المساعدات تخترق أعالي جبال تارودانت.. ومناشدات لتعويض خراب البنيان
نحن هنا في أقصى الدواوير المنكوبة؛ دوار تكاليت القابع بين الجبال على مسافة 100 كيلومتر عن مدينة تارودانت.
مساعدات تتقاطر من كل مكان، والسلطات تسابق الزمن لتوفير الإيواء للسكان. نساء ورجال الدوار استبشروا خيرا بحجم المساعدات والمؤازرة، لكنهم يأملون دعما يرمم ما خربه الزلزال.
مساعدات في أقصى الجبال
قطعنا مسافة طويلة في أعالي الجبال، تجاوزنا منعرجات خطيرة، وتوقفنا كثيرا لانتظار تسهيل السير من طرف عناصر الدرك الملكي.
في الطريق، عاينا مشاهد الخراب، مقهى تتواجد في قمة جبل كان يقصدها أصحاب السيارات لم يعد لها أثر، فقط أصحابها يحاولون جمع ما يمكن جمعه.
ها نحن نطل على دواوير مترامية هنا وهناك، لا شيء يلوح في الأفق سوى مخلفات الزلزال؛ المنازل مهدمة وخيم منصوبة في أماكن متفرقة.
انقطاع الطريق بسبب الانهيارات المتتالية جعل ساكنة هذه الدواوير محاصرة بين البرد والجوع، لكن سرعان ما بدأت الأزمة تنفرج مع وصول المساعدات صوبها.
عشرات السيارات والشاحنات محملة بالسلع تخترق الجبال صوب أغلا، آيت لحسن، أسيس وتكاليت، وأطنان من المواد الغذائية والأفرشة والأغطية تتقاطر على السكان.
التقينا شبابا قادمين من نواحي أكادير، يوزعون مساعدات على سكان هذه الدواوير، ما يبعث على الأمل في عودة الحياة بهذا المكان.
وجدنا عبد الله بلعسري، فاعل جمعوي قادم من سيدي بيبي بإقليم شتوكة أيت باها، منهمكا رفقة أصدقائه في توزيع المساعدات على دوار سكان أغلا بالقرب مما تبقى من مدرسة يوسف ابن تاشفين.
يؤكد هذا الشاب أنه مع أصدقائه قدموا لتقديم المساعدات للمتضررين، رغم أن ذلك سيخفف القليل فقط من حجم الضرر الذي طالهم جراء الزلزال.
ووفق الناشط الجمعوي ذاته فالمساعدات مستمرة ولا تقتصر على هذه الزيارة لوحدها، إذ يشير إلى أن السكان في منطقة سيدي بيبي التي قدموا منها مازالوا يجمعون كل ما يتعلق بالأكل والشرب والأغطية، لجلبه في الأيام المقبلة.
ويؤكد سكان هذا الدوار المتواجد في أقصى جبال تيزي نتاست أن المساعدات بدأت تتقاطر عليهم من مواطنين قادمين من مناطق مختلفة، ما يخفف عنهم هول الفاجعة وما خلفته من جروح كبيرة.
عبد الله، أحد قاطني الدوار، نوه بهذه المبادرات التي شكلت للمنكوبين سندا في هذه المحنة التي مروا منها، موضحا أن هذا يعكس قيم التضامن والتآزر لدى المغاربة.
ووفق المتحدث نفسه فإن الأضرار التي تسبب فيها الزلزال كانت بليغة، وجعلت الساكنة تفقد منازلها ومستلزماتها، غير أن الدعم المقدم من طرف المحسنين يخفف من وطأة الأمر.
خيم للإيواء
غادرنا دوار أغلا، وانتقلنا إلى دوار تكاليت، مشاهد الخراب تتشابه، والمعاناة نفسها، والمطالب لا تخرج عن ضرورة المساعدة في مواجهة البرد في ظل انهيار المنازل.
عبد اللطيف أطكي، رئيس جمعية السعادة للأعمال الاجتماعية بدوار تكاليت، يؤكد أن المساعدات الغذائية بدأت تصل إلى السكان بعدما كانوا معزولين بسبب انقطاع الطريق.
ووفق الشاب ذاته، الذي تحدث إلى هسبريس، فإن هذه المساعدات الغذائية من شأنها أن تخفف معاناة السكان بعدما فقدوا كل شيء، مضيفا: “ولو أنها لا يمكن أن تسد كل الاحتياجات، لكن نشكر من ساهم في توفيرها وإيصالها إلينا، لكونها ستخفف من الضرر”.
وبالنسبة للناشط الجمعوي وسط هذا الدوار فالسكان يتخوفون من البرد في ظل انهيار منازلهم، لذلك ينشد توفير دعم لوجيستيكي يكون كافيا للجميع في ظل عدم قدرتهم على إصلاحها، بالنظر إلى عوزهم.
ويناشد سكان الدوار السلطات الحكومية تقديم الدعم اللازم من أجل بناء وترميم المنازل حتى يعودوا إليها من جديد، مشيرين إلى أنهم أفنوا عمرهم في تشييدها لكن الزلزال خربها في دقائق قليلة.
وتحركت السلطات على وجه السرعة في هذه الدواوير لتقديم الدعم للسكان، وتوفير أماكن للمبيت وتفادي البرد بشكل مؤقت.
ووفق ما وقفت عليه هسبريس فقد شرعت السلطات في تشييد بعض الخيام في دوار أغلا من أجل إيواء السكان وتجاوز البرد الذي تعرفه هذه المناطق الجبلية خلال هذه الفترة.
مساء، ونحن نهم بمغادرة دوار تكاليت، وصلت كمية من الخيام البلاستيكية، سيتم نصبها، رغم كون عددها يبقى غير كافٍ، وفق شهادات السكان.
فهل تعوض الخيام البلاستيكية ما خربه الزلزال؟ سؤال يتردد في أذهان السكان في انتظار ما ستسفر عنه الأيام.
المصدر: هسبريس