المجلس الأعلى للحسابات يحذر من مخاطر تواجه تعميم الحماية الاجتماعية لكن الحكومة “مطمئنة”

قال المجلس الأعلى للحسابات، إن تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، يعتبر مشروعا مهيكلا وطموحا، “إلا أن تحقيق أهداف هذا التعميم قد تواجهه بعض المخاطر، التي يمكن اعتبارها في آن واحد عوامل نجاح رئيسية للإصلاح”.
وتتجلى هذه المخاطر، وفق تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، نشره اليوم الثلاثاء، في “تمديد آجال الاستفادة الفعلية من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لجزء من السكان المعنيين إلى ما بعد 2022، ويتعلق الأمر بالعمال غير الأجراء والمستفيدين من نظام المساعدة الطبية، بسبب تباطؤ وتيرة التسجيل لكافة الفئات المعنية بالمقارنة مع الآجال المتوقعة”.
وتحدث المجلس أيضا، عن “جدوى واستدامة الجوانب المتصلة بتمويل التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، والتي يتعين توفيرها للمنظومة برمتها، وكذا للأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك”.
ومن المخاطر أيضا، وفق التقرير، “ضعف الحصة المسترجعة لتغطية تكاليف العلاجات الصحية، حيث لا تزال هذه الحصة منخفضة حاليا، لا سيما بسبب عدم تجديد الاتفاقيات التي تحدد التعريفة الوطنية المرجعية، وكذا ضعف التقنين على هذا المستوى إزاء عرض العلاجات بالقطاع الخاص”.
ويرى المجلس الاعلى للحسابات، أن تطوير وتأهيل عرض العلاجات بالقطاع العمومي في شموليته (البنيات الاستشفائية العمومية والخاصة والموارد البشرية والتجهيزات…)، “يعد شرطا أساسيا لنجاح التعميم”، مضيفا أن “جانب الخطورة يتمثل في أن موارد التأمين الإجباري عن المرض، من المحتمل أن تتوجه في أغلبها نحو القطاع الخاص، وبالتالي، يحتمل ألا يقوم المستشفى العمومي بدوره كرافعة لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وألا يستفيد من التمويل المرتقب تعبئته بواسطة هذا النظام”.
وتوقف المجلس الأعلى للحسابات أخيرا، عند “التأخير في تنزيل السجل الاجتماعي الموحد على مجموع التراب الوطني، وخاصة في مجال التحديد الموثوق للفئات غير القادرة على تحمل واجبات الاشتراك، والعمل على تحيين المعطيات ذات الصلة بصفة منتظمة”.
رئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حرصوا على طمأنة قضاة المجلس الأعلى للحسابات بخصوص ملاحظاتهم، وأوضحت رئاسة الحكومة في جوابها على ملاحظات المجلس، أنه “بالرغم من عدم مراجعة الاتفاقيات المحددة للتعريفة المرجعية، يبقى تعويض عدد من الأمراض المزمنة مناسبا للتكلفة العلاجية الحالية، كالقصور الكلوي المزمن والنهائي، واعتلالات صمامات القلب الرثوية، وجراحة القلب”.
وتحدثت رئاسة الحكومة عن “تحكم عوامل أخرى في نسبة التعويض كوصف الأدوية الأصلية عوض الأدوية الجنيسة، أو وصف الأدوية دون أخذ قابليتها للتعويض في إطار التأمين الصحي عن المرض بعين الاعتبار”، وقالت إن “اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية تشتغل على تفعيل مجموعة من الروافع تهدف للرفع من الحصة المسترجعة لتغطية تكاليف العلاجات الصحية واستدامة تمويل التغطية الصحية”.
ومن أجل ضمان التوازن المالي للتأمين الإجباري الأساسي على المرض واستدامته، قالت رئاسة الحكومة إنه “تم الاشتغال على مجموعة من الدراسات بما في ذلك إنجاز دراسة توجيهية تخص الفئات المستهدفة، ودراسة للتحكم في نفقات الأدوية والنفقات الخاصة بالخدمات الطبية والأجهزة، كما تم إحداث العديد من آليات العمل تهم خاصة تعزيز حكامة العرض الصحي وتنسيق مسار الخدمات الطبية، وتنظيم مسار العلاجات على المستوى الجهوي وإحداث السجل الطبي المشترك، و تعزيز جاذبية المؤسسات الاستشفائية العمومية وإمدادها بالموارد البشرية والمعدات اللازمة”.
وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية أنه، بـ”مجرد تعميم التأمين الاجباري الأساسي عن المرض ليشمل الأشخاص المستفيدين من نظام المساعدة الطبية، سيتعين عليهم التسجيل على مستوى السجل الاجتماعي الموحد للتحقق من مدى استيفائهم للشروط التي وضعتها الدولة للاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الانخراط”.
بينما قالت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، إن الدعامات الرئيسية لمشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية، “تعتبر مدخلا أساسيا للرفع من منسوب الثقة والمصداقية في المنظومة الصحية مع استحضار مبادئ حسن التدبير والحكامة الجيدة، مما سيعود بالنفع على جميع المرتفقين الذين سيشملهم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض”.
وشدد وزارة الصحة على أن “المستشفى العمومي سيسكون المستفيد الأول من مخرجات إصلاح المنظومة الصحية، من أجل تقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إطار الخريطة الصحية الجهوية، إضافة إلى إحداث نظام معلوماتي مندمج يهدف إلى جمع ومعالجة كل المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية، وتحسين نظام الفوترة بالمؤسسات الاستشفائية”.
المصدر: اليوم 24