المساعي المغربية في تطوير القطاع الفلاحي تسائل النهوض بالبحث العلمي
يعاني القطاع الفلاحي في المغرب من تأثيرات الجفاف والتغيرات المناخية المتزايدة؛ ما يضع البحث العلمي أمام تحديات كبيرة في إيجاد حلول مستدامة لتخفيف هذه الآثار.
وتعتبر مؤسسات البحث الزراعي في المغرب، مثل المعهد الوطني للبحث الزراعي، والمدارس الوطنية للفلاحة، فضلا عن الشعب المتخصصة بالجامعات من أبرز الجهات التي يُنتظر منها أن تسهم في تطوير تقنيات جديدة لمواجهة ندرة المياه وتحسين إنتاجية المحاصيل في ظل الظروف المناخية الصعبة.
ويواجه البحث العلمي في المغرب مجموعة من المعيقات؛ منها قلة الموارد المالية المخصصة للمشاريع البحثية الموجهة نحو التغيرات المناخية، وكذلك غياب شراكات استراتيجية بين الجامعات والمؤسسات الفلاحية وغيرها.
في هذا السياق، اعتبر كمال أبركاني، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، أن مؤسسات التكوين والبحث العلمي في المغرب “تعمل على مواكبة التحديات التي تفرضها ظاهرة الجفاف؛ ولكن الاستجابة تختلف بين مؤسسة وأخرى. فعلى سبيل المثال، المؤسسات الفلاحية الكبرى مثل المعهد الوطني للبحث الزراعي، ومدارس مكناس ومراكش، تبذل جهودًا ملحوظة في هذا المجال، من خلال برامج بحثية متعلقة بالهيدروليك والفرز الجيني وطرق الري الحديثة؛ غير أنه بالرغم هذه الجهود، فإ بعض المشاريع ما زالت في مراحلها الأولى وتحتاج إلى دعم إضافي من وزارة الفلاحة على سبيل المثال”.
وشدد أبركاني، ضمن تصريح لهسبريس، على أن هناك “حاجة ملحة إلى إطلاق طلبات عروض وطنية تشمل جميع المؤسسات المعنية بالبحث الزراعي”، مبرزاً أنه، في السنوات الأخيرة، “لاحظنا غيابًا لهذه الطلبات من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار؛ مما يعيق تنفيذ بحوث تهدف إلى إيجاد حلول عملية للمزارعين لمواجهة الجفاف، مثل تقنيات توفير المياه وتحسين إدارة الموارد المائية”.
ودعا الخبير في الهندسة الزراعية ذاته إلى تبني المنظومة البحثية في المغرب “نهجًا شاملًا يتضمن انخراط جميع الفاعلين؛ بدءًا من الجامعات العمومية والخاصة، وصولًا إلى المعاهد الزراعية، وحتى الجماعات المحلية”.
وأبرز أن “هذه الشراكة الموسعة ستكون قادرة على تمويل أبحاث تساهم في تقديم حلول تطبيقية، خاصة في القطاعات الزراعية الحيوية مثل زراعة الحوامض والزيتون”.
كما دعا إلى “إشراك الطلبة الباحثين في سلكي الماستر والدكتوراه في هذه الجهود؛ من خلال منحهم الفرص للعمل على مشاريع بحثية موجهة نحو حل مشكلات المزارعين، وتوجيه البحث العلمي ليكون له تأثير مباشر على المحيط السوسيواقتصادي، وليس فقط إنتاج مقالات علمية”.
من جانبه، قال عبد الله أبودرار، الأستاذ بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، إن برامج البحث العلمي الزراعي لمؤسسات التعليم والبحث الفلاحي كانت دائما، منذ بداية استراتيجية المغرب الأخضر وحتى مع استراتيجية الجيل الأخضر، تنصب في إطار التوجهات الكبرى لهذه الاستراتيجيات وتستجيب لأولويات وإشكاليات وتحديات الفلاحة المغربية”.
وأضاف أن “مواضيع البحث على آليات التكيف والتخفيف من حدة التغيرات المناخية تشكل، اليوم مع توالي سنوات الجفاف وإشكالية ندرة المياه الناتجة عن التغير المناخي، أولوية برامج البحث العلمي للمؤسسات المذكورة؛ مع التأكيد على البحث عن أصناف مقاومة للجفاف، وطرق مبتكرة لعقلنة استعمال الماء والمدخلات الأخرى كالأسمدة دون إغفال أهمية الزراعة الحافظة التي تهدف إلى الإنتاج مع المحافظة على الموارد الطبيعية خاصة التربة والماء”.
وخلص الخبير الزراعي ذاته إلى أن استعمال الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة لتدبير وعقلنة الإنتاج الفلاحي والمواضيع الأفقية الأخرى السوسيواقتصادية “من أولويات البحث الزراعي”.
المصدر: هسبريس