لقد استنفدت مرحلة التعبير والشعارات حدودها، وأصبحنا نملك بنكا ضخما من التشخيصات والمطالب المشروعة، لكن التحدي الأكبر يكمن اليوم في كيفية الانتقال من خانة المتلقي والناقد إلى موقع الشريك والفاعل والمقترح ، وهنا تحديدا، تبرز الحاجة المُلحة لإطلاق مبادرة مدنية “المغرب لي بغينا”، ليس كصرخة عابرة، بل كـ إطار مدني يعيد الاعتبار لجوهر الديمقراطية التشاركية المنصوص عليها دستوريا.
إن الوضع الحالي يستوجب إعادة قراءة للدور المدني باعتماد مقاربة مزدوجة ترتكز على التمكين أولا من الأدوات كرصد ومراقبة الميزانيات واقتراح المشاريع والذي أراه السبيل الوحيد للانتقال من مرحلة النقد العاطفي إلى التموقع كقوة اقتراح مُدعمة بالأرقام والدراسات.
ستبقى النصوص القانونية بلا قيمة إذا ظلت حبيسة القوانين التنظيمية فقط بل علينا أن نفعل على الأقل حق تقديم العرائض والمذكرات المطلبية على المستويين المحلي والوطني. وهذا يتطلب من الفاعل المدني الوطني أن يكون أكثر تنظيماً وأكثر إصرارا على الجلوس إلى طاولة التخطيط والتقييم، سواء في برامج العمل المحلية أو في السياسات القطاعية الكبرى.
هي دعوة مني، دعوة من أجل الانضمام إلى مبادرة “المغرب لي بغينا”، المغرب بعيون مواطنيه ويمكن أن نضع أمامنا أوراش مجتمعية كبرى، تبدأ من ضرورة أن تتحقق التنمية رهين بربط الموارد بالمسؤولية، حيث يجب أن نضع أداء المجالس المنتخبة تحت مجهر المساءلة المستمرة والشفافة،لأن المغاربة يستحقون أن يعرفوا أين تُصرف أموالهم، وكيف تُدار جماعتهم.
لا يمكن لمغرب اليوم أن يستمر برأسين في مشهد هجين، مدينة متطورة وقرية تعاني العزلة والتهميش ، وهنا بمكن أن يتجسد دور المبادرة في تتبع وتوثيق الفوارق، وتقديم حلول لضمان استفادة كل جهة من الثروة الوطنية بشكل عادل ومنصف وباستخدام ذكي للرقمنة والذكاء الجماعي لتحويل الشكاوى الفردية إلى قوة تغيير جماعية وموحدة دون أن ننسى قوة المغرب الحقيقية. التي تتجسد في شبابه الذين لا يجب أن نكتفِ بدمجهم بل تمكينهم من خلق حلولهم الاقتصادية بأنفسهم، عبر دعم المقاولات الصغيرة جداً والاقتصاد الاجتماعي التضامني.
الوقت الحالي لم يعد يسمح بجهود متفرقة ومبادرات موسمية،لأن التحديات الراهنة تتطلب رؤية مدنية موحدة، ومُسلحة بالمنهجية، وغير خاضعة لأي أجندة ضيقة ، فاليوم “المغرب لي بغينا والرهان على تفعيل الديمقراطية التشاركية هو رهاننا على المستقبل.
المصدر: العمق المغربي
 
									 
					