلى أن أغلب الشركات الناشئة التي يتم دعمها من خلال العديد من صناديق الدولة، هي شركات في مجالات العصر وهي مجالا التكنولوجية الذكاء الإصطناعي ، مسجلا أن المغرب يدرك أهمية هذا المجال ويضخ أموال كبيرة في هذا الإطار من أجل تعزيز الشركات الوطنية وتقوية حضورها على مستوى القوانين، خاصة تلك المتعلقة بالصفقات العمومية.
وحسب المتحدث فإن المغرب عمل على إنشاء مجموعة من الصناديق من أجل دعم وتمويل الشركات الناشئة بهدف تعزيز تنافسيتها الوطنية والدولية.
وأوضح الأستاذ بجامعة محمد الخامس، أن جلب المغرب للموارد المالية من السوق الدولية يبقى أمر في غاية الأهمية كون أن المغرب يحضى بالثقة من قبل شركائه الدوليين خصوصا و من المؤسسات التي تعمل على تمويل ميزانيات المغرب، التي عن طريقها يتم تمويل هذه الصناديق التي تعمل بدورها على تمويل الشركات الناشئة.
وشدد المتكلم على وجوب وضع إطار قانوني آمن وواضح وشفاف ومقروء، من أن جعل المستثمر والشركات في هذا المجال على بينة من أين يضعون أموالهم وإلى أين تذهب وكيف تذهب.
وخلص المتحدث بالتأكيد على أن التحفيزات لا تتم فقط عن طريق الدعم المالي وإنما يجب خلق إطار تشريعي، مع وجوب تعديل قانون مرسوم الصفقات العمومية وترسانته، بهدف أن تحظى هذه الشركات الناشئة بأولوية للحصول على المشاريع، ودعم هذه الشركات على المستوى الوطني وتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولي.
وحديثا حول أهم المشاكل التي تواجهها الشركات الناشئة بالمغرب، أوضح المحلل الاقتصادي، بدر الزاهر أزرق، في تصريح سابق لجريدة “العمق” أن المقاولات الناشئة تتجه في الغالب لمجالات معينة، وفي مقدمتها قطاع الخدمات والتجارة والعقار، ما يؤكد أن بنية الاقتصاد لا تزال جامدة، وأن الاقتصاد المحلي سيظل مرهونا بمجموعة من القطاعات خاصة التقليدية منها.
وأشار الخبير إلى أن هذا المعطى يبرز أن أغلبية الاستثمارات تتجه للاستثمارات الآمنة، وعلى رأسها قطاع التجارة والخدمات، كما أنه في الوقت ذاته لا تتطلب رؤوس أموال ضخمة ما يؤكد وجود أزمة على مستوى التمويل بالنسبة لهذه المقاولات في حين أن تواجد المقاولات التي تعتمد على التكنولوجيا والخبرات يبقى ضعيفا.
يذكر أن ثلاثة من كبار المستثمرين في المغرب، وهم “صندوق المغرب الرقمي” وصندوق الإيداع والتدبير الحكومي و”UM6P Ventures”، عملو على ضخّ ما مجموعه 44 مليون دولار في الشركات الناشئة خلال السنوات الماضية، كما تعتزم هذه الصناديق مضاعفة هذا الرقم خلال السنوات المقبلة من خلال التركيز على الشركات الناشئة في قطاعات الصحة والزراعة والصناعة، سواء داخل المغرب أو من قبل المغتربين في الخارج.
المصدر: العمق المغربي