تشكل التجارب السياسية الحزبية الدولية رافدا من الروافد البنيوية والتدبيرية للمناخ الحزبي السياسي ومن خلاله تكريس محوري للغة التواصل السياسي مع القواعد لا أقول الانتخابية في صبغته الضيقة وإنما الشعبية والمواطنة.
تشكل التحولات اللامتناهية التي تشهدها المنظومة الدولية والمؤسسة سلة عريضة ولا متناهية من التحولات المفصلية لثنايا الخريطة السياسية والتي اصبحت وفي ظل اتساع رقعة ظاهرة العولمة تسارع الزمن عبر محاولة الاعتماد المتواصل والمضطرد للتكنولوجيات الحديثة ومن خلالها الوسائط الاجتماعية الشعبية وليست الشعبوية وذلك بهدف بلوغ دفة التدبير الحكومي لقضايا الشأن العام ، فهل أقنعت الأحزاب السياسية أم لم تقنع؟.
إن المطالع للمشهد السياسي الدولي المقارن في باب التواصل السياسي الحزبي لتستوقفه مجموعة من الملاحظات ويتعلق الأمر بمؤشرين مركزيين :
المؤشر الأول : يطغى عليه التوجه التقليدي في التواصل مع القاعدة المواطنة ، والتقليدانية لا علاقة لها بالمحافظة على المنسوب الاديولوجي ذلك ان هذه الاخيرة لا تمانع البتة من تطوير اللغة واللهجة السياسية قصد توسيع رقعتها ، وهو أمر لازال يساهم والى حدود كتابة هذه الاسطر في استفحال نمطية متجاوزة للخطاب السياسي في بعض الانظمة الحزبية السياسية ما يتمخض عنه تعاظم ظاهرة العزوف السياسي وخاصة في صفوف الشباب والكفاءات القادرة وبضمان انخراطها في الفعل السياسي من صناعة الفارق الايجابي والذي يرتبط في بدايته ونهايته بماهية التنمية في جميع تمثلاتها ،
المؤشر الثاني : وهو النموذج الذي اصبح اكثر جاذبية للقواعد المواطنة التي اصبح لها احتكاك متسع النظير بعالم التكنلوجيات الحديثة ، هذه الاخيرة التي اصبحت تشكل بوقا واقعيا لايصال صوت الساسة بصوت مرتفع ، على أوسع نطاق وبسرعة فائقة ، أمر يدفع ببعض الانظمة الحزبية الدولية باعتماد اليات الكراسي السياسية المقترنة بنظام المناظرة السياسية الحزبية اقنع ام لم يقنع ناهيك عن خلقها لقنوات الاعلام السياسي الازرق المتجدد على مدار الاربعة والعشرين ساعة والكفيل بالجمع الاني والمستعجل للملاحظات والمطامح التي تعبر عنها القواعد الشعبية المواطنة ، وهو ما يساهم في التوسيع المضطرد للاختيار المواطن المتنامي والكفيل بتوسيع رقعة المشاركة السياسية عبر بوابة الديمقراطية التمثيلية ، وهو أمر تنجح من خلاله احزاب بعينها وحتى في ظل النظام الحزبي التعددي في صناعة الفارق ومن ثمة تدبير قضايا الشأن العام بما يتماشى ورؤية العصر ، ذلك ان التحولات العميقة التي يشهدها العالم ومعه الفكر الانساني قد تجاوزت الخطاب السياسي التقليدي الذي يعتمد فقط على الشخص السياسي والذي يعرفه البعض فيما لا يعرفه البعض الاخر مما يسهم لا محالة في استمرار تراجع نسب المشاركة السياسية ومن ثمة اتساع رقعة الفوارق المجالية وتكريس بنية السرعتين.
ان هذين المؤشرين ليسا بمتناقضين لا لشيء الا ان التقليدي لا يختلف عن الحداثي بل يكملان بعضهما البعض ولكن على اساس تواصلي عنوانه براغماتية الخطاب السياسي وسرعة وصوله الى مسامع المتلقي .
ومن هذا المنطلق ، فان اعتماد الية الكراسي السياسية ستسعف لا محالة في خلق مناخ مواكب للمتغيرات العولماتية ومن ثمة توظيف الياتها بهدف ضمان التطوير المضطرد الناجع والفعال لتدبير قضايا الشأن العام.
المصدر: العمق المغربي
