عبر “المعلّم” عبد السلام عليكان، رئيس جمعية “يرمى كناوة” والمدير الفني لمهرجان “كناوة وموسيقى العالم”، عن اعتزازه بالنجاح الذي حققه المهرجان الذي يستعد لتنظيم دورته الـ26 بحضور أسماء موسيقية عالمية، معتبرا أن الصيت العالمي الواسع الذي يحظى به حاليا فاق التوقعات.
وقال عبد السلام عليكان في تصريح لـ “العمق”، إن مهرجان “كناوة ” كان حلما في البداية تطور إلى مشروع على أرض الواقع بعد تضافر جهود مجموعة من الأطراف المحبة للفن الكناوي والتي آمنت بالفكرة إلى أن أصبحت اليوم تظاهرة ثقافية سنوية كبيرة تحتفي بتراث غير مادي خاص بالمملكة.
وأضاف عليكان، أن هناك مجموعة من العوامل التي ساهمت في الزخم الذي يشهده المهرجان منها انفتاح الفن الكناوي على الموسيقى العالمية بحكم أن الأرضية التي يمتلكها تجعله ينسجم مع جميع أنواع الموسيقى، مثل “الجاز” و”البلوز” إضافة إلى أنغام من الهند وباكستان.
وتابع المتحدث ذاته، أن هناك موسيقيين عالمين دمجوا “نغمة تكناويت” غير الخاضعة للقواعد الموسيقية في أعمالهم، إضافة إلى أستاذة كبار في الأغنية المغربية.
واعتبر المدير الفني لمهرجان كناوة، أن ميزة الفن الكناوي تكمن في بساطته وأصالته، وقدرته على التعبير عن وجدان ومشاعر وهموم الشعب ومعاناته، معتبرا أن الجانب الإنساني لهذا الفن وراء القيمة والمكانة التي يحتلها اليوم في قلوب محبيه ومزاوليه الذين يفتخرون بأنهم ينتمون له، وفق تعبيره.
وأشار ذات المتحدث، إلى أن الصويرة مدينة تراثية عريقة لكنها بإمكانيات مالية محدودة، مضيفا أن مهرجان “كناوة” عمل طيلة هذه السنوات على التسويق لها وخلق حركية سياحية واقتصادية فيها، ويبرز ذلك خلال فترة تنظيم المهرجان إذ ينكب عليها السياح من كل حذب وصوب وتحجز فنادقها بشكل كامل، حسب قوله.
وتعهد عليكان، بصفته “معلم” ورئيس جمعية “يرمى كناوة” بمحاربة مجموعة من الممارسات التي يمكن أن تسيء لصورة فن “كناوة” التراثي العريق، وضمان تلقينه للشباب على أكمل وجه ليضل ثراتا مغربيا يتوارث عبر الأجيال.
يشار إلى أن مدينة الصويرة تستعد لاحتضان مهرجان “كناوة وموسيقى العالم” الذي سينظم في الفترة ما بين 19 و21 يونيو الجاري، إذ يرتقب أن تتحول المدينة العريقة إلى مركز عالمي للتلاقح الموسيقي والحوار الثقافي.
يوتخطى هذا الحدث حدود المهرجان التقليدي ليقدم تجربة روحية وإنسانية فريدة، يجتمع فيها معلمو فن كناوة، حماة التراث الروحي الأصيل، بنجوم الموسيقى العالمية في لقاء ساحر يمتد لثلاثة أيام.
ويهدف المهرجان إلى إثراء التبادل الثقافي وصياغة تجارب صوتية مبتكرة، في أجواء تمزج ببراعة بين عمق التقاليد الروحية وحيوية الشباب المعاصر. كما يسعى الملتقى إلى ترسيخ قيم الانفتاح والحرية الفكرية، متخذًا من لغة الموسيقى العالمية جسرًا للتواصل.
و يبرز مهرجان كناوة وموسيقى العالم بطابعه الإنساني الذي يتيح للجمهور عيش تجربة متكاملة تتشابك فيها الأبعاد الروحية والفنية والاجتماعية، مما يجعل من الصويرة وجهة عالمية للباحثين عن التميز والأصالة في آن واحد.
ويرتقب أن تنطلق فعاليات مهرجان كناوة بموكب افتتاحي بهيج يصدح بالإيقاعات والرموز التراثية، حيث يجوب جميع معلمي كناوة شوارع الصويرة في مشهد يعكس الفرح الشعبي والوحدة الروحية، ممهدًا الطريق لأجواء احتفالية تتميز بطابعها البهيج، الروحاني والعالمي.
يلي الموكب حفل افتتاح استثنائي على منصة مولاي الحسن، يضم كوكبة من النجوم العالميين، يتصدرهم المعلم حميد القصري، الرمز الحي للطقوس الكناوية المغربية، إلى جانب فرقة باكالاما السنغالية المتخصصة في إيقاعات ورقصات غرب إفريقيا التقليدية. كما تشارك الفنانتان عبير العابد وكيا لوم، لتنسجا خيوطًا صوتية متنوعة تمزج بين الروحانيات المغربية والإيقاعات التقليدية والموسيقى المعاصرة.
وكشف منظمو المهرجان، أن الأخير يزخر بتجارب موسيقية غنية، حيث يلتقي المعلم حسام كينيا بعازف الطبول الأمريكي ماركوس جيلمور من نيويورك في أداء مشترك فريد على آلة الكمبري. فيما يدخل مراد المرجان في حوار روحي عميق مع ظافر يوسف، رائد الجاز الصوفي.
وتبرز المشاركة النسائية من خلال أسماء حمزاوي وفرقة بنات تمبكتو، اللواتي ينسجن مع الفنانة المالية رقية كوني أغانٍ تجمع بين المقاومة والأخوة النسائية، المشبعة بالتقاليد والالتزام الاجتماعي.
ويقود المعلم محمد بومزوغ، حسب بلاغ توصلت “العمق” بنسخة منه، مشروعاً إبداعياً جديداً يضم كلاً من أنس شليح وألي كيتا وتاو إيرليش ومارتن غيربان وكوينتين غوماري وحجار العلوي، في مغامرة صوتية تربط بين المغرب ومالي وفرنسا. تمتزج في هذا العمل آلات البالافون والكمبري والنفخيات في تركيبة موسيقية تعكس روح التعاون والإبداع الجماعي.
ويشهد مهرجان الصويرة هذا العام حضوراً مميزاً لنجوم الموسيقى والشتات الأفريقي، حيث يلتقي النجم الصاعد سِيمَا فانك من الساحة الأفروكوبية بأسطورة الريغي الملتزم تيكن جاه فاكولي، إلى جانب الظاهرة النيجيرية في موسيقى البوب سي كاي، في لقاء استثنائي يجمع جمهوراً متنوع الأجيال.
وتحظى موسيقى كناوة بتمثيل قوي هذا العام على منصة الشاطئ، حيث يقدم الجيل الجديد من الفنانين عروضاً مميزة إلى جانب الأساتذة الكبار، مما يعكس تواصل الأجيال والحفاظ على التراث الموسيقي الأصيل.
ويؤكد المهرجان على هويته كمساحة للجرأة والابتكار، حيث يقدم فنانون مبدعون مثل فهد بنشمسي أند ذا لالاز، ديوعود، مشروع نِشطيمان، ذا ليلى، ورباب فيزيون مقترحاتهم الفريدة التي تجمع بين الجذور المحلية والتأثيرات المعاصرة، مع التزام صوتي قوي يميز أداءهم.
ويشارك في فعاليات المهرجان 350 فناناً، من بينهم 40 معلماً كناوياً، يقدمون 54 حفلاً موسيقياً على مدار الأيام الثلاثة المكثفة. تتنوع العروض بين الحفلات الكبرى في الهواء الطلق والعروض الموسيقية الوترية، إضافة إلى العروض في الأماكن التراثية، مما يوفر تجربة موسيقية متكاملة في أوقات مختلفة من النهار والليل.
المصدر: العمق المغربي