المغرب قطع أشواطا مهمة في الحماية الاجتماعية لكنها غير كافية لإنصاف النساء
دق تقرير أممي صدر مؤخرا، والذي كشف عن أن ملياري امرأة وفتاة لا يتمتعن بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، ناقوس الخطر بشأن الوضعية الهشة التي تعيشها العديد من النساء في العديد من دول العالم، ومن بينها المغرب، الذي بالرغم من التقدم الذي أحرزه في مجال الحماية الاجتماعية، إلا أن الفجوة بين الجنسين لا تزال قائمة.
وكشف تقرير أصدرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر، الذي يصادف 17 أكتوبر من كل سنة، عن اتساع الفجوة الجنسانية (أي القائمة على النوع الاجتماعي) في الحماية الاجتماعية، التي تشمل سياسات الإعانات النقدية والحماية من البطالة والمعاشات التقاعدية والرعاية الصحية، مما يجعل النساء والفتيات أكثر عرضة للفقر.
وفي هذا السياق، سجلت الناشطة الحقوقية لطيفة بوشوى، عضو فدرالية رابطة حقوق النساء، المجهودات التي تقوم بها الدولة المغربية في مجال محاربة الهشاشة والفقر والبطالة، وفي جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن النشاط الاقتصادي لدى النساء في تراجع منذ سنين، وذلك راجع لعدة عوامل، وفق تعبيرها.
ومن بين هذه العوامل، تضيف بوشوى في تصريح لجريدة “العمق”، أن النساء يشتغلن في القطاع غير المهيكل وفي البيوت، وهي أعمال لا يتم احتسابها بالرغم من أهميتها، داعية بهذه المناسبة إلى احتسابها في الإحصائيات المبنية على النوع الاجتماعي، للرفع من النشاط الاقتصادي في انتظار هيكلتها والاعتراف بهذه المجالات.
وأوضحت أن المجهودات في هذا الإطار لا تمنع من القول بارتفاع معدل البطالة في صفوف النساء بالقطاعين العام والخاص، وذلك باعتراف تقارير رسمية وطنية ودولية، التي تؤكد على تدني نسبة مساهمة المرأة في التنمية، وبالتالي فهذه المجهودات ليست في مستوى الرفع من مردودية النساء والاعتراف بأدوارهن من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت إن المغرب فتح ورش الدولة الاجتماعية، الذي يتضمن الحماية الاجتماعية والدعم الاقتصادي والذي يعني أيضا النساء، إلا أن هناك إشكالات وتحديات تتمثل في كون الرجل هو الذي يعتبر دائما رب الأسرة، وليست المرأة، رغم أن المرأة يمكن أن تكون موظفة ويمكن أن تكون معيلة للأسرة، ومع ذلك لا تستفيد من الدعم الذي يحول مباشرة للرجل، وهو الواقع الذي لامسناه خلال فترة كوفيد وفي زلزال الحوز وفي الدعم الاقتصادي العام، وفق تعبير المتحدثة.
وأشارت الحقوقية ذاتها ضمن تصريحها إلى ضرورة إعادة النظر في المعايير التي تمكن الفئات المعوزة من الدعم الذي توفره الدولة، خاصة فيما يتعلق بمسألة “المؤشر”. وفي موضوع إجازة الأمومة، أوضحت المتحدثة أن المغرب قطع أشواطا مهمة في هذا الموضوع، داعية في الوقت نفسه إلى الرفع من قيمة التعويض على هذه الإجازة.
ودعت بوشوى إلى إيجاد حلول للعديد من النساء اللواتي لا يتوفرن على الحماية الاجتماعية، خاصة في العالم القروي، وبالتالي غياب تعويض عن الولادة، ونفس الشيء بالنسبة للتقاعد لفئات واسعة من النساء. فضلا عن ضرورة توفير تعليم الفتيات، لأن الهدر المدرسي والأمية ظواهر تعرضهن للفقر أكثر. كما أكدت أن التغيرات المناخية وندرة المياه تؤثر بشكل سلبي على النساء وتجبرهن على العمل أكثر وعلى الهدر المدرسي والزواج المبكر.
يذكر أن تقرير الهيئة الأممية أظهر أن ملياري امرأة وفتاة لا يحصلن على أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية. وقال التقرير إنه في الوقت الذي زادت فيه مستويات الحماية الاجتماعية منذ عام 2015، اتسعت الفجوات بين الجنسين في هذه التغطية في معظم المناطق النامية، مما يشير إلى أن المكاسب الأخيرة استفاد منها الرجال أكثر من النساء، وفق ما أورده موقع الأمم المتحدة.
ويبين التقرير ذاته الحالة المزرية لحماية الأمومة في جميع أنحاء العالم. وأشار إلى أنه على الرغم من أوجه التقدم، لا تزال أكثر من 63 في المائة من النساء في أنحاء العالم يلدن دون الحصول على استحقاقات الأمومة، مع ارتفاع الرقم إلى 94 في المائة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وقال التقرير إن الافتقار إلى الدعم المالي أثناء إجازة الأمومة لا يضع المرأة في وضع اقتصادي غير موات فحسب، بل يعرض أيضا صحتها ورفاهها ورفاه أطفالها للخطر، مما يديم الفقر عبر الأجيال.
ويرسم التقرير صورة قاتمة للطبيعة الجنسانية للفقر، إذ إن النساء والفتيات ممثلات بشكل زائد بين الفقراء في كل مرحلة من مراحل الحياة، مع وجود أكبر الفجوات خلال سنوات الإنجاب. وذكرت الوثيقة ذاتها أن احتمال أن تعيش النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 25 و34 سنة في أسر تعاني من الفقر المدقع يزيد بنسبة 25 في المائة عن الرجال في نفس الفئة العمرية.
المصدر: العمق المغربي