المتحف الوطني للموسيقى بمكناس .. رحلة تنتشي بثراء التعبيرات الفنية المغربية
رحلة في “أصوات المغرب” ترحب بزائر “متحف دار الجامعي” بمدينة مكناس، الذي صار “متحفا وطنيا للموسيقى”.
تستقبل الزائرَ صورُ أسطوانات “الفينيل” التاريخية لناس الغيوان، وعبد الهادي بلخياط، ومحمد الحياني، وبناصر أوخويا، وحميد الزاهر، وحاييم بوطبول، وبنعمر الزياني، وغيرهم من أعلام النصف الثاني من القرن العشرين، قبل أن يحطَّ الرحال بجانب آلات موسيقية متعددة، “تلذّذ معاني” فنون البلاد.
وبباحة “دار الجامعي” يرحب رائد الملحون المغربي الراحل الحسين التولالي بضيوف مسقط رأسه، قبل ولوج أولى القاعات المخصصة لصناعة الآلات الموسيقية بالمملكة: عود مشرّح قطعة قطعة، وشروحات ومعروضات عن صناعة النحاس الذي تستعمله آلات، وصناعة الجلد الحاضر في أُخَر.
ينطلق بعد هذه القاعة سفر في مختلف التعبيرات الموسيقية للمجال المغربي: موسيقى الريف، والهيت، والروايس، والموسيقى الأمازيغية، والموسيقى الحسّانية، والطرب الأندلسي المغربي، والعيطة، والملحون، والموسيقى المغربية اليهودية، وموسيقى عيساوة وكناوة واحمادشة، وغيرها، وصولا إلى “الموسيقى الحديثة والمعاصرة”.
في كل محطة من هذه المحطات الموسيقية ترافقُ الزائرَ أنغامُها، وألبسة مُؤدّيها، وأدواتهم الموسيقية، ومعلومات عن نشأتها، وما ألهمها، وحضورها اليوم.
ولا يشجع هذا المتحف الزيارة الثقافية الخفيفة فقط، بل يقدم في عدد من غرفه وثائقيات تدعو الزائر إلى استثمار دقائق في التعرف على موسيقى من الموسيقات، ومسارات مؤدّيها، ودلالاتها الثقافية.
هذا المغرب الحاضر في المتحف متعدد لا أُحادي، بتعدد الجهات والتعبيرات المغربية، وتنوع الآلات والألبسة، وتعدد الاقتباسات الثقافية المُمَغْرَبة أيضا.
ويحيل المعرض على كتابات حول الموسيقى المغربية، تجاور التعريفات المختصرة المقترحة على الزوار باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
كما يُعرّف المتحف بآلات موسيقية مستعملة في يوميّ النّغم المغربي، من قبيل “البندير”، و”النّفّار”، و”الهجهوج”، وما إلى ذلك.
ومن بين ما يقرّب المتحفُ فهمَهُ الأصولُ الدينية، والاستعمالات التعبدية والعلاجية لألوان موسيقية حالية مثل موسيقى “عيساوة”، و”كناوة”، و”حمادشة”.
كما يقدم “المتحف الوطني للموسيقى” خريطة تفاعلية تدعو إلى موقَعة لما تعرّف عليه الزائر جغرافيا، من أقصى شمال البلاد إلى حدودها مع موريتانيا.
وفي ختام الزيارة يربط المتحف الماضي المتعدد بالحاضر المغربي؛ تعبيراتٌ موسيقية متنوعة صار أصحابها أعلاما على المستويات الوطنية والقارية والدولية، فتجاور نعيمة سميح الرابّور “مسلم”، وسكينة فحصي، وجيل جيلالة، والشيخ مويجو، وآخرين يحملون لواء تعبيرات موسيقية مغربية أصيلة، أو يجددون دماءها بتعبيرات بلدان وثقافات أخرى.
المصدر: هسبريس