اخبار المغرب

المؤسسة الملكية تنهج استراتيجية تواصلية منتظمة بشأن قضايا سياسية داخلية

تفاعلاً مع بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الذي “استهجَن” مواقف عبر عنها وزير الخارجية، لم يتأخر رد الديوان الملكي في بلاغ رسمي وَضَع النقاط على الحروف في ما يخص العلاقات مع إسرائيل، ومواقف المملكة الثابتة من القضية الفلسطينية.

بلاغ الديوان الملكي الذي عمّمته وكالة المغرب العربي للأنباء، في وقت مبكر من صباح الإثنين 13 مارس، تفاعل مع مخرجات اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ليوم السبت 4 مارس 2023، الذي كانت فقرة من بيانه النهائي تضمنت “بعض التجاوزات غير المسؤولة والمغالطات الخطيرة في ما يتعلق بالعلاقات بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل، وربطها بآخر التطورات التي تعرفها الأراضي الفلسطينية المحتلة”، وفقه.

“تقعيد” التواصل الملكي

رغم ما قد يبدو أنها “ندرة” في تواترها، يُعتبر هذا البلاغ “استمراراً لسلسلة سابقة من بيانات الديوان الملكي التي تكرس التواصل والتفاعل مع ما يعتمل في الساحة السياسية المغربية”، يورد محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية المتخصص في التاريخ السياسي للمغرب، معتبرا أنه “من الطبيعي أن تتواصل المؤسسة الملكية في إطار تعبيرها عن تطورات الساحة السياسية ونقاشاتها”.

وأكد شقير، في تصريح لجريدة هسبريس، أن التواصل السياسي للمؤسسة الملكية بالمغرب شهد “عملية تقعيد واضحة منذ تولي الملك محمد السادس العرش، عبر تعيين ناطق رسمي بالقصر الملكي، فضلا عن خروج بلاغات أو بيانات منتظمة بخصوص قضايا مختلفة”.

“تواصل القصر بالمغرب ليس وليد اليوم، إلا أنه شهد تطوراً متسارعا خلال العقدين الماضيين”، يشدد الباحث المتخصص، معدداً بلاغات سابقة صدرت في مواقف مشابهة، مثلا في 2015 ضد حزب “التقدم والاشتراكية”، بخصوص “قضايا سياسية داخلية” حينها؛ أو حتى عندما كان بنكيران رئيسا للحكومة وانتقد بعض مستشاري الملك، قبل أن يضطر للاعتذار بعد خروج بلاغ للديوان الملكي يوضح خلفيات وتفاصيل الواقعة…

المتحدث لهسبريس لم يغفل الإشارة إلى أن بلاغات “الإعلان عن تطورات صحة الملك لعموم المغاربة” يدخل ضمن المنحى نفسه الذي يبصم وجود “إستراتيجية تواصلية” للقصر الملكي، لافتا إلى أن “إحداث منصب ناطق رسمي باسم القصر الملكي أو التواصل عبر إصدار بلاغات موضوعاتية محددة أو تفاعلية مع بعض القضايا يغطي ربّما العدد النادر من الحوارات الإعلامية الملكية مع منابر إعلامية”.

أداة تواصلية إستراتيجية

اعتبر شقير أن إستراتيجية التواصل الملكي بالمغرب تنبني على “أداتيْن أساسيتيْن” تشكّلان العمود الفقري لهذه الإستراتيجية التي ما فتئت تنتهج الوضوح مع المواطنين ومع تطورات الساحة.

وحدد الباحث في التاريخ السياسي للمؤسسات هاتين الأداتين في كل من الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، و”بلاغات وبيانات توضح منظور الملك أو المؤسسة الملكية”. وفي حالة بلاغ “البيجيدي” فإن الأمر، يتعلق، بحسب شقير بـ”الرد على بعض مواقف الأطراف السياسية، من خلال تحديد والتأكيد على ترسيم المجال المحفوظ للملك (السياسة الخارجية للبلاد) مع تصويب الموقف والتنبيه إلى تجاوز اختصاصات فاعل حزبي”.

وذهب المتحدث إلى أن البلاغ الملكي ينطوي على “نوع من التوبيخ” بخصوص قضية طالما شكلت صدارة اهتمام المؤسسة الملكية، بشكل “أعاد رسم المجال المسموح به للفاعل الحزبي التحرك ضمن إطاره العام”.

سياق ودلالات

من جهته، سار عباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية السويسيالرباط، في المنحى نفسه، مؤكدا أن “بلاغ الديوان الملكي ليوم 13 مارس 2023 جاء واضحاً بشكل يسائل، في العمق، دلالات التوقيت والخروج غير المبرَّر الذي أثارت فيه الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية موضوع التطبيع وعلاقات المغرب وإسرائيل، الذي كان سعد الدين العثماني جزءاً من توقيعه بصفته رئيس الحكومة المغربية خلال 2020”.

وسجل الوردي، ضمن تحليله للوقائع موضوع البلاغ، أن “بنكيران شخصية صدامية متمسكة بالنهج نفسه رغم وصول الحزب إلى حضيض التمثيلية في الولاية الحكومية الحالية”، محذرا في تصريح لهسبريس من أن “يصير الحزب رهينة شخصيةِ أمينه العام الذي تجاوز ما يسمح به هامش التعبير عن مواقف الحزب والدبلوماسية الحزبية المقبولة إلى التدخل في السياسة الخارجية للمملكة كمجال محفوظ دستوريا للمؤسسة الملكية والملك شخصياً”.

المحلل السياسي ذاته وصف بلاغ الديوان الملكي بأنه “تصويب لرأي حزبي قد يضرّ بصورة المملكة دافعاً خصوم المغرب إلى استغلال هذه النقطة ضد مصالح البلاد ومواقفها الإستراتيجية”، كما أنه “جاء بمثابة تذكير بضرورة التوقير اللازم لشخص الملك ودوره في قيادة السياسة الخارجية للبلاد”.

وخلص المتحدث ذاته: “إذا كان ما عبّر عنه بوريطة يشكل غصّة لدى بنكيران وأمانته العامة فلماذا لم يَستهجنوا مواقفه حين كان وزيرا للخارجية في حكومتيْ العدالة والتنمية طيلة ولايتيْن”، مذكّرا بأن “البيجيدي كان حاضراً وممثلا عبر أمينه العام السابق العثماني في توقيع الاتفاق الثلاثي أمام أنظار جلالة الملك”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *