في سياق ورش مراجعة القوانين الانتخابية بيّن مركز المؤشر للدراسات والأبحاث أن الصيغة المعتمدة في ترتيب المرشحين حوّلت نظام اللائحة واللوائح الجهوية إلى “أداة مخصصة للنساء فقط”، و”جعلت الشباب في وضعية إقصاء شبه دائم”، مُوصيا بـ”كوطا” تفصل بشكل واضح بين الجنسين، كما طالب باعتبار “البكالوريا” حدا أدنى مطلوبا للترشح لمجلس النواب ومجالس الجهات.
وذكر تقرير “الرؤية الإصلاحية لمركز المؤشر للدراسات والأبحاث في مجال إصلاح القوانين الانتخابية”، الصادر حديثا، بخصوص نظام اللائحة واللوائح الجهوية للنساء والشباب، أن “التجربة أظهرت مفارقة عميقة بين الأهداف المعلنة والنتائج الفعلية”.
“كوطا” تفصل الجنسين
أوضح التقرير، في هذا الصدد، أنه “تم تقديم هذه اللوائح باعتبارها آلية لتمكين النساء والشباب من ولوج المؤسسة التشريعية”، مستدركا بأن “الصيغة التي اعتمدت في تحديد ترتيب المرشحين جعلت الشباب في وضعية إقصاء شبه دائم”، لتتحول هذه الآلية إلى “أداة مخصصة للنساء فقط”.
وعدّ المصدر ذاته أن هذا “ما يفرغ التسمية من مضمونها ويخلق حالة من الالتباس”، وزاد: “أبانت الممارسة عن كون هذه اللوائح كثيرا ما أصبحت مجالا لتوزيع الريع السياسي؛ حيث تمنح المقاعد بناء على اعتبارات مصلحية أو ولاءات شخصية أكثر من استنادها إلى معايير الكفاءة والجدية”.
ولأجل معالجة هذه الإشكالية بدا للمركز ضروريا “الإبقاء على كوطا 90 مقعدا مخصصا للنساء والشباب، لكن مع فصلها بشكل واضح بين الجنسين عبر تخصيص 60 مقعدا للنساء و30 مقعدا للشباب، وذلك في إطار لوائح جهوية مستقلة، تضمن حضورا حقيقيا لهذه الفئة الأخيرة في المؤسسة التشريعية”.
واستدرك المصدر عينه بأن “مجرد إحداث هذه الكوطا لا يكفي، بل لا بد من فرض معايير دقيقة للترشح تضمن أن تكون هذه المقاعد مخصصة للطاقات الفعلية القادرة على الإسهام في العمل البرلماني، وأن يتم القطع مع منطق ‘الترضيات’ أو ‘المقابل المادي’ الذي أضر بصدقية هذه الآلية”.
وأشار التقرير نفسه إلى أن “أزمة التمثيلية السياسية في المغرب تعد من أبرز مظاهر اختلال البناء الديمقراطي، وهي أزمة لا تعكس فقط حدود النصوص القانونية المنظمة للانتخابات، بل تعكس عجز النخب السياسية عن تجديد نفسها، وعن قصور الأحزاب في إنتاج قيادات مؤهلة قادرة على تجسيد تطلعات المواطنين”، بحسبه.
وأوضح المصدر ذاته أن “النظام الحزبي، في ممارسته الواقعية، مازال رهينا لمنطق الأعيان والوجوه الانتخابية المرتبطة بالنفوذ المالي والاجتماعي، وهو ما أضعف منسوب الثقة في المؤسسات المنتخبة وأفرغ الفعل السياسي من مضمونه التمثيلي والرقابي”.
شرط البكالوريا
في هذا الصدد استحضر التقرير أن “الترشح ليس مجرد حق فردي، بل هو وظيفة عامة تمس جوهر العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، إذ إن المترشح لا يمثل نفسه بل يمثل مئات الآلاف من المواطنين الذين ينيبونه عنهم في التشريع والرقابة وصياغة السياسات”، وأردف: “من هنا يصبح من المشروع، دستوريا وأخلاقيا، أن يقترن هذا الحق بقيود موضوعية ومعايير كفيلة بضمان جودة الممارسة الديمقراطية”.
ومن هذا المنطلق اقترح المركز البحثي أن يتضمن الإطار القانوني شروطا موضوعية للترشح، تقوم على مستويين: أولهما المستوى العلمي والمعرفي، حيث دعا إلى اعتبار شهادة البكالوريا الحد الأدنى المطلوب للترشح لمجلس النواب، بما يتلاءم مع طبيعة المهام التشريعية والرقابية المعقدة، وكذلك للترشح لمجالس الجهات، “على اعتبار أن هذه المؤسسات تضطلع بمهام إستراتيجية في مجال التنمية الجهوية وتحتاج إلى حد أدنى من التأهيل”.
أما بخصوص مجالس الجماعات والعمالات فدعا المركز إلى تحديد الشهادة الابتدائية كشرط أدنى للترشح، “مًراعاةً لخصوصية هذه المؤسسات المحلية من جهة، ولتوازن حق الترشح مع متطلبات الفعالية التدبيرية من جهة ثانية”.
أما المستوى الثاني من الشروط المذكورة فيتعلق بالتجديد النخبوي والشبابي، حيث يقترح التقرير “فرض كوطا إلزامية داخل الأحزاب السياسية بنسبة 20 في المائة من وكلاء اللوائح البرلمانية من فئة الشباب أقل من 35 سنة، شريطة توفُرهم على شهادة الماجستير أو ما يعادلها”؛ وذلك “لإعادة ضخ دماء جديدة وإحداث قطيعة مع الاحتكار التقليدي للوجوه
الانتخابية”.
المصدر: هسبريس