في كرة القدم، لا يكفي أن تقترب من الكأس لتُتوّج بها، فالمجد لا يعترف إلا بمن يحسم التفاصيل الصغيرة. وبينما كان الشغف الجماهيري المغربي يحلم بفرحة قارية غير مسبوقة، تكررت الخيبة في مشهد يشبه سابقه حد التطابق.

للنسخة الثانية على التوالي، تصل لبؤات الأطلس إلى محطة التتويج، ثم يتبخر الحلم في اللحظة الحاسمة. فهل هي مجرد كبوة في طريق مشروع طموح؟ أم أن هناك خللاً أعمق يتطلب المراجعة؟.

ورغم الوصول لنهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات للمرة الثانية تواليًا، لم ينجح المنتخب المغربي النسوي في تحقيق حلم التتويج باللقب القاري. خسارة أعادت إلى السطح تساؤلات كثيرة حول مكامن الخلل داخل المنتخب، خاصة من الناحية الفنية والبدنية، كما عبّرت عن ذلك الإطار الوطني والمدربة خديجة بوطلحة في تصريحاتها لجريدة “العمق”.

في قراءتها الفنية للمباراة، قالت بوطلحة إن الشوط الأول كان جيدًا من الناحية التكتيكية والفنية، مؤكدة أن “اللاعبات قدمن ما عليهن”، وتمكنّ من مجاراة الإيقاع العالي لنيجيريا خلال النصف الأول من اللقاء.

واعتبرت أن ذلك الشوط كان نتيجة تحضير بدني جيد واستثمار للمجهود الفردي للاعبات، مضيفة: “الشوط الأول دائمًا للاعبين، لكن الشوط الثاني يجب أن يُظهر لمسة المدرب، وهو ما غاب تمامًا في هذه المباراة.”

الانتقادات طالت الجهاز الفني للمنتخب، حيث أكدت خديجة أن غياب التغييرات الفعالة والتدخلات التكتيكية المناسبة كلّف المنتخب الكثير، قائلة: “لم نرَ ذاك التغيير الناجع الذي يُحدث الفارق. لم تُعالج مواضع الخلل كما يجب، ولم يُدبَّر نسق المباراة بشكل جيد.”

لكن الانتقاد الأبرز كان موجهًا للجانب البدني الذي اعتبرته خديجة أحد أبرز أسباب الهزيمة، موضحة: “نحن ضعفاء جدًا بدنيًا، ونيجيريا كانت أفضل منا بكثير في هذا الجانب. كل حركة تقنية تحتاج إلى جهد بدني، وهذا ما افتقدناه في الشوط الثاني.” وتابعت: “في غياب فريق ثانٍ يُعوَّل عليه لإكمال المباراة، تراجع الأداء وانهار النسق.”

وإلى جانب المعاناة البدنية، أثارت المدربة نقطة حساسة تتعلق بالإعداد الذهني، حيث بدا المنتخب المغربي مهزوزًا نفسيًا بعد الهدف الأول، تقول: “الحالة النفسية للاعبات لم تكن على ما يرام. بعد الهدف الأول فقدن التركيز، ومع الهدف الثاني انهار الفريق تمامًا. حتى ردة الفعل غابت بعد ركلة الجزاء غير المحتسبة.”

تصريحات خديجة وضعت الأصبع على جملة من النواقص البنيوية داخل المنتخب، من غياب الإعداد الذهني المناسب، إلى ضعف الاستعداد البدني وعدم التوفق في اختيار منتخبات قوية في المباريات الودية، مرورًا بتدبير فني غير ناجع في لحظة كانت تتطلب حضورًا قويًا للمدرب على دكة الاحتياط.

كما شددت بوطلحة على ضرورة التفكير في المستقبل، معتبرة أن “التشبيب أصبح ضرورة ملحّة”، وأنه يجب البحث والتنقيب عن مواهب جديدة شابة قادرة على حمل المشعل في قادم المنافسات، لتوفير منتخب يتمتع بنفس طويل وقادر على مجاراة المنتخبات الكبرى بدنيًا وفنيًا، ك

ما بات لزامًا على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وطاقم المنتخب مراجعة اختياراتهم، وضخ دماء جديدة على مستوى الطاقم الفني والإعداد الذهني والبدني، إن كان الهدف فعلاً تجاوز مربع الشرف واعتلاء منصات التتويج.

ويذكر أن المنتخب النيجيري للسيدات توج بلقب كأس أمم إفريقيا “المغرب 2024”، بعد فوزه على المنتخب المغربي بثلاثة أهداف مقابل هدفين، في المباراة النهائية التي احتضنها الملعب الأولمبي بالعاصمة الرباط.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.